رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الثلاثاء 31 مارس 2020 / 20:57

هل نتانياهو هو الأقوى دائماً؟

لا يهم نتانياهو وزارة خارجية أو الدفاع كما لا يهمه رئاسة الكنيست، لأن الذي يهمه أولاً وأخيراً هو موقع رئيس الوزراء والرئيس المخلد لمعسكر اليمين الأكثر تماسكاً من أي معسكر آخر

سؤال يدور على كل لسان بعدما نجح بنيامين نتانياهو في احتواء ظاهرة غانتس، وتفكيك تحالفه، ما وفر له الظفر بتشكيل حكومة يكون فيها منافسه الأول مجرد وزير للخارجية بعد أن يتمتع لعدة شهور برئاسة الكنيست.

من خلال نتائج الانتخابات الثلاث التي أجريت في إسرائيل خلال سنة ذهب البعض إلى الاعتقاد أن غانتس قائد تحالف الجنرالات ومعهم النجم الإعلامي والسياسي لبيدـ سيطيح حتماً بنتانياهو ويخلص الدولة العبرية مما وصف بدكتاتوريته وفساده، وقد دعم هذا الاعتقاد حصول غانتس على تفويض من رئيس الدولة لتشكيل الحكومة الجديدة مع احتمالات قوية لأن يتخطى حاجز الفوز ليس فقط في تشكيل الحكومة بل وفي حصول مرشحه على رئاسة الكنيست. وحتى الأمس كانت محدلة غانتس تواصل التقدم على نحو سيضع نتانياهو والليكود كشركاء في المرتبة الثانية وهذا سيكون الاحتمال الأقرب لنهاية عهد نتانياهو.

غير أن هذه التقديرات انقلبت رأساً على عقب فإذا بنتانياهو يتجدد كرئيس للوزراء، واذا كان الاتفاق يمنحه أول ستة أشهر ويمنح منافسه السابق وزارة الخارجية الا ان من يوصف بالساحر بيبي ووفق قواعده الخاصة في اللعب، يرى الأشهر الستة اكثر من كافية لترميم وضعه بما في ذلك احتمالات الإفلات من تهم الفساد وحتى الذهاب إلى انتخابات جديدة يقدر أنها ستكون هذه المرة محسومة لصالحه.

لا يهم نتانياهو وزارة خارجية أو الدفاع كما لا يهمه رئاسة الكنيست، لأن الذي يهمه أولاً وأخيراً هو موقع رئيس الوزراء والرئيس المخلد لمعسكر اليمين الأكثر تماسكاً من أي معسكر آخر، إذاً فقد حصل نتنياهو أخيرا على كل مبتغاه.

كثيرون يرون أن السبب لحدوث هذا الانقلاب هو فيروس كورونا والأجواء التي خلقها في إسرائيل والتي أحسن نتانياهو توظيفها لصالحه، غير أن الامر في جوهره وخلفياته لم يكن كذلك، فالانقلاب الذي بدا مفاجئاً جاء نتيجة عوامل عديدة تتصل بالخصائص القيادية للمتنافسين، وكذلك تتصل بالاصطفافات السياسية والمصلحية لدى القوى التي تشكل الحياة السياسية المركزة في الكنيست، وإذا كانت الانتخابات الثلاث قد أظهرت معسكر نتانياهو أكثر تماسكاً وانسجاماً وولاءً، فإن معسكر غانتس ظل أسير الخوف على وحدته وهذا أفرز ظاهرة التردد في اتخاذ القرارات والمواقف الهجومية التي تؤهله للتغلب على نتانياهو. غير أن غانتس ومعه جزء من تحالفه فضل الرضا من الغنيمة بالإياب فأوقع نفسه في قبضة نتانياهو مع أن المعركة كانت ما تزال في بداياتها وكان هو المتفوق نسبياً في حساباتها.

إن لعبة السلطة في إسرائيل هي من أكثر الألعاب في العالم حركة وانتقالاً للاعبين فيها من موقع إلى آخر وكل من كان بالأمس جذرياً في انتقاده للخصم يتحول في اليوم التالي إلى بليغ في تبرير تحالفه المستجد معه، وإذا ما راجعنا وقائع ألعاب الطبقة السياسية في إسرائيل والتي أساسها التنافس على السلطة والنفوذ، فإننا نجد أن الجميع انتقل أكثر من مرة من النقيض إلى النقيض، ذلك بفعل سطوة المصلحة الشخصية والحزبية على أي اعتبار اخر.

وبالنسبة لنتانياهو الذي تحول إلى ظاهرة في أمر البقاء رغم كل عوامل الموت المحيطة به فها هو يعود من جديد، وهذه المرة تحت عنوان جديد كذلك مفاده أنه يظل وهو في أقصى درجات الضعف هو الأقوى باستمرار.