جندي تركي في تل أبيض.(أرشيف)
جندي تركي في تل أبيض.(أرشيف)
الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 / 16:05

أسلوب تركيا الصدامي سيرتد عليها

أعد الكاتب السياسي توماس سيبيرت تقريراً لصحيفة "ذي آراب ويكلي" اللندنية أظهر اعتماد تركيا بشكل متزايد على إمكاناتها العسكرية في سياساتها الخارجية مما أدى إلى توترات إقليمية ودولية. وبرز آخر هذه التوترات مع روسيا بسبب احتمال نشر قوات تابعة لها في ليبيا. بعد تعرضها للعزلة بشكل كبير في أوروبا والشرق الأوسط حيث بقيت قطر حليفتها الوحيدة، تستعرض تركيا عضلاتها مع سوريا والشرق الأوسط واليوم في ليبيا.

حين يكون أسلوب الدولة الديبلوماسي صدامياً، علامَ تحصل؟ على الصدامات

تبدو أنقرة على مسار تصادمي مع موسكو حول خطط لنشر قوات من أجل مساعدة حكومة طرابلس المدعومة من الإسلامويين. ونقلت شبكة أن تي في الإعلامية في العشرين من ديسمبر الحالي عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقاده وجود شركة فاغنر الخاصة في ليبيا إلى جانب المشير خليفة حفتر مضيفاً أنه "لن يكون صواباً بالنسبة إلينا البقاء صامتين ضد كل هذا." وكانت روسيا قد أعلنت في وقت سابق أنها "قلقة جداً" من احتمال نشر قوات تركية في ليبيا، وفقاً لوكالة إنترفاكس.

دراسات الجدوى اكتملت

أعلن أردوغان مؤخراً أن بلاده جاهزة لإرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق التي تتلقى أصلاً دعماً عسكرياً تركياً. وقال في حديث إلى قناة خبر التركية في 15 ديسمبر "سنحمي حقوق ليبيا وتركيا في شرق المتوسط. نحن أكثر من مستعدين لإعطاء أي دعم ضروري لليبيا." وذكر موقع خبر تورك نقلاً عن مصادر عسكرية، أن أنقرة قد تبني قاعدة عسكرية في ليبيا مثل تلك الموجودة في قطر إذا طلبت الحكومة الليبية ذلك. وكتب تشيتينر تشيتين في خبر تورك أن دراسات الجدوى حول القاعدة الليبية قد اكتملت. ولم يكن هنالك تأكيد رسمي.

لا أصدقاء
يرى سيبيرت أن الحكومة التركية تحاول إسماع صوتها في المنطقة، لكن المقاربة لا تُكسبها أصدقاء وهي بعيدة من أن تطبق شعار "صفر مشاكل مع الجيران" الذي يروج له الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية. في هذا الإطار، قال الباحث غير المقيم في المركز العربي واشنطن دي سي مصطفى غوربوز للصحيفة اللندنية: "يدفع حلفاء أردوغان القوميون إلى النشاط العسكري في شرق المتوسط ضد اليونان وقبرص." في السنوات الأخيرة، أصبح العمل العسكري الأحادي سمة أكثر انتظاماً للسياسة الخارجية التركية مما يضع البلاد على مسار تصادمي مع الجيران والقوى الإقليمية والأطلسية.

علاقاتها الإخوانية وخطاباتها العثمانية
حيّا أردوغان في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) "القوى الأمنية التي ترفع علمنا بفخر في سوريا، العراق، قطر والعديد من الأماكن الأخرى." وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن أردوغان بناء قاعدة عسكرية ثانية في قطر. ينتشر الجنود الأتراك في الصومال أيضاً. مؤخراً، أضافت أنقرة انتشاراً للطائرات غير المسيرة في الجزء التركي من قبرص. منذ عقد، كانت القوة الناعمة ل "النموذج التركي" ل "ديموقراطية مسلمة" مركز السياسة الخارجية التركية. وكتب المحللان في الشأن التركي في معهد الشرق الأوسط غونول تول وبيرول باسكان أن "الشرق الأوسط رحب ب ‘تركيا الجديدة‘ وانخراطها الجديد في المنطقة." لكن الصورة تغيرت.

أظهر اندلاع العنف كما في الحرب السورية حدود القوة الناعمة. همشت علاقات تركيا مع الإخوان المسلمين وخطاباتها العثمانية الجديدة الحكومات في الشرق الأوسط فيما تدهورت علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال غوربوز: "وراء ازدياد النشاط العسكري لتركيا سقوط ما كان يُعرف سابقاً بـ "النموذج التركي‘".

سبب داخلي
في المشهد الداخلي لتركيا، دفع انخفاض التصويت لصالح الحزب الحاكم الرئيس التركي للاعتماد على الحلفاء القوميين لتأمين غالبية في البرلمان. يشير غوربوز إلى أن انزلاق أردوغان نحو التسلط وغياب شركاء سياسيين غير قوميين في أنقرة أدى إلى تعزيز البيروقراطيين القوميين والجيش التركي في شؤون السياسة الخارجية. وأضاف: "التغيير في السياسة السورية، على سبيل المثال، كان نتيجة لحلف أردوغان الجديد مع الأوراسيين (المؤيدين للتقرب أكثر من روسيا والصين)، القوميين والجنرالات الكماليين".

ما ستحصده
أطلق التدخل الأخير في سوريا مواجهة مع الولايات المتحدة لأنها دعمت وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا. وفي الوقت نفسه هددت تركيا بتحرك عسكري لوقف تنقيب دول أخرى عن الغاز قبالة قبرص مما رفع التوترات شرقي المتوسط. قالت أنقرة إن نمطها الصلب يهدف إلى إسماع صوتها للموقف التركي. وقال مسؤول تركي طلب عدم الكشف عن اسمه إن هذا الأسلوب "يخلق فرصة للتفاوض".

لكن مراقبين يشككون بإمكانية أن تعود هذه المقاربة بالمصلحة لتركيا. فقد كتب سايمون هندرسون من معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى في صحيفة ذا هيل: "حين يكون أسلوب الدولة الديبلوماسي صدامياً، علامَ تحصل؟ على الصدامات".