الأحد 29 مارس 2020 / 14:30

تعامل إيران مع كورونا... سلسلة فضائح

حذر الباحث البارز في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية لورنس هاس من خطورة حكم الملالي في إيران والتي ظهرت خصوصاً في طريقة تعاملهم مع تفشي فيروس كورونا. أجبر الوباء إيران على حفر مقابر جماعية للضحايا. لكن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي اتهم الأمريكيين بنشر الفيروس.

عرضت إيران شعبها والشعوب الأخرى للخطر عبر التقليل من أهمية الفيروس وقمع من كشفوا الحقيقة عنه من أجل تلميع صورتها.

ورفض خامنئي عروض المساعدة الأمريكية مشيراً إلى أن الفيروس "تم بناؤه خصيصاً" لإيران، "عبر استخدام بيانات جينية للإيرانيين والتي حصلوا عليها عبر وسائل مختلفة." وفي خطاب متلفز، قال خامنئي للأمريكيين إنه "لا يمكن الوثوق بكم" متهماً إياهم بإمكانية إرسال أطباء "إلى هنا من أجل تفقد جهود السم الذي خلقتموه".

أوضح هاس في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أن مشاعر خامنئي رددها مسؤولون إيرانيون بارزون وهي تظهر خطورة الأنظمة التسلطية عموماً وحكم الملالي الإيرانيين خصوصاً على شعبهم كما على شعوب أخرى حول العالم. إن ردود إيران على الوباء، بدءاً بمساعدة واشنطن مروراً بسحب الأموال من مصادر أخرى ونشر الدعاية السياسية وسجن الذين أبلغوا الحقيقة وصولاً إلى اعتماد أولويات أخرى، تُقدم كل ما يريد العالم معرفته عن النظام.

ضحايا بالملايين؟
مع وفاة أكثر من ألفي إيراني، بلغت حصيلة الضحايا الإيرانيين المرتبة الرابعة عالمياً بعد إيطاليا والصين وإسبانيا، غير أن الخبراء في الداخل والخارج يعتقدون أن العدد الإجمالي أكبر بكثير من الأرقام الرسمية. في وقت سابق من الشهر الحالي، شوهد عمال يحفرون مقابر جماعية في قم. ويعتقد باحثون في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران أن التفشي قد يبلغ ذروته في أواخر مايو (أيار) المقبل ويمكن أن تصل حصيلة الوفيات إلى 3.5 مليون ضحية. لكن النظام الإيراني التسلطي تعامل مع الفيروس بوصفه فرصة سياسية إلى جانب كونه أزمة صحية.

الإيرانون يشبهون الحرس بداعش
رحبت طهران بهذه الفرصة. طوال أشهر، كان النظام على شفير الانهيار حين واجه سخطاً متزايداً من الجمهور الذي اتهم الحرس الثوري بقتل 1500 شخص خلال التظاهرات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والذي غضب من إسقاطه طائرة ركاب أوكرانية في يناير (كانون الثاني). ولم يعترف الحرس بخطئه إلا بعد أيام عدة على استهداف الطائرة. بدأ المتظاهرون يقارنون الحرس الثوري بداعش. ولكسب المزيد من الدعم، وصف الحرس الفيروس بأنه مخطط أمريكي أو إسرائيلي كي يقدم نفسه كمدافع عن الإيرانيين، وصنف الموت بسبب الفيروس على أنه استشهاد.

الحرس وخامنئي يفاقمان الأزمة
بعيداً من الكلام البلاغي، يواصل الحرس الثوري اتخاذ خطوات تفاقم أزمة الصحة العامة عوضاً عن معالجتها. ومع انتشار الفيروس من مركزه في ووهان الصينية، واصل طيران ماهان الإيراني رحلاته من وإلى الصين. وحذر الحرس الأطباء من كشف الحجم الحقيقي للانتشار وتجنب جهود الإبعاد الاجتماعي عبر إرسال 300 ألف من أعضائه إلى المنازل من أجل الترويج لدوره.

وعزز خامنئي جهود الحرس عبر إعطاء مرتبة الشهادة للأطباء الذين يتوفون بسبب المرض، وعيّن رئيس هيئة الأركان قائداً ل "القاعدة الطبية" التي تحارب الفيروس وصنف الوحدة على أنها "تدريب دفاع بيولوجي". لكن إيرانيين فضحوا محاولات النظام إخفاء نطاق تأثير المرض على المجتمع الإيراني.

جهود النظام.. فضائح
قال طبيب في أحد مستشفيات محافظة جيلان لشبكة بي بي سي إن "طاقمنا الطبي يموت يومياً". وأضاف: "لا أعرف كم شخصاً توفي لكن الحكومة تحاول إخفاء الحجم الحقيقي للأزمة." وتحدث طبيب آخر من مستشفى في محافظة غولستان عن أن 60 إلى 70% من المرضى الثلاثمئة الذين يصلون يومياً إلى المستشفى مصابون بالفيروس وأن ذوي الصحة المتدهورة فقط يتم قبولهم بسبب شح الموارد. كذلك، إن الذين تستقبلهم المستشفيات هم وحدهم من يتم ذكرهم على لائحة الإحصاءات الرسمية.

في هذه الأثناء، كشف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن المسؤولين الإيرانيين سرقوا أكثر من مليار دولار من المساعدات الأوروبية المخصصة للشعب الإيراني، وقد استخدموا هذه المساعدات لحماية أنفسهم.

سلوكه متوقع
يظهر رد طهران على انتشار الفيروس كذبها في دعواتها لرفع العقوبات الأمريكية عنها كي تستطيع معالجة الفيروس. لكن هاس يذكر أن العقوبات مرتبطة بمساعي إيران النووية ونشاطاتها الراعية للإرهاب وأن المسألة ليست مرتبطة بالعقوبات بل بأولويات النظام العليا التي لا تتعلق بحماية شعبه. وعرضت إيران شعبها والشعوب الأخرى للخطر عبر التقليل من أهمية الفيروس وقمع من كشفوا الحقيقة عنه من أجل تلميع صورتها. لكن بالنسبة إلى نظام يبقى غير خاضع لمحاسبة شعبه المضطرب، يبقى سلوكه متوقعاً وطبيعياً.