الإثنين 27 يناير 2020 / 14:10

دعم السعودية لقبرص أساسي لاستقرار المنطقة

رأى المستشار البارز في مركز تحليلات دول الخليج ومقره واشنطن الدكتور تيودور كاراسيك أن قرار المملكة العربية السعودية دعم قبرص في معركتها شرقي المتوسط يهدف إلى حماية الدولة من التدخل التركي. وقبرص غاضبة من محاولة تركيا التنقيب عن الغاز الطبيعيّ وسط توترات متزايدة حول احتياطات الطاقة في المنطقة.

السعودية تعمل على التعاون مع دول عدة من داخل وخارج المنطقة لمواجهة ودحر التمددين التركي والإيراني معاً

وفيما تتهم قبرص تركيا بخرق القانون الدولي عبر إرسال سفن للتنقيب في منطقة استكشاف مرخّصة أصلاً لشركتي إني الإيطالية وتوتال الفرنسية، تصعّد الرياض نشاطها الديبلوماسي.

السعودية والاتحاد الأوروبي متوافقان
وكتب كاراسيك في صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية أنه بعد زيارة وزير الخارجية القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى الرياض الأسبوع الماضي ولقائه الملك سلمان، أعلنت المملكة أنها تقف إلى جانب قبرص وتدعم سيادتها. وأعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن دعمه الكامل لقبرص. وتجدر الإشارة إلى موقف السعودية حيال قبرص مشابه لموقف الاتحاد الأوروبي الذي أعلن دعمه لسيادة قبرص وهدد تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان بأنه سيمنع عن بلاده بعض المساعدات المالية.

القوة الناعمة للسعودية

يكمن الجانب الأهم في الخطوة السعودية تجاه قبرص في ارتباطه بالصراع التركي حول النفوذ في منطقة المتوسط حيث تسعى للسيطرة على مساحات بحرية عبر استخدام اتفاق غير شرعي مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. يبدو أن السعودية ستستخدم القوة الناعمة. ويضيف كاراسيك أنه من وجهة نظر الرياض، ليس بإمكان تركيا مجاراتها في الاستثمار داخل دول قريبة من أنقرة – لكنها مناوئة لأردوغان – وهي تحاول الحد من نفوذ تركيا.

تمتد أراضي جمهورية قبرص على القسم الجنوبي من الجزيرة فيما تحتل تركيا القسم الشمالي. التطرق إلى هذه المسألة سيجعل قبرص قضية محورية على رأس العديد من القضايا في منطقة شرقي المتوسط المتزايدة التقلب.

الغضب مشتعل
بعد توقيع حكومة أردوغان على اتفاق مع حكومة الوفاق قضى بتقديم تنازل عن حقوق اقتصادية بارزة في مياه المتوسط لصالحه، أعلنت أنقرة أنها أرسلت سفناً للتنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص بما فيها المنطقة التي فوضت الحكومة القبرصية الشركتين الأوروبيتين لقيادة المهمات الاستكشافية. مثل اليونان، أعربت جمهورية قبرص عن معارضة شديدة للاتفاق.

من المؤكد أن الغضب مشتعل. دعا الرئيس القبرصي نيكوس أناستاساديس إلى تحرك إقليمي جماعي ضد الخطوة التركية التي شكلت خرقاً للقوانين الدولية المرتبطة بالحدود البحرية بين الدول. وأعلن رئيس البرلمان القبرصي الدعم لمجلس النواب الليبي في جهوده لإقناع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية لسحب اعترافها بحكومة الوفاق وتقديم دعمها للجيش الوطني الليبي.

حماية الممرات المائية

أضاف كاراسيك أن السعودية تعمل على التعاون مع دول عدة من داخل وخارج المنطقة لمواجهة ودحر التمددين التركي والإيراني معاً. إن تأسيس مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي يضم السعودية والسودان وجيبوتي والصومال وإريتريا ومصر واليمن والأردن هو جزء من جهد لإنشاء منظمات أمنية إقليمية يمكنها حماية الممرات المائية من الدول العدوانية. علاوة على ذلك، إنّ افتتاح قاعدة برنيس العسكرية المصرية على شاطئ البحر الأحمر يساعد على تأمين الشواطئ الجنوبية والمصالح الاقتصادية المصرية في البحر الأحمر كما تأمين حماية لحركة الملاحة المبحرة إلى ومن قناة السويس.

نظرة مستقبلية
يشرح الكاتب أن هذه الهيكلية الجديدة، مدموجة بالخلافات المستمرة حول قبرص ودول أخرى إزاء حقوق تركيا البحرية، تملأ الفراغ في جزء من منطقة خالية من الهيكليات الأمنية على الرغم من قيمتها العالية، حيث يجلب هذا الفراغ منافسين من خارج المنطقة. بالنسبة إلى السعودية، تشكل خطوات تركيا ضد قبرص مثلاً آخر عن اعتداء أنقرة. من هنا، إن توسيع مفهوم أمني كهذا مدعوماً من جيران إقليميين قد يكون ضمن نظرة مستقبلية قريبة للرياض.

المشرق
ويضيف كاراسيك زاوية أخرى لهذه التطورات: المشرق. يرى ملك الأردن قبرص كدولة "تلعب دوراً بارزاً في إيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي." ويدافع جميع شركاء قبرص عن حقوقها بالتنقيب عن الموارد الطبيعية المكتشفة في منطقها الاقتصادية. كذلك، تكشف تحركات أخرى تعزز دور قبرص في المنطقة بما فيه دعم نيقوسيا للبنان في عدد من أزماته. وبنى أناستاسياديس زياراته السابقة إلى السعودية على حل المسائل التي يواجهها لبنان. بالنظر إلى مأزق لبنان الحالي، يندرج التحرك السعودي لمساعدة قبرص في رؤية واسعة للمسائل الأمنية في المتوسط والتي تُبرز المزيد من المساحات والحدود المتنازع عليها.