الأربعاء 29 يناير 2020 / 13:47

هل يلاقي خامنئي مصير تشاوشيسكو؟

عندما قامت الثورة الرومانية عشية عيد الميلاد عام 1989، ارتبك ملالي إيران بشدة، لذا يرى كريستيان أوليفر، محرر سياسي لدى موقع "بوليتيكو"، أن تلك الثورة تقدم اليوم دروساً بشأن احتمال خروج الأزمة السياسية المتصاعدة في الجمهورية الإسلامية عن السيطرة.

وبينما خرجت الأمور عن سيطرته في رومانيا، كان يحتفى بالديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو في طهران بصفته ضيف شرف. وعندما عاد إلى بلاده وأعدم على الفور، ارتبك قادة أيران لأنهم كانوا قد فرشوا لتوهم السجاد الأحمر لطاغية احتقره شعبه. وانتقدت صحف وبرلمانيون الرئيس الإيراني آنذاك، علي أكبر رفسنجاني، ووزير خارجيته علي أكبر ولايتي.

وكان على المرشد الأعلى المعين حديثاً علي خامنئي أن يعيد الأمور إلى نصابها. ودعا إلى الوحدة حيال مأزق الحفاوة بتشاوشيسكو، وأقيل سفير إيران لدى رومانيا لأنه لم يحذر قادته من أن نهاية طاغية رومانيا كانت وشيكة.

تشابه مذهل
وبعد ثلاثين عاماً، ما زال خامنئي ومستشاره البارز ولايتي يديران المشهد في طهران. ويرى كاتب المقال بأنه يفترض به التمعن في التشابه المذهل بين إيران 2020 ورومانيا 1989. فكما رومانيا في الثمانينات، أصبحت إيران رهينة جهاز استخباراتي واسع وأشبه بالمافيا، وجد طرقاً للإثراء فيما يترنح الاقتصاد الإيراني. وذلك يجعل من الصعوبة بمكان تصدر النظام، وخاصة عندما يكون المرشد في الثمانين، وتجري أحاديث حول خلافته. ويبدو أن خامنئي سيكون كبش فداء لجهاز أمني ونخبة حاكمة تريد التمسك بمواردها النقدية غير المشروعة.

ويشير كاتب المقال إلى تداعي الاقتصاد الروماني خلال الثمانينات، نتيجة رغبة تشاوشيسكو الشديدة بالحد من الديون الخارجية. وانتشر الفقر والجوع، واصطف الناس في طوابير للحصول على الطعام وتم تقنين الطاقة. لكن عملاء الأجهزة الأمنية والشرطة السرية سيطروا على التجارة الخارجية، والتهريب والعملة الصعبة. وعندما سقط جدار برلين أدركوا، مثل أجهزة استخباراتية أخرى في أوروبا الشرقية، بأنهم بحاجة للاستيلاء على السلطة من الداخل. واليوم يصف عدد من الرومانيين أحداث عام 1989 بكونها انقلاباً داخلياً( نوع من السرقة) أكثر مما هي ثورة، وكان رجال الأمن أكبر الرابحين.

توقعات كئيبة
ويقول كاتب المقال إن تلك الأحداث تحيلنا على ما يجري في إيران.
وبالنسبة لمعظم الإيرانيين، تبدو التوقعات الاقتصادية قاتمة، في ظل حملة "ضغط أقصى" يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبسبب عقوبات خانقة، تدنت صادرات النفط إلى جزء ضئيل من مستوياتها النظامية، وارتفع التضخم إلى أعلى من 30٪، وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، انكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5٪ خلال عام 2019.

ولكن، وفقاً للكاتب، ما زال الحرس الثوري الإيراني يحظى بامتيازات كبيرة لأنه يسيطر على حركة الحدود. وهذا يعني أنه لا يستطيع تهريب الوقود والمخدرات وحسب، بل بناء شبكة محسوبيات معقدة مع مدراء مصانع يريدون التهرب من دفع رسوم جمركية على مكونات أساسية. ومن خلال وحدة الهندسة، خاتم الأنبياء، يسيطر الحرس الثوري على كل شيء بدءاً من الغاز البحري وصولاً إلى مترو طهران.

وكما كان حال جهاز الأمن الروماني في عام 1989، يواجه اليوم الحرس احتجاجات واسعة عمت جميع الفئات الاجتماعية والعرقية في إيران، واشتد أثر العقوبات الاقتصادية، لدرجة أن قوى شبه عسكرية لا بد أن تكون قد شعرت بوطأته. ويكمن الكابوس بالنسبة للحرس الثوري في انهيار الصرح بأكمله، وحرمانه من عائداته.

استشعار توترات
وعندما استشعر خامنئي التوترات، طالب الحرس في عام 2018، بوجوب تخفيف قبضته على النشاطات التجارية. ولكن سعيد محمد إسلامي، الرئيس النافذ لوحدة خاتم الأنبياء، مصمم على مضاعفة نشاطه، وحتى أنه قال يوم السبت الماضي، وفقاً لراديو فاردا، خدمة إخبارية تدعمها أمريكا، إنه يتطلع لتنفيذ مزيد من مشاريع تكرير النفط والبتروكيماويات.

وبعد مقتل مئات في احتجاجات شهدتها إيران في نوفمبر( تشرين الثاني)، وانكشاف كذب النظام بشأن إسقاطه طائرة ركاب في الشهر الحالي، يتعرض اليوم خامنئي لضغوط لم يواجه لها مثيلاً من قبل.

ويلفت الكاتب إلى أن الاحتجاجات الأخيرة ركزت على مهاجمة  شخص خامنئي، بعدما كان ذلك محرماً، وارتفعت أصوات تنادي بـ" الموت للطاغية" وأحرق محتجون صوراً للمرشد.

شخصنة
وإلى هذا الحد، من السهل تفسير هذه الشخصنة، وحيث لم يعد الإيرانيون قادرين على تحمل الدولة البوليسية الفاسدة والقاسية. ولكن كاتب المقال يرى أن ذلك قد يصب أيضاً في صالح الحرس الثوري الذي سوف يسعى لملء الفراغ إن احتاج الأمر إلى خلع المرشد كما جرى مع تشاوشيسكو، ويصبح عندها خامنئي كبش فداء لجرائم نظام أوسع بكثير.