رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.(أرشيف)
الإثنين 11 مايو 2020 / 21:10

الضم قادم والرد غائم

ماذا لو تحرك الشارع للرد على القرارات الإسرائيلية، وماذا لو خرج الفلسطينيون إلى الشوارع وإلى نقاط الاشتباك مع النقاط العسكرية الإسرائيلية على مداخل المدن الفلسطينية؟

يستعد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لزيارة إسرائيل، متجاوزاً ما تمر به بلاده من كارثة حقيقية في زمن كورونا، لاستكمال ما تعتقد الإدارة الأمريكية أنه مهمة أكثر إلحاحاً من التصدي للوباء، وهي مهمة إنقاذ التحالف اليميني المتشكل حديثاً في إسرائيل، من خلال تأكيد الدعم الأمريكي لبرنامج هذه الحكومة وتوجهها المعلن لضم كتل استيطانية كبيرة في الضفة الغربية وإعلان السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار الفلسطينية. وقد استبق سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان زيارة وزير الخارجية بتصريح مستفز أكد فيه أن قرارات الضم والسيادة ستنفذ خلال أسابيع قليلة.

بديهي أن تكون إسرائيل ويمينها الحاكم بالنسبة لواشنطن ويمينها الأنغليكاني المتجدد أولوية أولى متقدمة على أي اهتمام آخر للبيت الأبيض، وطبيعي أيضاً أن تتجاوز واشنطن عن دوافع التشارك بين البنيامين نتنياهو وغانتس وكلاهما يقبل بالشراكة من قبيل الهرب من السقوط والاندثار. لكن ما ليس طبيعيا هو ذلك التعاطي الفلسطيني البارد مع هذه الخطوة الاحتلالية الخطيرة، والاكتفاء بعقد اجتماعات روتينية للقيادة الفلسطينية التي تصدر البيان تلو الآخر عن خطورة هذه الإجراءات الإسرائيلية على الحل وعملية السلام وكأن هناك حلاً أو سلاماً إلا في أذهان وقناعات السلطة القائمة على أساس اتفاقات أوسلو.

ما ليس طبيعياً أيضاً هو التغاضي الرسمي العربي عن هذا التوجه، وكأن الأمر يتعلق بجغرافيا بعيدة لا يؤثر التحول فيها على المحيط العربي، فباستثناء الرفضين الأردني والإماراتي لم يصدر أي موقف عربي قوي تجاه هذه الخطوة الإسرائيلية، اللهم إلا إذا اعتبرنا ما يصدر عن مجلس الجامعة العربية قرارات جادة وملزمة للدول العربية.

هذا على المستوى الرسمي، أما الفصائل الفلسطينية التي يفترض نظريا أنها تمثل الشارع الفلسطيني وقواه الحية فإنها أيضاً تنخرط في لعبة المقاومة الشفهية والخطابية التي فقدت أي قيمة لها في ظل العجز الميداني الذي ترسخ بإرادة هذه الفصائل حين انهمكت في لعبة المحاصصة واختصرت نضالها في استدامة مكاسبها من السلطة القائمة، وتحديداً في ما يتعلق بالمخصصات المالية.

إعلان الضم في الضفة والسيادة الاحتلالية في الأغوار أقرب مما نتوقع، وقد أصبح مؤكدا أن هذا الإجراء هو طوق النجاة الوحيد المتاح لتحالف الفساد اليميني الحاكم في إسرائيل، أما الرد الفلسطيني على هذا الإجراء فما زال غير واضح وإن كانت الأطر القيادية قد ألمحت إلى إنهاء الاتفاقات الموقعة مع دولة الاحتلال.

ما يجعل الرد الفلسطيني مجهولاً هو تاريخ الرد على كل ما سبق من خطوات وجرائم احتلالية في زمن نتانياهو، فقد أعلنت الأطر الفلسطينية القائمة بحكم الأمر الواقع في أكثر من مناسبة عزمها على إلغاء الاتفاقيات ووقف كل أشكال التنسيق مع إسرائيل بما فيها التنسيق الأمني الذي اتضح أنه عصي على الإلغاء، بل مقدس أيضاً حسب تعبير الرئيس محمود عباس.

ماذا لو تحرك الشارع للرد على القرارات الإسرائيلية، وماذا لو خرج الفلسطينيون إلى الشوارع وإلى نقاط الاشتباك مع النقاط العسكرية الإسرائيلية على مداخل المدن الفلسطينية؟ هل ستحمي السلطة مواطنيها أم ستتمسك بالتنسيق الأمني الذي يفرض عليها المشاركة مع قوات الاحتلال؟
يبدو الجواب على هذا السؤال قريباً، بغض النظر عن التصريحات والشعارات التي يرددها كبار موظفي السلطة، ويبدو أننا نقترب من الاختبار النهائي لصلاحية الأطر الفلسطينية القائمة، سلطة وفصائل.. وستحمل الأيام والأسابيع القادمة تحولات لا يراها الموهومون بالسلام ولا يتوقعها الذين يضحون بالجنين والأم لكي تنجح العملية!