الإثنين 2 مارس 2020 / 13:04

أردوغان يحاول كسب الوقت لجهادييه في إدلب

كان مفترضاً أن تتوجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين في 5 مارس( آذار) إلى اسطنبول للاجتماع مع "شخصي" كما يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نفسه، خاصةً عندما يلتقي بزعماء أجانب. ولم تكن القمة إلا اجتماعاً في قائمة طويلة، دعا إليه أردوغان بالطبع، وسارعت ميركل وماكرون للموافقة على حضوره. ولكن المبادرة فشلت بعد رفض بوتين المشاركة فيها.

تستفيد أنقره من خلال دعوتها إلى وقف لإطلاق النار، في منح وكلائها الجهاديين بعض الوقت لإعادة تنظيم صفوفهم، وتعزيز وجودهم في شمال سوريا

وفي هذا السياق، يرى جنكيز أكتار، عالم سياسة وكاتب وصحافي تركي، نشر عدة كتب حول الاتحاد الأوروبي وعلاقاته مع تركيا، أن المباحثات الرسمية كانت ستركز على كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إدلب. ولكن الأجندة الأوروبية الخفية تشمل ضمان منع وصول مزيد من اللاجئين إلى أوروبا، خاصةً إلى ألمانيا، من تركيا عبر اليونان، بفضل هذه الهدنة الافتراضية. أما الأجندة الخفية لأنقره فتنطوي على كسب مزيد من الوقت لصالح أتباعها الجهاديين في إدلب.

وحسب كاتب المقال، هناك فرضية واضحة تفيد بأن العملية التي ينفذها الجيش السوري مع القوات الجوية الروسية التي انطلقت باسم "التحرير" تسبب مزيداً من اللاجئين ويجب احتواؤهم بوقف إطلاق النار. وبالمناسبة، لم يشهد العالم أي حرب لم تسفر عن لاجئين.

حالة طوارئ
ومنذ أشهر، قالت وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، فضلاً عن هيئات المجتمع المدني، إن حالة طوارئ كبيرة قد تنجم عن العملية العسكرية الجارية لاستعادة محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، التي تنتشر فيها أعداد كبيرة من الجهاديين الإرهابيين، والمدنيين الذي يقدرون بنحو ثلاثة ملايين.

وضع كارثي
وأشارت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن ما يزيد عن 900 ألف شخص فروا في الأشهر الأخيرة من بيوتهم أو ملاجئهم في إدلب. ويقيم معظمهم حالياً في شمال إدلب، وفي محافظات سورية، ما يفاقم هناك وضعاً إنسانياً كارثياً أصلاً، وسط فصل الشتاء القارس.

وتقول وكالة اللاجئين إن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 4 ملايين مدني في شمال غرب سوريا، نصفهم من النازحين داخلياً.

ويعيش عدد كبير من هؤلاء في نزوح منذ أعوام، وأُجبروا على الفرار عدة مرات. ويشكل نساء وأطفال قرابة 80% من النازحين حديثاً. كما يتعرض العديد من المسنين للخطر.

ووفق مندوب نظام أنقرة لدى الأمم المتحدة "تزداد الأزمة في إدلب سوءاً.وتشرد في الشهرين الماضيين  قرابة مليون شخص داخل سوريا. ويعتبر هذا أكبر نزوح منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا، في 2011".

وبعث 14 زير خارجية في دول الاتحاد الأوروبي برسالة مشتركة نشرت عبر صحيفة لا ستامبا الإيطالية، لفتوا فيها إلى كارثة إنسانية في إدلب.

تطرف الانتفاضة
إلى ذلك، يلفت كاتب المقال إلى أنه، بعد تسعة أعوام من الحرب الأهلية في سوريا، تغيرت أشياء بشكل كبير.

أولاً وقبل كل شيء، أصبحت الانتفاضة أكثر تطرفاً، وتحت نفوذ داعش والقاعدة. ووصل إلى سوريا كل أنواع الجهاديين للانضمام إلى داعش عندما سيطر على مناطق واسعة. وخسرت قوى المعارضة كل ما تلقته في البداية من تعاطف دولي.

واليوم بات من شبه المؤكد أن المعارضة الجهادية لن تحصل على شيء قيم، من خلال محادثات سلام ستجرى لاحقاً بعد تطهير الأراضي السورية من الغزو الخارجي والتدخلات.

سوء معاملة
وحسب كاتب المقال، لم تسئ أي دولة مضيفة معاملتها للاجئين كما فعلت تركيا. فقد شكل هؤلاء قوى عاملة رخيصة، وواجهوا مشاعر الكراهية، وبات السوريون كبش فداء لجميع الأخطاء.

وجند عدد من أفراد المنظمات المعارضة المدعومة من أنقرة، والمسمى بالجيش الوطني السوري، ضمن صفوف اللاجئين في تركيا. وأخيراً تساءل ملك الأردن، وكان محقاً في ذلك، عن السبب الذي يجعل تركيا تحصل على مليارات الدولارات من الدعم المالي، قائلاً: "ألأننا لا نهدد أوروبا بدفع اللاجئين نحو أراضيها، ولأننا نعتقد أن تلك مسؤوليتنا في المنطقة وعلينا أن نتحملها معاً؟".

ويلفت الكاتب، إلى أن تركيا ليست الدولة التي تؤوي أعلى نسبة من اللاجئين في العالم مقارنةً مع عدد سكانها، وإنما هناك لبنان، وبعده الأردن.

تضخيم ساذج

وخلاصة الأمر، فإن أنقرة تستفيد بدعوتها إلى وقف لإطلاق النار، بمنح وكلائها الجهاديين بعض الوقت لإعادة تنظيم صفوفهم، وتعزيز وجودهم في شمال سوريا، فهم يدركون أنه عندما تُكلل العملية العسكرية الجارية بنجاح، فإنها ستمتد إلى مناطق أخرى تحتلها تركيا، ما ينهي بالتالي النفوذ التركي في سوريا.