قائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران (رشيف)
قائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران (رشيف)
الثلاثاء 4 فبراير 2020 / 11:51

بعد مقتل سليماني... كل الميليشيات الشيعية تحت جناح الحرس الثوري

عندما قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في مطار بغداد فجر 3 يناير( كانون الثاني) الماضي، لم يكن هو الوحيد المستهدف، إذ كان بصحبة مجموعة من الضباط الإيرانيين، فضلاً عن أبو مهدي المهندس، قائد ميليشيا كتائب حزب الله العراقية.

من السهل فهم استراتيجية الجمهورية الإسلامية في تشكيل ميليشيات محلية لتمكين إيران من شن حرب ضد الولايات المتحدة أو آخرين بشيء من الإنكار

وقبل أيام من مقتل المهندس، اتُهمت منظمته بقصف قاعدة في كركوك ما تسبب في مقتل متعاقد أمريكي. وبعد أيام، شاركت كتائب حزب الله في حصار السفارة الأمريكية في بغداد. 

ولفت جوناثان شانزر، نائب رئيس معهد الدفاع عن الديمقراطيات، في موقع "كومنتري ماغازين"، إلى تحول أول من نوعه في الأعوام العشرين الماضية في السياسة الخارجية الأمريكية، إذ حمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران المسؤولية، معتبراً أن مهاجمي السفارة، والغارة الصاروخية على كركوك، سواءً كانوا من إيران، أو وكلاء لها في العراق، فإن على طهران دفع الثمن. وبضربة واحدة، قضى على شخص قاد، منذ نهاية التسعينيات، حرباً دموية بالوكالة ضد أمريكا وعدد من دول الخليج.

ويرى كاتب المقال أن باغتياله سليماني، نفذ ترامب، بلا شك، أخطر عملية في عهده. ولم تكن العملية مجرد عقاب لإيران على ما ارتكبه وكلاؤها، بل أكدت الإدارة أنه لن يسمح لإيران، وبعد الإفلات طيلة عقود من العقاب، بعد اليوم بالتخفى خلف ميليشياتها.

وفي هذا السياق، يشار لما كتبه في 2008، جون برينان، المحلل السابق لدي "سي آي إي"، عما اعتبره قضية منطقية تمنع أمريكا من الرد على عنف وكلاء إيران في الشرق الأوسط.

كتب برينان "لا شك أن الدعم الإيراني لتلك التنظيمات يعزز قدرتها على تنفيذ عمليات إرهابية، لكن ليس معروفاً دور مسؤولين إيرانيين في قرارات تتخذها تلك التنظيمات. وفيما تصنف بعض أنشطة تلك التنظيمات في خانة الإرهاب، تُعتبر معظم الهجمات التي تنفذها، عمليات شبه عسكرية في طبيعتها، وتنفذ ضد أهداف قتالية، مثل قوات إسرائيلية عند الحدود اللبنانية، أو قوات التحالف في العراق".

قناعة
وحسب الكاتب، توصل برينان، مدير السي آي إي في عهد باراك أوباما، مع مجموعة من المسؤولين العسكريين والأمنيين، إلى قناعة بأن استخدام إيران لوكلائها في مهاجمة أمريكيين أو مصالح أمريكية.

ونتيجة لذلك، مضى سليماني في مهامه قائداً لفيلق القدس، من 1998 إلى 2020.

ووردت اعتداءات سليماني الأكثر دموية ضد الولايات المتحدة ضمن دراسة شاملة أعدها الجيش الأمريكي، بعنوان "الجيش الأمريكي في الحرب العراقية".

ويلفت معد الدراسة إلى تسلل فيلق القدس إلى العراق، بعد نهاية المرحلة الأولى من الحرب العراقية في 2003، ثم اغتيال قادة في نظام صدام حسين، وإنشاء مقار آمنة لعمليات لاحقة.

ومن يومها، باشرت فرق تابعة لقوات الحرس الثوري، تنظيم، وتدريب، وتسليح ميليشيات تدعمها إيران. واستُهدف وبشكل متزايد، جنود أمريكيون بمتفجرات خارقة للدروع.

واختتمت الدراسة بأن "النظام الإيراني استخدم فيلق القدس وبدائله العراقيين لشن حرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة، بأقل كلفة ممكنة".

سلسلة متعمدة
وتوصل كاتب الدراسة إلى أنه "عندما ثبت وقوف إيران خلف سلسلة من الهجمات المتعمدة والممنهجة ضد أمريكيين، استعرضت الولايات المتحدة ردوداً محتملة، ثم امتنعت عن الرد بصورة عدوانية تحسباً من تصعيد إيراني".

لكن بحلول 2014، بدأت إدارة أوباما تعتبر أن وكلاء إيران شركاء في تحالف تشكل حينها لمحاربة داعش.

وتنازلت الدولة العراقية عن واجباتها الأمنية، وأوكلتها لمقاتلين موالين لإيران. وأصبح ضباط إيرانيون جزءاً لا يتجزأ من ميلشيات عراقية. وسرعان ما ظهر سليماني في بعض معسكرات تلك الميليشيات بصور سيلفي، وهو يشجع المقاتلين على مواصلة القتال.

ويلفت الكاتب إلى امتناع الولايات المتحدة عن استعداء تنظيمات حليفة لإيران على أساس مساهمتها في حماية أمن العراق، ومعارضتها لداعش.

إنكار
لكن قيادة سليماني لميلشيات إيرانية امتدت خارج العراق، ووصلت إلى سوريا، أين قتلت ميليشيات، مثل "فاطميون" و"زينبيون" آلافاً لا تحصى من السنة. وكان هدفها المعلن الدفاع عن نظام الأسد، ولكن في حقيقة الأمر، كان ترمي إلى حماية المصالح الإيرانية في سوريا. كما أظهرت الولايات المتحدة تناقضاً مشابهاً مع وكلاء إيران في اليمن، ميليشيا الحوثيين.

ولكن، في رأي الكاتب، من السهل فهم استراتيجية إيران في تشكيل ميليشيات محلية لتمكين إيران من شن حرب ضد الولايات المتحدة أو آخرين، مع شيء من الإنكار. وإلى ذلك، تمثل تلك الميليشيات أهمية لاستراتيجية النظام الإيراني لبسط سيطرته عبر الشرق الأوسط. ولتحقيق تلك الغاية، يحتاج النظام الإيراني ليس لوكلاء وحسب، بل إلى منظمات قوية ونافذة.

ولتأكيد تلك الصورة، عقد أخيراً أمير حاجي زاده، قائد القيادة الجوية في الحرس الثوري، مؤتمراً صحافياً، وتحدث فيه وخلفه أعلام الحرس وميلشيات حزب الله، والحوثيين، والفاطميين،
والزينيين. وبدت الرسالة واضحة "إيران تقود جميع تلك الميلشيات التي تشكل محوراً للتحريض ضد أمريكا بعد مقتل سليماني".