مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان (أرشيف)
مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان (أرشيف)
الثلاثاء 3 مارس 2020 / 20:59

مخيمات منكوبة

المؤشرات المتوفرة لا توحي بنهايات قريبة لخيبات الأمل المتلاحقة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني فلم تترك تطورات السياسة الداخلية اللبنانية والتجاذبات الدولية المتعلقة بلبنان هامشاً لبصيص أمل يوحي بخروج وشيك من الأزمة

قد يكون اللاجئ الفلسطيني في لبنان الأبعد عن القلق من فايروس "كورونا" الذي استنفرت الحكومات والمنظمات في مشارق الكرة الأرضية ومغاربها لمواجهته والحد من آثاره.

لم يأتِ انخفاض منسوب القلق في المخيمات المعروفة بهشاشتها وبؤسها وصعوبة الحياة فيها لأنها في منأى عن المرض الذي اكتشفت حالات منه في لبنان أو بسبب قدرة الذين يسكنونها على التعايش مع الكوارث كما يتبادر للذهن في الوهلة الأولى بقدر ما يعود إلى ترتيب اللاجئ الفلسطيني لأولويات اهتماماته التي تتربع الأوضاع المعيشية على قمتها.

طرأت على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تطورات متسارعة خلال العام المنصرم والشهرين الأولين من الحالي كان من بين محطاتها الأبرز التحديات التي فرضتها محاولات إعادة تنظيم سوق العمل اللبناني والحراك الذي أفرزته أزمة وضعت البلاد على حافة الانهيار الاقتصادي وتلقي ظلالها الثقيلة على المخيمات والتجمعات الفلسطينية.

ترافقت الأزمة الطاحنة التي يمر بها لبنان واقتصاده وتزعزع الأوضاع المعيشية الهشة في المخيمات مع تداعيات قرار الولايات المتحدة بوقف دعمها للأونروا وظهور دعوات أمريكية واسرائيلية لحل الوكالة وتسليم مسؤولياتها لمفوضية اللاجئين الأمر الذي اعتبرته سلطة رام الله مؤشراً إضافياً على السعي لتصفية القضية الفلسطينية.

في المقابل، أخذت محاولات التفاف اللاجئين على تفاقم الأوضاع المعيشية المأزومة منحى مواجهة جوع حقيقي ومحاولة البقاء على قيد الحياة حيث يتمثل معظم حراك نشطاء المخيمات في توفير وجبات الغداء وجمع أرغفة الخبز من الفقراء لإعادة توزيعها على الأكثر فقراً وتوجيه النداءات إلى فاعلي الخير في لبنان وخارجه لمد يد العون للجائعين.

المؤشرات المتوفرة لا توحي بنهايات قريبة لخيبات الأمل المتلاحقة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني فلم تترك تطورات السياسة الداخلية اللبنانية والتجاذبات الدولية المتعلقة بلبنان هامشاً لبصيص أمل يوحي بخروج وشيك من الأزمة الاقتصادية وبإعلان الإونروا عن وقف خدمات حيوية في أبريل (نيسان) المقبل تتلاشى أوهام انتشال الوكالة من أزمتها المالية.

ولا تخلو جعبة المانحين الدوليين من ذرائع التمنع عن مساعدة الأونروا على النهوض من كبوتها ـ المرجح أن تتحول إلى موت سريري ـ في ظل زيادة تدفق اللاجئين الهاربين من ويلات الحروب والأزمات الاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم.

يتردد صدى شعارات تحدي صفقة القرن ومواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية بين جدران أزقة المخيمات ويبقى بعيداً عن سد رمق اللاجئين وعاجزاً عن وقايتهم من شرور الأمراض أو وضع حد لتدهور أوضاعهم الإنسانية مما يستدعي التفكير خارج صندوق الفصائل ويفرض تغييراً في الاداء السياسي الفلسطيني يبدأ بالتقاط زمام مبادرة الحشد الإقليمي والدولي المباشر في أروقة الامم المتحدة لايجاد حلول تتناسب مع تداعيات النكبة الأولى وتفريخاتها بدلاً من الاختباء وراء ولاية وكالة آيلة للسقوط لا تكفي رمزيتها لانهاء عذابات البشر.