الرئيس الإيراني حسن روحاني يزور مفاعل بوشهر.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يزور مفاعل بوشهر.(أرشيف)
الأحد 9 فبراير 2020 / 12:21

تقرير أمريكي: التعاون الإقليمي يحفظ أمن الشرق الأوسط

منذ توليه السلطة، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقليص الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط. لكن سياساته تجاه المنطقة لم تحقق الاستقرار بما يسهّل انسحاباً كهذا.

نظام إيران الرجعي يرى أن النظام الإقليمي الحالي يقضي بعزله، ولذا يوجه طاقاته لتحدي تلك العزلة. ولن يتغير سلوك إيران ما لم تجد لها مكاناً في هذا النظام

وينتقد والي نصر، أستاذ في مركز ماجد خضوري للعلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة جون هوبكينز الأمريكية، سعي واشنطن للتركيز على شيء وحيد، وهو استبدال الصفقة النووية لعام 2015 بأخرى تقيد أيضاً برنامج طهران الصاروخي وأنشطتها في المنطقة. فقد أدى السعي إلى مثل ذلك الاتفاق لا لزعزعة استقرار المنطقة فحسب، بل عرض أيضاً المصالح الأمريكية للخطر.

كسر إرادة
فقد اعتمد ترامب على حملة "الضغط الأقصى" بهدف خنق الاقتصاد الإيراني من أجل كسر إرادة زعماء إيران. ولكن عوض استسلامها، قلصت طهران من التزامها بشروط الصفقة النووية لعام 2015، وأسقطت طائرة أمريكية دون طيار، وهاجمت ناقلات ومنشآت نفط في منطقة الخليج، وهاجمت مصالح أمريكية في العراق. وانتقمت الولايات المتحدة عبر اغتيالها، في 3 يناير(كانون الثاني)، قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني. ونجم عن ذلك أزمة، ما كشف بأن ترامب أخطأ في تقديراته عندما تخيل بأن حملة أقصى ضغط ستكون سهلة ودون تكلفة. وثبت أن لإيران أيضاً القدرة على ردع هجمات ضد مصالحها، وأن سياسة ترامب تهدد بإشعال حرب لا تحتاج إليها الولايات المتحدة، أو لا تريدها.

تنافس
وحسب كاتب المقال، في الماضي، شكل احتواء إيران نقطة مركزية في مقاربة واشنطن للأمن في الشرق الأوسط. ولكن، في الوقت الحالي، لم يعد تحقيق ذلك الهدف ينطوي على حكمة أو استدامة. ويتضارب احتواء إيران مع أولويات أمريكية أخرى، كالتنافس مع الصين وروسيا، كما لم يؤد لتحقيق استقرار مستدام في المنطقة.
   
ومن هذا المنطلق، يعتقد الكاتب بوجوب أن تراجع الولايات المتحدة سياستها حيال الشرق الأوسط. وعوض محاولة احتواء إيران، عليها العمل على تشكيل نظام إقليمي يخفض التوترات ويحفز على الاستقرار.

جوار مشترك
ويرى الكاتب في أنه حتى في حال نجحت إدارة ترامب في توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، لا يتوقع أن تصبح المنطقة أكثر استقراراً. وعوض ذلك، سيدرك ترامب أن اتفاقاً نووياً هو اتفاق الحد من التسلح. ونتيجة له، يمكن أن يعالج ذلك الاتفاق أحد الهواجس الدولية، لكنه قد لا يحل في نهاية الأمر القضايا الأمنية الأوسع في الشرق الأوسط، أو يغير الحسابات الاستراتيجية الإيرانية.

وباعتقاد كاتب المقال، تتنافس اليوم دول في الشرق الأوسط، ويشتد الصراع على زعامة المنطقة، بما يثير سباقاً خطيراً على التسلح في كل شيء بدءاً من الأسلحة التقليدية والصواريخ والميليشيات وصولاً إلي جيوش إلكترونية وأسلحة ذات تقنيات متطورة. ولن تنهي صفقة نووية جديدة لوحدها هذا التنافس، وتضع المنطقة على مسار مختلف، أو تغير من مفهوم إيران لأمنها.

ضرورة ملحة
لكن، وبرأي الكاتب، عبر استبعاد خطر طارئ وفتح الباب أمام الديبلوماسية مع إيران، قد توفر صفقة للولايات المتحدة فرصة لتخفيض وجودها في المنطقة. ويجعل ذلك الاحتمال من نظام إقليمي قابل للحياة ضرورة ملحة.
ويشير الكاتب لحقيقة أن السياسة الأمريكية انطلقت من فرضية أنه كي تتصدى الولايات المتحدة لدوامة خطيرة من انعدام الأمن في المنطقة، عليها معالجة سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة.

ولكن يرى الكاتب وجوب الإشارة إلي أن نظام إيران الرجعي يرى أن النظام الإقليمي الحالي يقضي بعزله، ولذا يوجه طاقاته لتحدي تلك العزلة. ولن يتغير سلوك إيران ما لم تجد لها مكاناً في هذا النظام، وحصولها على اعتراف أطراف خارجية بأن لها مصالح مشروعة بشأن تطورات يشهدها العالم العربي.

مبادرة
ويتوقع الكاتب صعوبة بناء نظام إقليمي جديد لأن فجوة ثقة عميقة تفرق إيران عن جيرانها العرب. ولكن الشرق الأوسط يواجه اليوم ضغوطاً يفترض أن تدفع لاعبيه لأن يأخذوا ذلك الاحتمال بجدية. ويبدو أن التزام الولايات المتحدة الطويل الأمد في المنطقة مشكوك فيه، وقد وصلت التوترات بين إيران والولايات المتحدة إلى حد المواجهة، وتلوح في الأفق تهديدات خطيرة.

إلى ذلك، تستغل إيران انقسامات عربية حيال سياساتها. وبعدما كشفت حدود التزام الولايات المتحدة بأمن الشرق الأوسط، واستعرضت قدرتها في زعزعة استقرار المنطقة، عرضت طهران مبادرة ديبلوماسية لتخفيض توترات من خلال إجراءات أمن جماعي. واقترحت أن تقود الأمم المتحدة تلك المبادرة، باستخدام قرار مجلس الأمن الدولي الذي أنهى الحرب الإيرانية – العراقية- كإطار عمل، والتعاون مع حكومات إقليمية من أجل التوصل إلى خطة تحظى بموافقة جميع الأطراف.

من جهة ثانية، يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة مماثلة لصياغة هيكلية أمنية للشرق الأوسط. وقد عرض بوتين التوسط في محادثات إقليمية تتوج باتفاق أمني.