الرئيس اللبناني ميشال عون (أرشيف)
الرئيس اللبناني ميشال عون (أرشيف)
الإثنين 18 مايو 2020 / 20:54

خدمات كورونا في لبنان

يمكننا، دون خبث، أن نقول إن كورونا خدم الوزارة اللبنانية. كانت بداية الوزارة صعبة، وقد بدا هذا واضحاً في خطاب رئيسها حسان دياب، الذي كان يحاول أن يبدو ناطقاً باسم انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) ومنقلباً على الطبقة السياسية اللبنانية.

مع كورونا بدا أن الصراع السياسي اللبناني لم يعد قادراً على استقطاب الجمهور. بدا أن تفاصيل هذا الصراع، على الدولة وعلى الحكم، لم تعد في الصدارة. لقد تأخرت الى ما وراء الهلع الكوروني

هذا الخطاب، لن يطول الوقت حتى ينتقل الى رئيس الجمهورية، الذي، في كلمة له، عاد باللوم على الحكومات السابقة، كما أنه سيغدو على لسان كافة وزراء وحلفاء الوزارة.

جاءت الوزارة من فريق واحد هو حلف رئيس الجمهورية وحزب الله. هذا بالطبع لم يكن علامة قوة لوزارة تواجه أزمات تحتاج، فيها جميعها، إلى دعم دولي لا يتوفر بقوة، اذا كان حزب الله من أركانها، أو ركنها الأول، كما تُردد أوساط في الداخل والخارج.

لا شك أن هذا يضعف الوزارة ويعزلها، كما بدا في مستهل حكمها. لم يكن متوقعاً في مثل هذه الحال أن تنجح الوزارة في فرض نفسها، وأن تحظى باعتراف شعبي. لكن كورونا الذي دخل الى لبنان عن طريق زائرة الى قم الإيرانية في زعم، وراهب قادم من إيطاليا في زعم آخر، أي أنه قدم إلى لبنان، بالصدفة البحتة، عن طريق هو ذاته يعود الى إنقسامه الطائفي.

لم تكن الوزارة الجديدة، ورئيسها بالضبط، مدعومة حتى من طائفة الرئيس. وقف رؤساء الوزارة السابقون ضد هذا التجاوز لهم، وتعيين واحد لرئاسة الوزارة من خارج الصف الرئاسي. كان هذا بالتأكيد نقطة ضعف قاتلة، بالمفهوم اللبناني، فالمنصب، منصب رئاسة الوزراء، يعود الى الطائفة السنية، وفي تكليف سني غير نافذ استضعاف للطائفة، خاصة مقابل الطائفة الشيعية المنافسة، التي بدا أنها تتصدّر الحكم. شعرت الطائفة السنية بأنها استُضعفت، وكان يمكن لهذا أن توهن الوزارة، لكنه كورونا.

مع كورونا بدا أن الصراع السياسي اللبناني لم يعد قادراً على استقطاب الجمهور. بدا أن تفاصيل هذا الصراع، على الدولة وعلى الحكم، لم تعد في الصدارة. لقد تأخرت الى ما وراء الهلع الكوروني، بل بدا فوراً أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالبلد، بل وتفاقمت بسبب كورونا وما جره على البلد من إقفال للمؤسسات الاقتصادية ووقف للعمل اليومي وبطالة مستشرية.

حتى هذا التفاقم والاشتداد في الأزمة لم يعودا ماثلين تماماً. الهلع الكوروني كان هو الذي يتصدر وهو الطاغي، وفي وقت كانت فيه الأزمات المعيشية والاقتصادية تشتد وتتزايد، كانت العين نصب كورونا، وبالطبع كان ذلك على عاتق الوزارة التي وجدت نفسها، بدرجة أساسية في مواجهة كورونا وهذا موضوع يحتاج الى قدر من الجهوزية، وإلى انشغال يومي، وإلى تقنية ناجحة.

كان هذا بالتأكيد متوفراً لدى وزير الصحة، الذي صارت تنقلاته الدؤوبة ونشاطه اليومي وأحاديثه اليومية أيضاً، على شاشات المحطات التلفزيونية التي بدا، أنها ايضاً، تحت تأثير كورونا صارت أميل إلى الوزارة الجديدة، التي في وقت قصير نسبياً، صارت سلطة حقيقية. وبسبب كورونا اكتسبت مشروعية لم تكن لها عند ولادتها.

وزير الصحة حمد حسن الذي، سحر اللبنانيين بشبابه ونشاطه، مسمّى من قبل حزب الله. هو الآن نجم الشاشات، وهذا بالتأكيد يخلط الأوراق، فالوزارة ذات اللون الواحد والوزير المسمى من حزب الله اكتسبا مشروعية، جعلت رئيس الوزراء قادراً على أن يواجه ويتهم، شأن وزير الصحة اللطيف الذي فاجأ بتغريدة فيها قدر من اللوم المزدري والحاد.