الخميس 12 ديسمبر 2019 / 12:45

العراقيون ينسفون أحلام خامنئي والخميني.. معاً

24- زياد الأشقر

كتب كسرى عربي المحلل في "معهد طوني بلير للتغيرات العالمية" في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن قاسماً مشتركاً يربط احتجاجات بغداد وبيروت، ويكمن في شعور عميق وواسع بكراهية النظام الإيراني، خاصةً في المدن التي تنزف دماً في العراق، الذي يعتبره قادة إيران ملكاً لهم منذ 1979.

من اللحظة التي انتصر فيها الخميني في إيران عام 1979، وضع نصب عينيه تصدير الثورة إلى العراق الذي يغلب على سكانه الشيعة

ومنذ تفجر الاحتجاجات في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتلت قوى أمنية مختلفة، بما فيها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، أكثر من 400 عراقي وجرحت 20 ألفاً آخرين.

وليست ثمة شكوك في أن الزعيم الايراني علي خامنئي وقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، يوجهان القمع الوحشي، وهناك أدلة تؤكد هذا الاعتقاد.

ضوء أخضر
ونظراً إلى المزاج المعادي لإيران في الشوارع العراقية، بضرب المتظاهرين صور خامنئي بالأحذية، تماماً كما فعلوا بصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين في 2003، فإن خامنئي المتوتر، لم يتردد في التدخل.

وبعد وصفه الإضطرابات بمؤامرة من الخارج، دعا خامنئي القوى في العراق إلى "معالجة انعدام الأمن والاضطرابات"، وهي عبارة تعني الضوء الأخضر للميليشيات المؤيدة لإيران لتسحق المتظاهرين في العراق.

وأشار الباحث إلى أن بصمات سليماني موجودة في أنحاء أخرى من العراق أيضاً. فبعد اندلاع التظاهرات، سافر الجنرال الإيراني سراً إلى بغداد للاجتماع مع المسؤولين الأمنيين، وحضهم على استخدام الحزم مع المتظاهرين، قائلاً: "في إيران نعرف كيف نتعامل مع الاحتجاجات"، في إشارة إلى القمع العنيف للتظاهرات السلمية في إيران، ومن ثم على نحوٍ متزايد في سوريا. وبعدها، تجاوز عدد القتلى في العراق المئة، ما يؤكد النفوذ الإيراني.

من الخميني إلى خامنئي
وتساءل الكاتب عن المصدر الذي تستمد منه طهران نفوذ فيبغداد، مشيراً إلى أن العلاقة بين النظام الإيراني وبعض الشخصيات العراقية القوية، تعود إلى أربعة عقود. ومن اللحظة التي انتصار الخميني في 1979، وضع نصب عينيه تصدير الثورة إلى العراق الذي يغلب على سكانه الشيعة.

وعند الخميني كانت السيطرة على النجف، وكربلاء، أقدس مدينتين عند الشيعة، تعني السيطرة على أتباع المذهب الشيعي الذين يبلغ عددهم 200 مليون نسمة في العالم.

المهندس والعامري
ولتحقيق هذا الهدف، استثمرت طهران في القوتين التقليدية والناعمة لتوسيع نفوذها في العراق، وأتت هذه السياسة ثمارها في نهاية المطاف.

ومن أقوى الشخصيات في العراق اليوم أبو مهدي المهندس، وهادي العامري، المسؤولان السابقان في الحكومة العراقية، ويقودان أقوى الفصائل الموالية لإيران، بعد أن جندهما الحرس الثوري في بداية الثمانينات لنشر الثورة الإسلامية في العراق. لكن الخميني لم يعش ليرى السيطرة على العراق، بينما تتمتع بها خليفته خامنئي.

وتحرك إيران اليوم 100 ألف مقاتل في الميليشيات العراقية، ولاء بعضها لخامنئي أكبر من ولائه لدولته، وغالباً ما تقوض هذه الميليشيات سيادة الدولة، تعمق التوترات الطائفية، وكان ظهور تنظيم داعش في 2014، أبرز نتائج هذه التوترات. ودفع الوضع الجديد إيران إلى زيادة تدخلها في المجتمع العراقي، وزرع بذور الاضطراب.  

حجم التدخل الإيراني
ولفت الكاتب إلى أن ما تسرب من برقيات الاستخبارات الإيرانية، يسلط الضوء على حجم التدخل الإيراني وطبيعته في العراق، من العملاء في الميليشيات إلى الإشراف على المؤسسات السياسية. وتؤكد هذه البرقيات ما يعرفه المحتجون أصلاً عن تسخير طهران مقدرات هائلة لفرض قيادة موالية لها والسيطرة على بغداد.

ويرى المحتجون في سياق أوسع، في إيران سبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والحكم الفاسد في العراق، ما عزز المشاعر المعادية لإيران في الشوارع.

وقال الباحث إن مزاجاً مماثلاً يمكن لمسه في لبنان، أين يتحدى حزب الله، الوكيل القديم لإيران، التظاهرات المناهضة للحكومة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. والاحتجاجات في لبنان، التي كانت علمانية، ظاهرة نادرة في تركيبة طائفية هشة في هذا البلد، حركتها الاتهامات بالفساد والرغبة في استبدال مؤسسة جامدة لا تستجيب لتطلعات الناس، والتي بات حزب الله جزءاً منها.