الأربعاء 26 فبراير 2020 / 13:14

سقطات متلاحقة... بداية سنة مروّعة لخامنئي

لم يمض سوى شهرين على بداية 2020، إلا أنه بدا ثابتاً أن هذا العام سيكون أشبه بالجحيم بالنسبة للمرشد الإيراني علي خامنئي.

تمثل الأزمة الناجمة عن انتشار الفيروس- نموذجاً مصغراً لإخفاقات النظام التي أدت إلى تراجع ثقة الإيرانيين بزعمائهم

وبالكلمات والأفعال والانتخابات، أثبت الإيرانيون بحسب بوبي غوش، كاتب رأي لدى موقع "بلوميرغ" الاقتصادي، فقداتهم الثقة بجمهوريتهم الإسلامية، وازدراءهم للمرشد الأعلى. كما تدنت الثقة بإيران لدى جيرانها، ومن المجتمع الدولي.

وبرأي كاتب المقال، لو كان خامنئي قادراً على إجراء تأمل ذاتي، لأدرك أنه يتحمل معظم المسؤولية. ولكن بدل ذلك، يواصل هذا الحاكم الديني المسن تهجمه على الولايات المتحدة، والغرب عموماً وتحميلهم مسؤولية كل ما تعانيه إيران.

إنكار
ويعتقد الكاتب أن ذلك لا يؤذن بالخير بالنسبة للإيرانيين، لأنه من غير المرجح أن يستجيب النظام بشكل بناء إلى أزمات متداخلة ميزت حتى الآن هذا العام والنظام في حالة إنكار.
ونظراً لأن الإنكار يترافق عادة مع انحراف واضطراب، قد يمثل أيضاً أنباء سيئة للشرق الأوسط الذي أصبح منذ مدة مسرحاً للأذى الإيراني.

لكن، كما تعلم خامنئي في الأسبوع الأخير، أصبح تشتيت شعبه أصعب من قبل. فقد تحولت انتخابات برلمانية رسمها لتصب في صالح متشددين مفضلين لديه، إلى تصويت بحجب الثقة عنه. فقد فاز المتشددون، ولكن بعدما تبين أنها كانت أقل نسبة مشاركة في تاريخ إيران المعاصر، رغم دعوات خامنئي والحرس الثوري لمشاركة واسعة في تلك الانتخابات.

بروباغندا سلبية
ويلفت الكاتب لمحاولة المرشد الأعلى، كالعادة، لوصف تلك الحالة بأنها ناجمة عن "بروباغندا سلبية" بشأن تفشي فيروس كورونا. وبدورهم، استحضر قادة في مدينة قم التي كان تحولت بؤرة لانتشار الفيروس، مؤامرة أمريكية لتقويض المؤسسات الدينية.

وما يثير السخرية أنه كان بوسع خامنئي الاستفادة من تقييم صادق لخطر الفيروس وتأجيل الانتخابات وتجنب المهانة وفقدان الشرعية التي مثلهما انخفاض نسبة الإقبال، على الأقل لبعض الوقت.

وتمثل الأزمة الناجمة عن انتشار الفيروس- نموذجاً مصغراً لإخفاقات النظام التي أدت إلى تراجع ثقة الإيرانيين بزعمائهم. فقد هونت السلطات من خطر الفيروس، ثم اعترفت به على مضض، وبعدها وجهت اللوم نحو جهات أخرى.( ويذكر أنه في قم أعلن مدير الجامعة الطبية أن لا شيء يدعو للخوف ليتبين لاحقاً أن الفيروس انتقل إليه). وفي ذلك الوقت، تجاوزت حصيلة الوفيات مائة شخص.

مقارنات
وكان من الصعب على الإيرانيين عدم مقارنة التعامل مع فيروس كورونا برد فعل السلطات على إسقاط طائرة أوكرانية بعد إقلاعها بوقت قصير من مطار طهران في يناير( كانون الثاني). فبعد نفيها المسؤولية عن الحادث، اعترفت الحكومة بعد تلكؤ بأن الطائرة أصيبت بصواريخ إيرانية- ثم لامت الولايات المتحدة لإثارتها جواً من التوتر الشديد قاد إلى ذلك الخطأ.

ويشير كاتب المقال إلى غضب الإيرانيين جراء معالجة النظام لأزمة الفيروس، والتي دفعت معظم الدول المجاورة لإغلاق حدودها مع إيران، ووقف حركة الطيران.

ضربة جديدة
ونتيجة تلك الحالة من الخوف الشديد، غابت تقريباً أنباء عن نوع مختلف من العزلة، أي القرار الذس اتخذته فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية(FATF) بإبقاء إيران على اللائحة السوداء بسبب إخفاق النظام في الالتزام بقواعد منع تمويل الإرهاب. ودعت (FATF) الدول الأعضاء لفرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية.

ويرى كاتب المقال أن قرار (FATF) يعد ضربة جديدة لآمال إيران بشأن استئناف التجارة مع أوروبا. وردت طهران حسب الطريقة الوحيدة التي تتقنها وهي الادعاء بوجود مؤامرة أمريكية وغربية ضدها. ولكن الإيرانيين العاديين يعرفون لمن يحملون المسؤولية؛ لأنه رغم تمرير البرلمان قانوناً يلزم الدولة بالامتثال، رفضه الملالي بقيادة خامنئي.
وتغاضى النظام بالفعل عن قرار (FATF) بوصفه غير مهم.

أثر فوري
ولكن الكاتب يرى أنه سيكون لأزمة الفيروس، عبر إغلاق شركات وبقاء أصحاب المحلات في بيوتهم، أثر فوري أكبر من تصنيف (FATF) على اقتصاد متعثر بسبب العقوبات، مما سيشعل غضباً شعبياً واسعاً، انفجر بين الحين والآخر في شوارع إيران.

أما خامنئي، فمن المستبعد أن تتحقق تمنياته بأن يمنع الخوف من الفيروس الإيرانيين من مغادرة بيوتهم، لبعض الوقت فقط لمعاودة احتجاجاتهم عبر الشوارع.

ورغم ذلك، سرعان ما سيحتاج خامنئي إلى وسيلة جديدة لتشتيت انتباه شعبه. ولا يستطيع الاتكال على إدارة ترامب كي توفر له حجة جديدة، كما فعلت عندما اغتالت قاسم سليماني في بداية العام الجاري واحتشد إيرانيون خلف علمهم وقيادتهم. ولكن سرعان ما حل بدل ذلك الحزن الشديد، غضب أشد عند إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية.

إلى ذلك، ينشغل وكلاء إيران، كحزب الله في لبنان وميليشيات شيعية في العراق، بمعارك سياسية محلية وحركات شعبية مناهضة لنفوذ طهران. وهكذا بدأت سنة مروعة وسيئة للغاية بالنسبة للمرشد الأعلى في إيران.