الأربعاء 22 يناير 2020 / 16:49

لبنان.. إلى المواجهة در

لم يكن حظ اللبنانيين هذه المرة مع الحكومة مختلفاً عن سابقاتها من حكومات سياسية مثلت القوى الموجودة في السلطة وخصوصاً الملتحقة بحزب الله.

الفارق اليوم أن أعضاءها ليسوا مشهورين كثيراً في عالم السياسة، ولكنهم أعضاء حزبيين أو مستشارين لوزراء ومنتمين سياسياً لحزب الله وحلفائه في القوى التابعة لإيران.

رئيس الحكومة حسان دياب أعلن أن مرحلة "تناتش" الحصص انتهت، فيما شهد اللبنانيين خلال المرحلة الماضية انهيار المفاوضات لتشكيل الحكومة بين "التيار الوطني الحر" التابع لرئيس الجمهورية ميشال عون، وبين تيار المردة وحركة أمل وغيرها من قوى سياسية متحالفة مع إيران، حيث وصل "تناتش" الحصص الوزارية بين هذه القوى إلى مرحلة إلغاء أطراف بكاملها في سبيل الحصول على العدد الأكبر من مقاعد الحكومة.

الرد على دياب جاء سريعاً من المحتجين فانتقلوا إلى الشوارع المحيطة بالمجلس النياببي في وسط بيروت رفضاً لحكومة الأحزاب المغطاة باسم "التكنوقراط"، ولكن القوى الأمنية المولجة بحماية البرلمان التابعة لحركة أمل أطلقت قنابل الغاز المسيل، ورشت على المحتجين مواد من بخاخات تقشر جلد المصابين بها.

رد المحتجين الرافض للحكومة جاء لعدة أسباب، أولاً هي ليست حكومة اختصاصيين، فالمقاعد وزعت بشكل عشوائي وليس حسب الاختصاصات، أي أنها ليست حكومة الوزير المناسب في الوزارة المناسبة. ثانياً، هي حكومة أحزاب سياسية، من حزب الله إلى تيار عون والمردة وأمل ومن تبقى من حلفائهم. ثالثاً، هي حكومة مواجهة مع الداخل عبر وزير الداخلية المحسوب على قوى قريبة لحزب الله، ومواجهة خارجية، حيث لم يعد العالم قادراً على تقبل تنظيم إرهابي في إدارة لبنان، ما يعني عدم موافقة الدول العربية والمجتمع الدولي على دعم الحكومة اللبنانية. رابعاً، الفاسدون في السلطة عينوا وزراء تابعين لهم، ما يعني أن الهدر والفساد مستمرين ولا يمكن وقفهما.

ولكن حتى الآن يبدو أن الشارع لا يريد أن يخرب لبنان، بل يبحث الناشطون عن حلول للأزمة الاقتصادية ولو عبر حكومات الفساد، وهذه الثورة كما أعطت خلال الأشهر الماضية للحكومة المستقيلة وللقوى السياسية فرصة لتقديم حلول ناجعة، حيث أبقى النشطاء على سلمية التحركات رغم تهجم عناصر حزب الله عليهم في مناطق عدة، هذه المرة أيضاً يبدو أن المتظاهرين سيعطون الحكومة الجديدة فرصة قد تمتد لنحو شهر، لرؤية مصير الوعود التي تبدأ بوقف السرقة والهدر والفساد في مؤسسات الدولة.

الأهم أن حكومة اللون الواحد التي يقودها حزب الله لن تجد فرصة للتهرب من مسؤوليتها باتهام الأطراف بتعطيل العمل الوزاري، فهم متجانسون، ويستطيعون اتخاذ قرار واضح بمحاربة الفساد.. أو دعم الفاسدين لاستكمال سرقة ما تبقى في لبنان من إمكانيات لم يهدرها تحالف طغمة ”السلاح الميليشيوي، والمال عبر المصارف والشهوة للسلطة“.