الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الجمعة 28 فبراير 2020 / 20:54

مقتل الجنود الأتراك يكشف خيارات أردوغان المحدودة في سوريا

يجد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نفسه وسط خيارات محدودة بعد مقتل 33 عسكرياً تركياً أمس الخميس في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، أين سيصعب عليه قلب ميزان القوى الذي يميل للحكومة السورية المدعومة من روسيا.

ورغم عمليات ردّ دامية ضد القوات السورية، فإن أنقرة أمام خطر خسارة كبرى إذا دخلت مواجهة طويلة الأمد، لتعذر الاعتماد على دعم غربي حاسم.

ورقة المهاجرين
ولعب أردوغان مرةً جديدة ورقة المهاجرين في محاولة للحصول على المزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي لمواجهة حليفة دمشق القوية روسيا.

وأعلنت أنقرة أنها لن توقف بعد اليوم المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا معيدةً إلى الأذهان أزمة الهجرة الخطيرة في 2015.

وتعتبر الخبيرة في الشؤون التركية في معهد الدراسات السياسية في باريس جنى جبور، أن "تركيا لا تملك الوسائل العسكرية ولا الموارد البشرية الكافية لمواصلة التصعيد الجاري في إدلب".

وإضافةً إلى الجانب العسكري، على الرئيس التركي، حسب المحللة، أن يأخذ في عين الاعتبار الرأي العام التركي "الذي قد ينقلب ضدّه إذا ارتفع عدد القتلى الأتراك في سوريا".

وتضيف الباحثة، أن "التهديد بفتح حدود أوروبا أمام المهاجرين وسيلة فعالة جداً للضغط على الاتحاد الأوروبي الذي يشكل كل تدفق إضافي للمهاجرين إليه، سيناريو كارثياً".

وأدى التصعيد الأخير في إدلب، المعقل الأخير لفصائل مسلحة مدعومة من أنقرة ومجموعات متشددة، إلى انهيار محاولات أنقرة وموسكو اللتين تتعاونان بشكل وثيق منذ 2016، لوقف المعارك في سوريا رغم اختلاف مصالحهما.

وبعدما طلبت دون جدوى نشر منظومة باتريوت الدفاعية الأمريكية على أراضيها، حضت أنقرة المجتمع الدولي على إنشاء منطقة حظر جوي في شمال شرق سوريا، لمنع الجيش السوري وحليفته روسيا من شن ضربات.

وعقد ممثلو الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي اجتماعاً طارئاً اليوم الجمعة، بطلب من تركيا بموجب البند الرابع للاتفاقية المؤسسة للحلف.

وينص البند على أن كل دولة "تعتبر أن هناك تهديداً على سلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو أمنها" يمكنها تفعيله.

لكن دول الأطلسي، لم تعلن أي إجراء ملموس في ختام الاجتماع، مكتفيةً بإعلان تضامنها مع أنقرة.

ويعتبر مدير مركز "إيدام" للدراسات في إسطنبول سينان أولغن، أن فرصة تركيا في الحصول على دعم عسكري من الحلف الأطلسي ضئيلة، خاصةً بسبب استياء حلفائها من تقاربها مع موسكو، وشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية اس-400.

ضعف عسكري
ويقول إن تركيا لا تملك أي "خيار مناسب" في سوريا، موضحاً أن ضربات النظام الخميس "كشفت هشاشة موقع تركيا لغياب تفوقها الجوي".

ويضيف الباحث "بمعنى آخر، تبقى القوات التركية مكشوفةً أمام ضربات جوية كما حدث أمس".

وفي هذا السياق، يمكن أن تجد تركيا نفسها، وفق أولغن، مرغمةً على قبول ترتيبات تتفق عليها مع روسيا، تتيح لها السيطرة على "منطقة صغيرة على طول الحدود التركية تتكدس فيها القوات التركية، ونحو مليون نازح سوري".

ومن جهته، يقول الباحث في مركز كارنيغي الشرق الأوسط يزيد صايغ، إن "أردوغان يواجه اليوم خيارات شديدة الصعوبة تتضمن جميعها مخاطر هائلة".

وتابع "لا يستطيع أردوغان إلا الرد على الهجمات المباشرة للنظام، لكن عليه في الوقت نفسه تفادي المضي بعيداً في التصعيد".

وأضاف الباحث، أن التصعيد رغم "حجمه"، يبقى "ربما مجرد تكتيك مفاوضات عالي المخاطر سيؤدي إلى تفاهم روسي تركي جديد حول إدلب".

وأضح الصايغ، "باختصار، لا أعتقد أن حرباً شاملة ستقع، أو أن تركيا ستتقرب مجدداً من حلف شمال الأطلسي".