الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.(أرشيف)
الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.(أرشيف)
الأحد 29 مارس 2020 / 21:04

محمد بن زايد... قوة الضمير الإنساني

من التجربة الصينية إلى الإمارات العربية المتحدة، التي تؤمن بدورها على المستوى العربي والعالمي، إيماناً راسخاً، يخرج من دائرة القول إلى الفعل الإيجابي الحقيقي، من خلال مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في التواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد، مقدماً مثالاً صادقاً حيّاً على التعاضد

تثبت الدول قدراتها في مجالات العلم والاقتصاد والصناعة والابتكار، كما في الآداب والفنون، فيحقق لها ذلك مكانة بين الدول، وقد تحقق بعض الدول رصيداً متنامياً من النفوذ السياسي والعسكري يجعل منها دولاً عظمى، لكن المحك الحقيقي للدول ليس في فترات الازدهار والرخاء، بل في فترات الأزمات والطوارئ، التي قد تعصف بها أو بدول العالم، أياً كان مسبب هذه الأزمات، سواء أكان أزمات سياسية أو كوارث طبيعية وبيئية.

في جائحة كورونا، التي تعصف حالياً بالبشرية، أثبتت الصين دوراً فعالاً وحيوياً، حتى صارت تجربتها دروساً ملهمة، ولو أن حاكم إقليم هوبي حيث انطلقت الجائحة، أعلن باكراًٍ عن أزمة كورونا وصارح حكومة بلاده بها، لما حدث ما حدث. ورغم كل شيء، فإن الصين تعاملت باحترافية وحزم وذكاء وسرعة، بفضل قراراتها الحازمة والسريعة بعد بدء التفشي. الرئيس الصيني لم يشغل باله بما سيؤول إليه حال الاقتصاد، رغم أهمية ذلك؛ لأنه يعلم أن الاستعجال بعودة الحياة لطبيعتها قبل القضاء على الفيروس، يعني أن الاقتصاد سيتكبد أضعافاً مضاعفة، إضافة إلى موت عدد كبير من الناس. ما فعلته الحكومة الصينية هو درس في كيفية إدارة الأزمات بنجاح منقطع النظير؛ لتنطلق بعدها لمساعدة دول العالم. إنها المهارة الصينية التي عرفوا بها منذ قرون طويلة، لن نقول بعد اليوم اطلبوا العلم –وحده- في الصين، وإنما اطلبوا الطب وعلوم الإدارة وغيرها.

لطالما نظر العالم كله للصين بإعجاب، لما أبدعوا به في مجالات الصناعة وغيرها، وقد وصلت بضائعهم لمختلف دول العالم، مع توفيرها بأسعار مختلفة حسب الجودة، لكن الكثيرين يغفلون أن أبرز سمات الشعب الصيني هي التواضع والمحبة والتعاون، فها هي تمدّ يد العون لإيطاليا، ليس بإرسال الكمامات والأدوية، أو غيرها لكن من خلال العنصر البشري الطبي المدرب والمؤهل، الذي أثبت نجاحه.

ومن التجربة الصينية إلى الإمارات العربية المتحدة، التي تؤمن بدورها على المستوى العربي والعالمي، إيماناً راسخاً، يخرج من دائرة القول إلى الفعل الإيجابي الحقيقي، من خلال مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في التواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد، مقدماً مثالاً صادقاً حيّاً على التعاضد من أجل تجاوز هذه الجائحة، إذ دعا الشيخ محمد بن زايد إلى ضرورة "أن تسمو الدول فوق المسائل السياسية في ظل هذه الظروف الاستثنائية، وتغلب الجانب الإنساني في ظل التحدي المشترك الذي نواجهه جميعاً".

هذه هي القوة الحقيقية، قوة الضمير الإنساني، الذي يستشعر بحاجة الآخرين له، فيمد لهم يد العون قبل أن يطلبوا منه. صدق فيكتور هيجو حين قال "لا قوة إلا قوة الضمير، ولا مجد إلا مجد الذكاء". وفي هذه المبادرة يتجلى الذكاء العاطفي والضمير الإنساني؛ وهذه المبادرة تشكل إضافة إلى مبادرات أخرى سبقتها لمؤازرة دول العالم، في هذه الأزمة. إنها القيم الإنسانية التي تعلو لخير البشر، بغض النظر عن أنتماءاتهم ومعتقداتهم.