عمال ينقلون سلعاً في بازار للبضائع الإيرانية في ولاية هرات الأفغانية (أرشيف)
عمال ينقلون سلعاً في بازار للبضائع الإيرانية في ولاية هرات الأفغانية (أرشيف)
الأربعاء 12 فبراير 2020 / 13:19

أفغانستان.. جبهة احتياط في الحرب الباردة في أمريكا وإيران

حذر تقرير تحليلي، نشرته صحيفة "سمول وارز جورنال"، من أن يقود تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران إلى حرب بالوكالة في أفغانستان؛ خاصة في ظل العلاقات الوثيقة التي أقامتها طهران على مدار العقود الأربعة الماضية مع مجموعة من الجماعات الأفغانية المسلحة.

إذا تباطأت عملية السلام أو تصاعدت التهديدات الأمريكية لطهران، فقد وضعت طهران الأساس لضرب المصالح الأمريكية عبر حدودها الممتدة لمسافة 500 ميل مع أفغانستان

ويرى التقرير، الذي أعده كل من بلقيس الأحمدي وبارماك بازواك ومايكل فيلان، أن التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة بعد اغتيال الجنرال قاسم سليمان قائد فيلق القدس السابق، تتفاقم وتنتشر خارج منطقة الشرق الأوسط؛ إذ يعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم المتزايد بشأن الأنشطة الإيرانية في أفغانستان.

مخاوف أمريكية
وفي الأسابيع الأخيرة، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن إيران تدعم الجماعات المسلحة في البلاد وتسعى إلى تقويض عملية السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان. وفي الوقت نفسه حذر قائد عسكري أمريكي رفيع المستوى من أن أنشطة إيران في أفغانستان تشكل خطراً على قرابة 14 ألف جندي أمريكي منتشرين هناك.

ويعتبر التقرير أن المخاوف الأمريكية تبدو مبررة ومنطقية، خاصة لأن استراتيجية إيران المتمثلة في إنشاء وكلاء من القوات المسلحة في الشرق الأوسط معروفة جيداً، كما أن طهران لديها تاريخ طويل، ربما يكون غير معروف، من التدخل في أفغانستان.

ومنذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وطدت إيران علاقاتها مع مجموعة متغيرة من الجماعات المسلحة في أفغانستان، إذ حشدت مقاتلين شيعة في بعض المراحل، وتحالفت مع المقاتلين السنة لطالبان في مراحل أخرى، وحاليا لاتزال تحتفظ بعلاقاتها مع كليهما.

شبكة من العلاقات الوطيدة
ويوضح التقرير أنه على مدار العقود الأربعة الماضية، قدمت إيران الدعم المالي والعسكري لفصائل المجاهدين الأفغان في مواجهة الغزو السوفيتي لأفغانستان، كما استعانت بمقاتلين أفغان في حربها مع العراق في الثمانينيات، وحشدت المقاتلين الشيعة الأفغان للمشاريع الأجنبية.

ودعمت طهران أيضاً مقاتلي طالبان بالأموال والتدريب والأسلحة. ومنذ عام 2001 تمارس النفوذ السلبي والإيجابي على السياسة والاقتصاد والأمن في أفغانستان، وشكلت رأي عام لصالح إيران من خلال التجارة والرشاوى والضغوط السياسية.

ويعتمد نظام الملالي على فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يتولى قيادته الجنرال إسماعيل قآني، في توسيع النفوذ الإيراني في جميع أنحاء البلدان المحيطة. وقام فيلق القدس بتجنيد آلاف الشباب الشيعة من أفغانستان وباكستان ولبنان والعراق واليمن وفلسطين، وتدريبهم عسكرياً وحشدهم في حروب بالوكالة لتعزيز المصالح الإيرانية وحمايتها.

لواء الفاطميون
وعلى سبيل المثال، شكل فيلق القدس في سوريا "لواء الفاطميون"، إحدى الميليشيات الأجنبية العديدة التي أنشئت، لدعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية، وغالبية مقاتليه من اللاجئين والمهاجرين الأفغان في إيران الذين أجبرتهم أوضاعهم الاقتصادية والقانونية على التجنيد. وفي عام 2018 بلغ عدد المقاتلين الأفغان في "لواء الفاطميون" حوالي 50 ألف أفغاني.

ويلفت التقرير إلى أن إيران تستضيف قرابة مليون لاجئ أفغاني مسجل إضافة إلى مليوني لاجئ غير شرعي، كما تتوافر تصاريح عمل إيرانية لدى نصف مليون شخص من حاملي جواز السفر الأفغاني. وثمة تقديرات بعودة حوالي نصف مليون أفغاني من إيران في عام 2019.

النفوذ الإيراني في أفغانستان

واستخدمت إيران المكاسب والضغط والتجارة وبات لها نفوذ على الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول. وبحسب التقرير، فإن الأساس المنطقي لحصول إيران على هذا النفوذ يبدو واضحاً، إلا أن كيفية استخدامه، لاسيما بعد اغتيال سليماني، لايزال غامضاً. وتمتلك طهران العديد من الأدوات المتاحة لتحقيق أهدافها المفضلة التي تشمل تخريب عملية السلام التي تسعى إلى تسهيل الانسحاب الأمريكي، وكذلك شن هجمات إرهابية ضد الأمريكيين ومصالحهم في جميع أنحاء أفغانستان تقريباً.

ويورد التقرير أنه على رغم القلق من قدرة إيران على إثارة المشاكل، إلا أن استراتيجيتها الشاملة تنسحب إلى الاتجاه الآخر على الأرجح؛ فحتى مع الشغف المعلن للانتقام من مقتل سليماني، فإن الهدف الأساسي البعيد الأمد لإيران في أفغانستان يتمثل في التخلص من النفوذ والوجود الأمريكي بأسرع وأرخص طريقة ممكنة. ويبدو أن ثمة بعض التوافق بين واشنطن وطهران على هذا الهدف.

حروب بالوكالة

وبناء على ذلك، من المتوقع أن تستمر إيران من خلال فيلق القدس في بناء نفوذها بهدوء داخل أفغانستان، حتى يتم استثماره في المستقبل، وأن تتحلى في الوقت الراهن بالثبات في ما يتعلق بطالبان والحكومة ومحادثات السلام.

ويختتم التقرير قائلاً: "إذا تباطأت عملية السلام أو تصاعدت التهديدات الأمريكية لطهران، فقد وضعت طهران الأساس لضرب المصالح الأمريكية عبر حدودها الممتدة لمسافة 500 ميل مع أفغانستان، وستقوم باستخدام وكلائها من الجماعات المسلحة في شن حرب بالوكالة في جنوب آسيا مثل التي يعاني منها لبنان وسوريا والعراق واليمن، من أجل رفع كلفة الانتشار الأمريكي بشكل كبير".