الأحد 19 يناير 2020 / 12:43

مقتل سليماني يطلق صراعاً على السلطة في إيران

دعا مدير الشؤون السياسية في منظمة "متحدون ضد إيران نووية" جايسون برودسكي متابعي الملف الإيراني إلى التركيز على ثلاث نقاط قد تشكّل منطلقاً لصراع سياسي داخلي لملء الفراغ الذي تركه اغتيال القائد السابق لقوة القدس قاسم سليماني.

يمكن إدارة روحاني اليوم محاولة انتزاع سلطة إضافية من الحرس خصوصاً مع تلقيه اللوم على إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران

 لقد جسّد الأخير مصدر خوف في الداخل والخارج وتمتع بسلطة رمزية وجوهرية. وبينما كان يخدم تقنياً تحت سلطة قائد الحرس الثوري، فإنه استطاع أن يحجب غالباً أولئك الذي يملكون أعلى المراكز فيه.

من سليماني إلى سلامي؟
ذكر برودسكي في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أن النظام تحرك سريعاً لإيجاد بديل لسليماني فأصدر ترقية لنائبه اسماعيل قآني ليشغل منصبه. قضى الأخير معظم وقته يخدم كنائب لسليماني. لكن قآني يترقى إلى المنصب الأعلى في وقت وصل قائد الحرس الثوري حسين سلامي إلى موقعه منذ أقل من سنة.

في وقت قصير، ترأس سلامي عملية إصلاح شاملة في أعلى المراكز فعيّن نائباً جديداً للقائد الأعلى ونائب منسق ورئيساً للباسيج ومديراً لمقر الإمام علي للأمن المركزي. في حين أن خامنئي يوافق على تعيين جميع هؤلاء الأفراد، فإنّ سلامي هو من يصدر التوصيات. يشكل ذلك دليلاً على أن القائد الجديد يثبت نفسه في محاولة لكسب الإمرة على البيروقراطية الواسعة للحرس الثوري بعدما قادها سلفه لأكثر من عقد.

سيواجه قآني هذه الدينامية القيادية الجديدة وهو يتقلّد منصبه. وذكرت وكالة الاستخبارات الدفاعية أن قائد الحرس الثوري أدار جميع نشاطات الحرس لكن سيطرته كانت أقل في ما يتعلق بقوة القدس الذي كان لقائدها خط تواصل منفصلاً عن خامنئي.

بعد مقتل سليماني، قد يسعى سلامي لفرض السيطرة على هذا الفيلق خصوصاً مع وجود فرق في الرتبة العسكرية بين سلامي وقآني. فالأخير هو عميد بينما الأول هو لواء. تمت ترقية سليماني إلى هذه الرتبة سنة 2011 الأمر الذي مكنه من التصرف كنظير لقائد الحرس الثوري عوضاً عن أن يكون تابعاً. وهذا مناقض لقادة جميع فروع الحرس الأخرى كالقوات البرية والجو-فضائية والباسيج وهم جميعهم عمداء.

صناعة القرار حول خامنئي
تابع برودسكي أن رحيل سليماني عن المشهد قد ينتج تنافساً في دائرة صناعة القرار المحيطة بخامنئي. للأخير مستشارون عسكريون مثل يحيى رحيم صفوي وحسين دهقان وهما مسؤولان سابقان في الحرس الثوري. وهنالك أيضاً الأعضاء الحاليون في المجلس الأعلى للأمن القومي والذين خدموا جميعهم في الحرس الثوري: أمينه العام علي شمخاني، رئيس هيئة أركان القوى المسلحة محمد باقري، وحسين سلامي نفسه. في حين أن قائد قوة القدس ليس عضواً في المجلس الأعلى للأمن القومي، حافظ سليماني على علاقة خاصة مع خامنئي.

هذا ما أكدته وكالة الاستخبارات الدفاعية التي أشارت إلى أنّ تلك العلاقة "مكنته غالباً من تقديم الاستشارة مباشرة وتلقي الأوامر خارج سلسلة القيادة التقليدية." مع رحيل سليماني، ومجيء قاآني صاحب الرتبة العسكرية الأدنى قد يؤمن ذلك لمستشاري خامنئي العسكريين وأعضاء مجلس الأمن القومي أوراق اعتماد لمحاولة ملء هذا الفراغ.
وهنالك دليل أصلاً على صراع نفوذ محتمل داخل النظام، حيث أنكر شمخاني مقابلة نسبتها إليه وسيلة إعلامية إيرانية، قال فيها إن إيران حددت 13 سيناريو انتقامياً لمقتل سليماني.

وزارة الخارجية

قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤخراً بسرد علاقة العمل الوثيقة مع سليماني حيث كانا يتناولان الفطور بشكل أسبوعي لأغراض تنسيقية. لكن هذا التوصيف يغطي على توترات بشأن دور الوزارة في السياسة الخارجية الإقليمية. استقال ظريف السنة الماضية بعدما لم تتم دعوته ولا حتى إبلاغه بلقاء خامنئي مع الرئيس السوري بشار الأسد. وكان سليماني نفسه حاضراً الاجتماع. لكن الدراما أبعد من ذلك الاجتماع اليتيم.

سمح ظريف لحسين أمير عبداللهيان بالبقاء كنائب لوزير الخارجية للشؤون العربية إرضاء للحرس الثوري الذي كان يتمتع بعلاقة وثيقة معه. لكن إدارة روحاني أقالته من منصبه في يونيو (حزيران) 2016 في خطوة وصفها البعض بأنها تعزيز للسيطرة على ملف الشؤون الخارجية الإقليمية.

تصدرت قوة القدس المشهد في السياسة الخارجية الإيرانية في لبنان والعراق وسوريا وغيرها. واختار سليماني سفير إيران الحالي في العراق إيراج مسجدي الذي خدم في الحرس الثوري. لكن يمكن إدارة روحاني اليوم محاولة انتزاع سلطة إضافية من الحرس خصوصاً مع تلقيه اللوم على إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران.

أشار برودسكي ختاماً إلى أن قآني ظهر مؤخراً إلى جانب المرشد الأعلى الأمر الذي يقترح انتقالاً سلساً، لكن بينما سيحل قآني محل سليماني نظرياً، سيقدّم رحيل الأخير عملياً إمكانية خلط الديناميات داخل النظام.