الثلاثاء 17 مارس 2020 / 15:48

تباين مصالح بين روسيا وتركيا يهدد هدنة إدلب

في 5 مارس( آذار) الجاري، عقدت قمة ثنائية في موسكو بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين لا تزال نتائها تثير نقاشات داخل تركيا وخارجها، لأنها بقيت مفتوحة للتأويلات.

رغم اللغة التصالحية التي استخدمها بوتين وأردوغان، تتباين أولوياتهما، وحيث قال الرئيس الروسي إنهما سيواصلان محاربة تنظيمات تعتبرها الأمم المتحدة مجموعات إرهابية

ولفت كمال كليشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب المعارض، إلى خلو نص الاتفاق من كلمة "هدنة"، ونص فقط "على وقف جميع العمليات العسكرية".

احتمالات

ومن هذا المنطلق، يرى يشار ياكيس، وزير الخارجية التركي الأسبق، وسفير تركيا سابقاً لدى الأمم المتحدة في النمسا، ومصر، والسعودية، أنه يحق لتركيا وروسيا أن تفخرا بما حققه الاتفاق، إذ دمرت أنقرة عدداً من الأهداف السورية، وأوقعت قتلى في صفوف الجيش السوري. وتنحى بوتين جانباً ربما ليثبت للرئيس السوري بشار الأسد قدرة أنقرة على إلحاق الضرر بسوريا، إذا لم تتدخل بلاده.

وحسب الكاتب، ربما تقلصت مساحة المنطقة التي يسيطر عليها الجيش التركي بعد "توقف عمليات قتالية"، لكن أنقرة كسبت وجوداً عسكرياً في إدلب.

ورغم تلك المكاسب، يشير الكاتب إلى اضطرار تركيا لتعديل روايتها عن حقيقة الوضع في الميدان. فبعد مقتل 33 جندياً تركياً، قال أردوغان إنه إذا لم تنسحب القوات السورية من مناطق احتلتها تركيا بعد اتفاق استانا سوتشي في سبتمبر( أيلول) 2018، فإن الجيش التركي سيطردها منها. وعندما لم ينسحب الجيش السوري، اضطرت تركيا للاعتراف ضمناً بأن المناطق التي استولى عليها الجيش السوري ستبقى تحت سيطرة الحكومة السورية.

وعلى هذا الأساس، تعتبر هذه تسوية عادلة وسوريا المنتصرة الكبرى فيها، لأن معاناة شعبها ستقل، وسيتراجع حجم الدمار في أراضيها. وبالنظر إلى المستقبل، يثير الاتفاق آمالاً، لكنه ينذر أيضاً بمخاطر.

ويرى الكاتب، أن الآمال تكمن في اختبار الفريقين قدراتهما وحدودهما، وربما توصلهما إلى نتيجة تفيد بأن لا جدوى من اشتباكات أخرى، وأنه حان وقت البحث عن حل بالمفاوضات. وأصبح مطلوباً البناء على هدوء نسبي حققته اتفاقية موسكو، والانتقال إلى عملية دستورية لا بد من تسريعها.

تباين أولويات
لكن أحد التحديات المطروحة يكمن في أن لاعباً رئيسياً آخر، هو واشنطن، يبدو غير راضٍ عن الهدنة، ويحض تركيا على مواصلة عملياتها العسكرية في إدلب.

وهناك، حسب الكاتب، خطر آخر. فرغم الغة التصالح التي استخدمها بوتين وأردوغان، إلا أن أولوياتهما تتباين، وقال الرئيس الروسي إنهما سيواصلان محاربة تنظيمات تعتبرها الأمم المتحدة مجموعات إرهابية.

وكان بوتين يشير في حديثه إلى تعريف ضمن قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يدعو الدول الأعضاء "لمحاربة أفراد، ومجموعات، وتعهدات، وكيانات مرتبطة بداعش، وجبهة النصرة، والقاعدة، وتنظيمات إرهابية أخرى، وفقاً لتصنيفات مجلس الأمن".

كما يؤكد القرار أن وقف إطلاق النار المتفق عليه في سوريا في 14 نوفمبر( تشرين الثاني) 2015، لا ينطبق على "عمليات هجومية ودفاعية ضد هؤلاء الأفراد والتنظيمات والكيانات".

ومن جانبه، أشار أردوغان بعد قمة موسكو، إلى أن تركيا ستحتفظ بحق الرد على كل العمليات العدوانية السورية.

تصميم
إلى ذلك، يكمن التناقض هنا، حسب الكاتب، في تصميم روسيا والحكومة السورية على تقويض المعارضة المسلحة في إدلب.

ولكن، يوجد بين صفوف تلك المعارضة مجموعات تدعمها تركيا، وحاربت سابقاً في صفوف جبهة النصرة. ونتيجة لذلك، يصبح هؤلاء أهدافاً مشروعة وفق تصنيف الأمم المتحدة.

وهكذا تصبح تركيا مجبرة قانوناً على الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي ينص على أن الهدنة لا تشمل المجموعات الإرهابية المذكورة، والتي تحمي بعضاً منها.

ويكمن الخطر في ما سيحدث إن واصلت تركيا دعم المجموعات الإرهابية التي رعتها ووفرت لها الحماية سابقاً .