فلاف كتاب رسائل يونغ وفرويد (أرشيف)
فلاف كتاب رسائل يونغ وفرويد (أرشيف)
الخميس 27 فبراير 2020 / 19:54

رسائل فرويد ويونغ المعلم والمنشق

الرسائل المتبادلة بين فرويد ويونغ، أي بين مؤسس التحليل النفسي وركنه، منشورة في مجلد من 535 صفحة نقلته إلى العربية، في ترجمة مربكة عامرة بالأخطاء النحوية، وأحياناً الإملائية زهرة حسن.

هذه الخلافات ستؤدي بفرويد إلى أن يقترح على يونغ قطع علاقاتهما الشخصية، الأمر الذي استجاب له يونغ كما لو كان ينتظره

الرسائل هي أيضاً رواية كاملة لعلاقات بدأت متوهجة، قبل أن تتدرج إلى قطيعة قاحلة، ومع هذه الرواية هناك رواية التحليل النفسي في عاصمته الأولى فيينا، ومركزه في زوريخ.

هذه الرواية تشمل أيضاً أقطاب الحركة، إبراهام، وبلولير، وفستر، وستيكل، وإدلر، الذين كانوا يقتربون ويبتعدون، ويتحالفون ويتخاصمون، طوال عمر الحركة، منذ نشوئها الى نهاياتها. في الرسائل التي دارت بين 1906 و 1914 نقرأ المرحلة الخصبة من تاريخ التحليل النفسي عبر مؤسسيه وأركانه، كما نرى هؤلاء بشراً في متاعبهم، وتحولاتهم، ومشاكلهم الصحية، والمهنية، والمالية ومعركتهم من أجل قضيتهم الأولى وخلافاتهم في ما بينهم. أي أننا نرى هكذا أشخاصاً حقيقيين في حياتهم الخاصة والعامة.

كان فرويد المؤسس في كهولته حين اتصل بالشاب كارل يونغ، الذي انتمى إلى مدرسة المعلم الأول وتبناها، وبدأ يساهم فيها. يخاطب يونغ فرويد أحياناً بـ "أبتي" ويعده في رسالة من زوريخ حيث كان يقيم "فأنا لن أهمل أي جزء ضروري من نظريتك على الإطلاق، لأني ملتزم بها جداً"، "تبجيلي لك الذي ينتحل شخصية الافتتان الروحاني" ويرد ضيقه الشخصي بهذا الإفتتان إلى "الشعور البغيض" تجاه "اعتداء جنسي تعرضت له في طفولتي" أما جواب فرويد على تلميذه فهو أيضاً يحمل صفة التبني، وإذا كان يونغ يناديه "أبتي" فإن فرويد لا يمانع في القول: "تبنيتك رسمياً مثل إبني الأكبر"، وعندما اصطفيتك خلفي وولي عهدي، وفيما نجد فرويد يتذمر من تأخر رسائل يونغ الذي يجيب باستغراقه في عمله، نجده يعبر، دون تحفظ، عن سعادته الكبرى بهذه الرسائل "ربما ليس لطيفاً منك أن تبقيني منتظراً ردك 35 يوماً".

بطبيعة الحال تشتمل الرسائل على تبادل أبحاث وتحليلات حول مواضيع التحليل النفسي التي لا يزال الاثنان في حال اختبار لها وتفكير فيها، بل ويتبادل الإثنان، خاصةً يونغ، أفكاراً حول مرضاهم.

نجد في الرسائل لذلك إشارات، سريعة غالباً، لعقدة أوديب، وأسطورة أوديب برموزها، القدم المتورمة التي يجد فرويد أنها "ذات مضمون جنسي، سفاح القربى، التحويل النفسي".

كما نفهم من هذه الرسائل اهتمام يونغ بدراسة الأساطير والديانات، ما سيكون فعالاً جداً في تطوره الفكري ورؤيته للتحليل النفسي. في البداية هناك فرويد المعلم ويونغ التلميذ، لكن للتلميذ اهتماماته الخاصة التي لا تغيب عن المعلم، الذي يحبذها ويشجع عليها.

لكن هذه الاهتمامات ستتحول بالتدريج الى نظم فكرية مختلفة وخلافات عضوية، فاهتمام يونغ بالأساطير والأديان سيقوده إلى أحكام مختلفة كلياً مع المعلم.

لن يقدر يونغ، على سبيل المثال، العامل الجنسي تقدير فرويد له، وستكون له لذلك، نظرية في الليبيدو غير نظرية فرويد، وسيؤدي انشغاله بالأساطير الى نظرية في اللاوعي الجمعي، وسيكون له في سفاح القربى نظرية غير تلك التي لفرويد، فيونغ لا يؤمن أن سفاح القربى موجود في الواقع العملي، إنه تخيل قادت إليه عملية المحارم بل في الأغلب، نتج عنها، فبالنسبة ليونغ تسبق مسألة المحارم المحرم نفسه، بل وتخلقه وتوعز به.

هذه الخلافات ستؤدي بفرويد إلى أن يقترح على يونغ قطع علاقاتهما الشخصية، الأمر الذي استجاب له يونغ كما لو كان ينتظره. هكذا انفصل عن المعلم ليستمر في صياغة نظامه ومدرسته.