جزء من خريطة خطة دروبلز.(فورين بوليسي)
جزء من خريطة خطة دروبلز.(فورين بوليسي)
الخميس 13 فبراير 2020 / 16:31

صفقة القرن منسوخة عن خطة إسرائيلية عمرها 40 عاماً

24- زياد الأشقر

كتب قائد القوات الإسرائيلية في مدينتي بيت لحم والخليل بالضفة الغربية بين عامي 2001 و2004 يهودا شاؤول، في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومساعديه يتباهون بأنهم يفكرون بطريقة غير مألوفة، وأنهم يتحدون بجرأة الأفكار السائدة، لافتاً إلى أن خطتهم للسلام تنطوي على شبه كبير مع خطة تعود إلى 40 سنة.

نصت خطة دروبلز على "أهمية التأكيد، وبشكل أساسي عبر الأفعال، أن الحكم الذاتي(الذي كان يجري التفاوض عليه كجزء من اتفاقات كمب ديفيد) لن يطبق على الأراضي وإنما على السكان العرب وحدهم

ويقول غاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره الرئيسي لشؤون النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي ومهندس خطة السلام: "لقد انتهجنا مساراً غير تقليدي" و"إذا ركز الناس على القديم، ونقاط المحادثات التقليدية، فإننا لن نحقق تقدماً يوماً".

وقال الكاتب إن خطة ترامب هي فعلاً تقليدية بكل معنى الكلمة. وهي في الحقيقة تحمل شبهاً كبيراً مع خطة أخرى طرحت قبل 40 عاماً. ففي عام 1979، نشرت المنظمة الصهيونية العالمية خطة بعنوان "الخطة الرئيسية لتطوير المستوطنات في يهودا والسامرة، 1979-1983" صاغها ماتيتاهو دروبلز، العضو السابق في الكنيست عن كتلة حيروت-الليبرالية، التي سبقت تشكيل حزب ليكود الحالي، ورئيس قطاع المستوطنات في المنظمة الصهيونية العالمية، الهيئة المسؤولة عن التخطيط وبناء المستوطنات.

خطة شارون
وأشار الكاتب إلى أن خطته كانت عبارة عن محاولة مفصلة لتنفيذ خطة وزير الزراعة آنذاك آرييل شارون لتوسيع المستوطنات-وهي مهمة نفذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بحماسة كبيرة في العقود ال40 الأخيرة، لتنشر 640 ألف مستوطن في أنحاء الضفة الغربية. وأكد الكاتب أن رؤية ترامب هي فعلياً خطة درولس بنسخة 2020. وتتشارك الخطتان في اعتقاد واحد، وهو أنه يجب ألا تكون هناك سيادة فلسطينية فعلية على الأرض.

وتقر خطة ترامب بأن "الضرورة تقتضي فرض قيود على بعض الصلاحيات السيادية في المناطق الفلسطينية"، ونصت خطة دروبلز على "أهمية التأكيد، وبشكل أساسي عبر الأفعال، أن الحكم الذاتي(الذي كان يجري التفاوض عليه كجزء من اتفاقات كمب ديفيد) لن يطبق على الأراضي وإنما على السكان العرب وحدهم".

سيادة إسرائيلية
وبكلام آخر، يصر ترامب، على غرار دروبلس قبل 40 عاماً، على سيادة إسرائيلية مطلقة على الأراضي، مع تخليه عن إدارة السكان غير اليهود فيها.

ولفت إلى أن السيادة الفلسطينية على الأراضي لم تكن موضوعة على الطاولة. وإلى هذه النقطة، فإن الخطتين تتفقان على سيادة إسرائيلية كاملة على الضفة الغربية. وكما قال ترامب وكوشنر إن "دولة إسرائيل ستحتفظ بالمسؤولية الأمنية في دولة فلسطين". وبكلام دروبلس: "لا يمكن ان يكون ثمة مجال للشك حيال نوايانا في الاحتفاظ بسيطرة أبدية على يهودا والسامرة".

غور الأردن
وأضاف أنه عند مناقشة أهمية الحدود الشرقية لإسرائيل على طول نهر الأردن، فإن خطة ترامب وكوشنر تبرر السيطرة الإسرائيلية الدائمة على وادي الأردن بالقول إن "غور الأردن يشكل حاجزاً مادياً على مسافة نحو 4600 قدم ضد أي هجوم خارجي من الشرق. ويمكن القوات الإسرائيلية المنتشرة على طول المنحدرات الشرقية من سلسلة تلال الضفة الغربية، أن تصد جيشاً متفوقاً عددياً، إلى أن تكمل دولة إسرائيل تعبئة الاحتياط".

وأوضح الكاتب أن النقاش نفسه حول الحدود الشرقية لإسرائيل يظهر في الوثائق الإسرائيلية المبكرة منذ يوليو (تموز) 1967 في خطة آلون- تلك الخطة التي اقترحها وزير العمل إيغال آلون وتوصي بضم غور الأردن من أجل نقل الحدود الشرقية لإسرائيل إلى نهر الأردن لإنشاء منطقة عازلة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية والأردن. والتقط دروبلز هذه الفكرة بإشارته إلى أن المستوطنات في غور الأردن "هي خط دفاعنا الأول في الشرق". وبينما يرغب ترامب وكوشنر في تقديم خطتهما على أنها رائدة، فإن الأرضية لضم غور الأردن كانت مطروحة منذ عقود.

امتداد لعقود من السياسة الإسرائيلية

ورأى أن التشابه في الخطتين يظهر أن خطة ترامب تشكل امتداداً لعقود من السياسة الإسرائيلية. وليس أدل على ذلك من وعد ترامب بأن إسرائيل "لن يتعين عليها إخلاء أي مستوطنة". وهذا التأكيد ليس إلا عبارة عن تكريس الأمر الواقع، مما يجعل من التقسيمات في الأراضي الفلسطينية أمراً دائماً. وهذا الواقع الذي يود ترامب تنفيذه لا يعدو كونه تفتيتاً لفلسطين بالكامل- وجعلها أرخبيلاً أكثر منها دولة. لكن هذا كان دائماً الهدف من مشاريع الاستيطان. ومن المهم، يكتب دروبلز عام 1979 "استيطان الأراضي بين مراكز الأقلية (العربية) ومحيطها، من أجل تقليل خطر إيجاد دولة عربية إضافية في هذه الأراضي. وبما أنها ستتقطع بواسطة مستوطنات يهودية، سيكون من الصعب على الأقلية السكانية إيجاد تواصل بين الأراضي وتالياً وحدة سياسية". والآن بعد أربعة عقود، فإن حلم دروبلس بات حقيقة إذا ما صارت خطة ترامب رؤية للمستقبل.

ومع ذلك، يشير الكاتب إلى فارق بين دروبلز وترامب. إذ أن الأول كانت نزيهاً بما يكفي للاعتراف بما كان يفعله، لقد كان صريحاً بالقول إن خريطته لم تكن دولة فلسطينية وإنما وسيلة لمنعها. أما ترامب وكوشنر فإنهما يدعمان السياق ذاته من التفكير، ومع ذلك فإنهما يصفان "البانتوستانات" على أنها خطة من أجل "دولتين".

الجديد هو "الجرأة "

ويزعم كوشنر أنه يريد أفكاراً جديدة، لكن خطة ترامب لا تحمل شيئاً جديداً. الخطة تؤكد أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وهذا هو الجوهر الأساسي للسياسة الإسرائيلية منذ عام 1967. إن الجديد هو "الجرأة" على وصف ما تبقى من فتات الأراضي التي لا تشغلها المستوطنات، دولة.