مشردان في محطة مترو الأنفاق في بروكلين بنيويورك (أرشيف)
مشردان في محطة مترو الأنفاق في بروكلين بنيويورك (أرشيف)
الأربعاء 6 مايو 2020 / 20:32

مُشردون في نيويورك

عارض عمدة نيويورك، بيل دي بلاسيو، تشريعاً يسمح لآلاف المشردين، المعرضين أكثر من غيرهم، للإصابة بفيروس كورونا، بالعيش في الفنادق الشاغرة، الفاخرة، طوال فترة تفشي وباء كورونا.

خانت الكلمات حاكم نيويورك، فالاشمئزاز، كلمة لا تحمل أدنى تعاطف مع أشخاص لا يملكون المأوى، وفي ظروف وبائية صعبة. كشفت كلمة "الاشمئزاز" من أندرو كومو، قسوة الحياة الأمريكية الحقيقية، البعيدة كل البعد عن زيف الإنسانية

لكن وفق المشرعين، والمدافعين عن المشردين، يُمكن دفع المال، لأصحاب الفنادق الشاغرة، الفاخرة، من حزمة أموال المساعدات التي تضخها الحكومة الاتحادية.

في نيويورك 80 ألف مشرد، ينامون في ملاجئ المدينة، وشوارعها، ومحطات مترو الأنفاق. إدارة بلدية نيويورك بالفعل، نقلت 2500 مشرد إلى غرف الفنادق، كما أعلنت نقل 1000 مشرد آخر في الوقت الحالي، بنفس طريقة التوزيع التي تخضع لترتيبات مع أصحاب الفنادق.

قدم عضو مجلس المدينة، ستيفن ليفين، تشريعاً خاصاً، يستهدف المشردين في الملاجئ الجماعية، وعددهم 12 ألف، بينما عدد الغرف الفندقية الشاغرة 100 ألف غرفة. وقال عضو مجلس المدينة إن الملاجئ الجماعية، قد تشهد تفشياً مدمراً لفيروس كورونا، فهي ملاجئ مزدحمة، لا تحقق أدنى مسافة آمنة بين الأشخاص.

معارضة عمدة نيويورك، بيل دي بلاسيو، لعضو مجلس المدينة، ستيفن ليفين، تستند إلى أن كلفة التشريع الخاص في ستة أشهر، ستبلغ 495 مليون دولار، وهي كلفة باهظة لا تقدر عليها إدارة المدينة. سأل عضو مجلس المدينة، ستيفن ليفين، من أين جاء هذا الرقم لعمدة نيويورك؟ وكأن عمدة نيويورك يتحدث بلسان أصحاب الفنادق الشاغرة، الفاخرة.

انتقد عضو مجلس المدينة، ستيفن ليفين، تقدير الـ 495 مليون دولار الذي تحدث عنه عمدة نيويورك، بحسابات ما قبل وباء كورونا، وقدر ليفين أن فاتورة إقامة المشردين في غرف الفنادق، لا تتعدى 108 ملايين دولار فقط.

وبصرف النظر عن الخلاف في تقدير كلفة إقامة المشردين في الفنادق، فإن ضغط الوباء، وتفشيه، قد يجبران وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، في نهاية الأمر، على دفع فاتورة الإقامة، لأن لا أحداً يريد تحمل المسؤولية عن خطر تسريع المشردين نقل العدوى، لا عمدة نيويورك، ولا عضو مجلس المدينة، ولا حاكم نيويورك أندرو كومو.

ولهذا يبدو لأصحاب الفنادق الشاغرة، الفاخرة، أن دفاع عمدة نيويورك عن مالهم، دفاع شكلي، لكنهم في نفس الوقت، لا يملكون شيئاً أمام شراسة الوباء، فهم سيخسرون مالهم في الحالتين، حالة خواء غرف الفنادق، أو إشغال الغرف بمشردين، بل ربما 108 ملايين دولار، أفضل لأصحاب الفنادق من لا شيء على الإطلاق.

المشكلة هنا أمام وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، أنها مُلزمة بتعويض 75 % من نفقات الدولة، وإلا فإنها ستصطدم بحائط المجانية، وهو حائط قاس على الرأسمالية، فقد أعلن أندرو كومو، حاكم نيويورك، أن الرئيس دونالد ترامب، وافق على التنازل عن 25 % من مال وكالة إدارة الطوارئ، أي أن وكالة الطوارئ، ستسترد في دورة رأس المال المستقبلة، 50 % فقط من أموالها.

تعقيد إقامة المشردين في غرف الفنادق الشاغرة، الفاخرة، يبدأ مع تفنيد تفاصيل الإقامة، الغرفة المزدوجة، أو الفردية، عدد المشردين في الغرفة المزدوجة، أو الفردية، وجبات الطعام، محاذير الحركة داخل الفندق، خدمات الروم سيرفس، الخدمات الطبية، كبح طموحات المشردين في العيش الباذخ، سيما وأنها مرة في العمر، قد يتمتع فيها المشرد، بخدمة خمسة نجوم.

وصف أندرو كومو، حاكم نيويورك، مشهد المشردين، النائمين في عربات مترو الأنفاق، بمثير للاشمئزاز. خانت الكلمات حاكم نيويورك، فالاشمئزاز، كلمة لا تحمل أدنى تعاطف مع أشخاص لا يملكون المأوى، وفي ظروف وبائية صعبة. كشفت كلمة "الاشمئزاز" من أندرو كومو، قسوة الحياة الأمريكية الحقيقية، البعيدة كل البعد عن زيف الإنسانية.

اقترح فريق كومو الإداري، توظيف المزيد من رجال الشرطة، للقيام بدوريات تفتيش في عربات مترو الأنفاق، فوجد كومو أن ميزانية توظيف رجال الشرطة الجدد، طوال مدة الوباء، أكثر من ميزانية إيواء المشردين في غرف الفنادق.

يستطيع أندرو كومو، حاكم نيويورك، بسلطاته النافذة، تجاوز بيروقراطية التشريع الخاص بإقامة المشردين في غرف الفنادق، وتفعيل الإقامة بأعداد كبيرة، أعداد تقضي فعلياً على مشكلة المشردين في زمن الوباء، لكنه يخشى تحديات مستقبلية، مثل رفض المشردين مغادرة الفنادق، بعد زوال أزمة كورونا، أو أن تكون الدولة مُلزمة، بتوفير سكن دائم للمشردين غير الملاجئ، والشوارع، وعربات مترو الأنفاق.

يخطط المناصرون للمشردين، بمطالب طويلة الأمد، فيما بعد كورونا، فالسكن الدائم، يدخل في نطاق الرعاية الصحة.

وهناك مناصرون آخرون، يطالبون على الأقل، بتحسين ملاجئ المشردين، ليكون الملجأ في نهاية الأمر، أفضل للمشرد، من الشارع، أو عربة مترو الأنفاق التي تثير اشمئزاز حاكم نيويورك عندما يشغلها مشرد.