المغنية أديل (أرشيف)
المغنية أديل (أرشيف)
الجمعة 8 مايو 2020 / 20:59

بدينات رغم أنوفنا

"لا تزال أديل تتصدر قائمات الأغاني الأكثر نجاحاً. فهي على أي حال أكثر سمنةً من أن يستطيع أحد زحزحتها".

لا تنخدعوا بالتعاطف المزعوم الذي يوجهه البعض إلينا كبدينات، فهم لا زالوا يتعاملون مع أجسادنا كلوحات إعلانية، أو لافتات صماء، يجب أن نخط عليها موقفاً محدداً لنعرضه أمام العالم، ونعلن من خلاله إما تماهينا مع أو اعتراضنا على المعايير والاشتراطات السائدة

أتذكّر هذه النكتة "ثقيلة" الدم، ولو أنها تعود إلى عصر يبدو سحيقاً الآن، قبل أن تفقد النجمة البريطانية ما يصل إلى 50 كيلوغراماً من وزنها.

لتختصر هذه النكتة تجربة أديل على مدار 10 أعوام تساوت خلالها بأي امرأة منا ممن يسمعن الاقتراحات غير المطلوبة عن أفضل الحميات للتخسيس، ويتلقين إطراءات مسمومة مثل "كم ستكونين جميلة لو فقدت بعض الوزن".

لقد عانت مثلنا من المحاولات لاقتيادها بالقوة إلى "مسلخ" الكيلوغرامات الزائدة بدعوى أنها ستكون قبيحة، غير مثيرة، مرفوضة.

ولكن من قال إن خسارة الوزن أصبحت تعفي المرأة من العقاب؟
  
ظهرت أديل أخيراً بهيئتها الجديدة، بخصر "منحوت"، وقوام رشيق، لنكتشف موجة مناهضة لموجة الـ fat-shaming السابقة، أو موجة تعيير البدناء بأوزانهم الزائدة. وردة الفعل لا تكاد تقل عن الفعل تطرفاً وخسة.

فهناك من ألمح بخبث إلى أن الهُزال سلب ابنة الـ32 عاماً جاذبيتها، ومن قلل من الإنجاز المعتبر الذي حققته أديل بخسارة كل هذه الكيلوغرامات، ومن صور الاحتفاء بفقدان المغنية للوزن الزائد على أنه كراهية مستترة للبدناء بشكل عام.

إنها نكتة "ثقيلة" بلا شك، أثقل دماً من تلك التي كانت تستهدف سمنة أديل.

لا تنخدعوا بالتعاطف المزعوم الذي يوجهه البعض إلينا نحن بدينات، فهم لا يزالون يتعاملون مع أجسادنا مثل لوحات إعلانية، أو لافتات صماء، يجب أن نخط عليها موقفاً محدداً لنعرضه أمام العالم، ونعلن من خلاله إما تماهينا مع، أو اعتراضنا على المعايير والاشتراطات السائدة.

يحولون أجسادنا النسائية من كتل حية من اللحم والدم تتأثر بشكل طبيعي بتبدل قناعاتنا، وتغير أساليب حياتنا، بل وحتى تذبذب هرموناتنا، إلى "بيان" ناطق متحرك، لا يخدم إلا توجهاً، أو حراكاً اجتماعياً ما.

أتذكرون من ظل لسنوات يرغمنا على خسارة الوزن الزائد لنكون إناثاً مقبولات حسب تعريفه؟ ها قد انضم إليه من يفرض علينا الحفاظ على الكيلوغرامات الإضافية بغض النظر عن رغبتنا في التخلص منها، وأن نزداد استدارة وتضخماً رغم أنوفنا، فقط لنثبت أننا لسنا إمعات للمعايير الجمالية المسيطرة، وغير كارهات بالضرورة لأجسادنا السابقة.

وكأنما كل ما بتنا نحتاج إليه نحن النساء هو المزيد من القوانين حول ما يجب أن نبدو عليه!
وإذا حققنا رغبتنا الشخصية في توديع السمنة، فهو ينتقص ويسخر منها، لأنها لا بد أن تعني هزيمتنا في المعركة التي قرر بالنيابة عنا، خوضها.

لا يمكن أن يكون تحولنا من البدانة إلى الهُزال سوى أننا "فلول" تولينا يوم الزحف، ورفضنا محاربة حزب الرشاقة الإلزامية.

الأمر بسيط في رأيي. إنهم فقط يتوقون إلى مواصلة تجريدنا من حرية التصرف في أجسادنا، والضرب عرض الحائط بقناعتنا وقراراتنا الخاصة جداً.