صورة مجهرية لفيروس كورونا الجديد (أرشيف)
صورة مجهرية لفيروس كورونا الجديد (أرشيف)
الأربعاء 25 مارس 2020 / 20:04

كابوس كورونا

هل شعر الاتحاد الأوروبي بالذنب العاجز، أمام عصف فيروس كورونا بدول مثل إيطاليا، التي كانت تتوقع مساعدات مادية عاجلة من الاتحاد الأوروبي، في حين اكتفى الاتحاد بتضامن معنوي لا يُسمن ولا يُغني من جوع؟

أصاب فيروس كورونا الجديد العالَم بهلع، فالموت تحول إلى أرقام باردة، ترتفع بمرور الساعات والأيام، أرقام تتابعها العيون على شاشات وسائل الإعلام برعب، ولأن الكوارث، أو الأحداث الجسام، لا تأتي فرادى، بل تأتي جماعات، وزُرافات، فقد جاء فيروس كورونا، مواكباً للتغير المناخي، والتلوث البيئي، والحروب طويلة الأمد، والهجرات الجماعية، وانهيار الطبقة المتوسطة في معظم دول العالَم، والزيادة السكانية، وتفشي الفقر.

الرعب يزداد لغياب لقاح، ضد فيروس كورونا. الشك في طرق طبية كثيرة، ستؤدي إحداها عاجلاً أم آجلاً، لاكتشاف اللقاح، يصيب عامة الناس بالاكتئاب. التقديرات الزمنية، لظهور اللقاح، تتراوح بين شهور تتجاوز العام، ولا تتعدى عاماً ونصف العام.

لن يحتمل الاقتصاد العالمي بضعة شهور من الركود، وربما يدخل في أزمة مالية، شبيهة بأزمة 2008. حتى الآن فقد أكثر من 50 مليوناً، وظائفهم حول العالَم.

يتحدث البعض عما بعد فيروس كورونا، والمقصود أن النظام العالمي قد يرتد إلى ما قبل الثورة الصناعية. هل ستدفع الرأسمالية فاتورة الوباء؟ ففي العقود اللاحقة للحرب الباردة، تضخمتْ شركات اقتصادية، عملاقة، عابرة للقارات، على حساب الدولة بمفهومها التقليدي.

في مواجهة كارثة الوباء، تتصدى الدولة ببنيتها التحتية، وما تملكه من نظام صحي، بينما لن نسمع أن شركة أدوية عملاقة أمريكية مثل فايزر، تتصدى للوباء، ولهذا طلب أندرو كومو، حاكم ولاية نيويورك، من الحكومة الفيدرالية، تأميم سلسلة الإمدادات الطبية، وأن تطلب الحكومة من الشركات الخاصة، صنع الأقنعة والقفازات، بموجب قانون الإنتاج الدفاعي.

من جانبه لم يستبعد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير، خيار تأميم بعض الشركات، لمواجهة فيروس كورونا.

التأميم كلمة سيئة السمعة في قاموس الرأسمالية، لكن الرأسمالية بمنطق دفع الفاتورة، وتبرير الظرف الاستثائي، قد تُطلق على لفظ التأميم هنا، مصطلح "الاشتراكية الاضطرارية".

استبقتْ رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عصيان الدول الأوروبية لقواعد الاتحاد الأوروبي الصارمة، التي تقيد ميزانية كل دولة على حدة، بتصريح يعفي دول الاتحاد الأوروبي من أي قيود اقتصادية. التصريح يقول مباشرةً، إن من حق الحكومات الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي، اختيار طريقها الاقتصادي بما يناسبها، لمواجهة تداعيات وباء كورونا الجديد.
 
هل شعر الاتحاد الأوروبي بالذنب العاجز، أمام عصف فيروس كورونا بدول مثل إيطاليا، التي كانت تتوقع مساعدات مادية عاجلة من الاتحاد الأوروبي، في حين اكتفى الاتحاد بتضامن معنوي لا يُسمن ولا يُغني من جوع؟ هكذا سيبقى الاتحاد الأوروبي في ما بعد كورونا، كياناً عاطلاً عن العمل، فالمدة الزمنية لترميم اقتصاد الدول الأوروبية، من وجهة نظر كل دولة منفردة، قد تطول.

دعوات البقاء في البيت حول العالَم، قوبلت بمسؤولية من قِبَل كثيرين، لكن هناك مع الأسف، من استهتر بتلك الدعوات، وفي حالة الوباء، يكفي عدد قليل من الحمقى والمستهترين، يجوبون الشوارع والشواطئ، لمضاعفة العدوى.

في طاعة الأوامر، الغرب يتخلف درجة عن الصين التي تجمع بين الاشتراكية والرأسمالية. الحريات الآن، وبشكل مؤقت، بغيضة عند الغرب.

قال حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، إن نيويورك هي الولاية الأكثر تضرراً في أمريكا، وقد يستمر هذا الوضع لعدة أشهر. وتوقع كومو أن 80 % من سكان الولاية، البالغ عددهم 19.4 مليون نسمة، سيصابون بالفيروس. هناك على الأرجح عشرات الآلاف من الإصابات بين سكان الولاية الذين لم يعرفوا بعد أنهم مصابون.

تراجعت أسواق الأسهم، ومحت تقريباً جميع المكاسب المُسجلة خلال رئاسة دونالد ترامب. توقف النشاط الاقتصادي تماماً مع إغلاق المصانع، والشركات، والمدارس، والمطاعم، ومواجهة العمال بالتسريح، أو تخفيض عدد ساعات العمل، أو الاضطرار إلى الخيار الصعب، وهو العمل أثناء المرض، إذا كانوا لا يتمتعون بإجازة مدفوعة الأجر.

يتنازع الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة الأمريكية، لتقديم مشروع قانون، غايته التحفيز الاقتصادي.

مجلس الشيوخ ذو الأغلبية الجمهورية، يريد تحفيزاً للشركات المتضررة بـ 2 تريليون دولار، بينما مشروع الديموراطيينـ لا يتعدى 8 مليارات دولار.

خبراء المال يعتقدون أن الأسواق العالمية تواجه أسوأ أزماتها منذ 1929، حين اندلع "الكساد الكبير" الذي تسبب في خسائر حادة للاقتصاد العالمي.

ليست أزمة 2008 المالية، هي الأقرب لما يحدث للأسواق المالية الآن، بفعل فيروس كورونا، بل الأقرب للمُقارنَة، هو الكساد العظيم في 1929.

تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة فتح أمريكا المغلقة أمام فيروس كورونا، لكنه لم يحدد جدولاً زمنياً. يبدو أن ترامب يراهن على أن ذروة هجوم فيروس كورونا، ستنتهي بنهاية الأسبوع الجاري.

انتقد دونالد ترامب دور الأطباء، وقال فيما معناه، إن الأمر لو تركناه بيد الأطباء، لاستحسنوا إغلاق العالَم بأسره. الأطباء يقولون: "دعونا نبقي العالَم مُغلقاً". تخشى سلطات الصحة الأمريكية من شدة عدوى الفيروس، وقد يتسبب في تسونامي من المصابين، ما يعني موت الآلاف.