الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
السبت 29 فبراير 2020 / 00:16

هل تشهد سوريا مواجهةً مباشرة بين روسيا وتركيا؟

يبدو واضحاً أن لا رغبة روسية في مواجهة عسكرية مع تركيا في إدلب، لكن الكرملين لن يتراجع عن دعمه للحملة السورية لاستعادة المحافظة بكاملها.

وازدادت الخشية من حرب بين الخصمين التاريخيين بعد مقتل 33 جندياً تركياً في غارة جوية نسبت إلى دمشق، في أكبر خسارة ميدانية لأنقرة في الأعوام الماضية.

وسارع الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين إلى التباحث هاتفياً، وبدأ التحضير لعقد قمة ثنائية الأسبوع المقبل في موسكو.

ومنذ 2016، أقام الرجلان اللذان يحكمان دولتين انبثقتا عن امبراطوريتين تصارعتا طويلاً ووصلا إلى الحكم في أعقاب أزمات اقتصادية، تحالفاً أغضب الغرب، ويُخشى أن ينهار الآن.

ويقول نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو، إيغور دولانويه إن "روسيا لا تريد على الإطلاق مواجهة عسكرية ضد تركيا غير المهتمة بدورها، بنزاع على إدلب"، ويضيف أن "المخاطر مرتفعة جداً، خاصة على أنقرة، لأدوات الضغط الاقتصادي التي يمكن لموسكو تفعيلها".

وبنت روسيا عبر البحر الأسود خط أنابيب ترك ستريم للغاز، وهي بصدد تشييد أول مفاعل نووي تركي، كما باعت أنقرة منظومة إس-400 في اتفاق أثار خشية حلف شمال الأطلسي الذي تعد تركيا دولة مهمة فيه.

ويشير دلانويه، إلى أن موسكو تعتبر أن أنقرة أخفقت في الامتثال لمقتضيات اتفاق سوتشي حول إدلب، الموقع في 2018، والداعي إلى القضاء على الجماعات الإرهابية في المحافظة، وقال إن "الحادث الأخير جعل تركيا تشعر بالكلفة التي يمكن أن تنجم عن مغامرة عسكرية في إدلب".

وجاء الحادث في ظل تصاعد التوتر، وبعد أن أمهل أردوغان، الذي تعهد برفض التراجع في إدلب، الجيش السوري للانسحاب من مواقعه قبل 29 فبراير(شباط) الجاري، وتعد إدلب آخر معقل للفصائل المسلحة في سوريا، وترغب تركيا في الحفاظ على نفوذها فيها حتى بعد نهاية الحرب السورية.

غير أن ذلك يمثل عقبةً أمام رغبة موسكو في رؤية الرئيس السوري بشار الأسد مستعيداً السيطرة على كامل سوريا، وفي تثبيت أكبر انتصار عسكري روسي في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي.

ومن جهته، يعتبر الخبير في العلاقات الروسية التركية كريم هاس، أن "استراتيجية روسيا طويلة الأمد" في سوريا لم تتغير، لكنها حريصة على تفادي استعداء تركيا، خاصةً في ظل الروابط التي تجمع بين البلدين على صعيدي الاقتصاد، والطاقة.

ويقول الخبير، إن "احتمال مواجهة عسكرية شاملة في سوريا ضئيل بعد يوم دبلوماسي طويل"، لكنه يحذر من المخاطر الماثلة ميدانياً، إذ يمكن لأي اشتباك أن يشعل التوتر مجدداً، ويضيف أن "روسيا ستواصل عملياتها في إدلب، لن تتراجع قريباً".

وبينما بدا المسؤولون الروس حذرين منعاً لاستفزاز تركيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الجنود الأتراك الذين استهدافوا كانوا مع وحدات مقاتلة من مجموعات إرهابية. وتأرجحت في السنوات الأخيرة العلاقات بين تركيا وروسيا.

ففي نوفمبر(تشرين الثاني) 2015، تصاعدت الخشية من مواجهة عسكرية بينهما بعدما أسقطت تركيا مقاتلة روسية في سوريا، ولكنهما توصلا إلى تسوية في 2016، وسارع بوتين إلى دعم أردوغان حين شهدت تركيا في صيف ذلك العام، محاولة انقلاب.

ولم يؤثر اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة في ديسمبر(كانون الأول) 2016، على مسار تعزيز الروابط بين الجانبين، وشروعهما في محاولة التوصل إلى سلام في سوريا.

وبدوره، قال األيكسي خلبنيكوف، الباحث في المجلس الروسي للعلاقات الخارجية الذي أسسه الكرملين لإعداد دراسات عن ملفات السياسة الخارجية: "رغم المخاطر فإن المواجهة المباشرة تعتبر السيناريو الأسوأ".

وأضاف، أن "الأولوية الملحة عند روسيا لا تتمثل في استعادة دمشق لإدلب، بل في استعادة الجيش السوري السيطرة على الطريقين السريعين الاستراتيجيين إم-5 وإم-4"، وتابع "حتى الآن، كل المؤشرات تظهر أن الدولتين تستعدان للتهدئة"، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى "مخاطر تصعيد عرضي في هذه المرحلة، لا يمكننا استبعاد ذلك".