ضحية اغتصاب تخفي وجهها في كفيها (تعبيرية)
ضحية اغتصاب تخفي وجهها في كفيها (تعبيرية)
الجمعة 28 فبراير 2020 / 19:46

ملكية ذكورية خاصة

ليس كل وجع النساء وجعي فحسب، بل وكل انتصاراتهن الصغيرة، وانفراجاتهن المتأخرة. فلقد أسعدني خبر تأييد المحكمة العليا في إيرلندا لحكم بسجن زوج 10 أعوام بعد اغتصابه زوجته في منزلهما تحت تهديد السلاح الأبيض.

الاغتصاب الزوجي غير معترف به حتى كجريمة في جميع دولنا العربية، بدءاً من الإمارات وسلطنة عمان في أقصى المشرق، وحتى موريتانيا في أقصى الغرب

ولم أفرغ من كتابة الجملة السابقة حتى كدت أرى علامات الاستفهام والتعجب تعلو وجوه بعض القراء.

لن ألومهم. فالاغتصاب الزوجي غير معترف به جريمة في جميع دولنا العربية، بدءاً من الإمارات وعُمان في أقصى المشرق، وحتى موريتانيا في أقصى الغرب.

بل إن من المضحكات المبكيات، أن هذا المفهوم "الجديد تماماً" بات يشكل صداعاً مفاجئاً في رؤوس اللاجئين العرب إلى أوروبا، وهم الذين لم يكونوا يعتبرونه في بلدانهم، أين ينعمون بأمن وأمان العنف الجنسي، سوى روتيناً لطيفاً  جمعهم بزوجاتهم!

بدايةً، إن الاغتصاب المعني هو ببساطة إكراه الزوجة على ممارسة الجنس رغماً عنها، إما بالقوة الجسدية، أو بتهديدها وترويعها.

وهذه الجريمة الشنيعة ليست غريبة على شريحة ضخمة من النساء العربيات. فإحصائية تعود إلى 2014 في مصر اكتشفت تعرض 35% من النساء إلى العنف الجنسي على أيدي أزواجهن، بينما مثل الإكراه على الجنس 72% من أشكال العنف الجنسي ضد نساء البحرين.

أما قصص الرعب عن الاغتصاب الزوجي في المغرب، فوثقتها سمية نعمان جسوس في كتابها الثري "بلا حشومة: الجنسانية النسائية في المغرب".

لن أتطرق كثيراً إلى الجذر الأخلاقي العميق الذي علينا علاجه للتخلص من ظاهرة الاغتصاب الزوجي.

ليس بمقدور الأمة الفقيرة إلى الله أن تقتلع مفاهيم شديدة الرسوخ تعتقد أولاً أن جسد المرأة المتزوجة ضمن ملكيات زوجها الشخصية.. على سرير الزوجية، وسرير الولادة، وربما حتى في الكفن. إن فقدانها لحرية واستقلالية القرار الجنسي ليس سوى شكلاً من أشكال تقييدها بعقد القران.

ناهيك عن المفاهيم الأخرى التي تستخف تماماً بالمرأة المتزوجة لأنها مجرد "الطرف السلبي المفعول به في العملية الجنسية". وبطبيعة الحال، ليس بمقدور أدوات المتعة الاختيار.

لذلك، دعوني أكتفى بالإشارة إلى التناقض الصارخ بين "هنا وهناك"، لعله يفطننا إلى ما يحدث هنا.
تخيلوا لو أن إحدى جرائم العنف الجنسي الأخرى، مثل الاغتصاب، والذي تصل عقوبته إلى الإعدام في العديد من دولنا العربية والإسلامية، مثل باكستان والسعودية، كان يُعامل كما لو كان مخالفة مرورية سخيفة في جزء آخر من الكوكب؟ ألن ترفعوا حينها حواجبكم استنكاراً وتساؤلاً عن هذا البون الشاسع والمريب؟

إذا ألا تستشعرون خللاً لأن الاغتصاب الزوجي يكلّف رجلاً ما السجن أعواماً في جانب من العالم، بل وغرامات مالية فادحة تتعدى 50 ألف دولار كما في أمريكا مثلاً، بينما لا يجد أي اعتراف على الإطلاق به في جانب آخر من العالم؟

فكروا فيها...