الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مترئساً اجتماعاً عن بعد (أرشيف)
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مترئساً اجتماعاً عن بعد (أرشيف)
الإثنين 18 مايو 2020 / 20:40

أما قبل وأما بعد

للعرب في درسهم اللغوي لطائف. وهذه اللطائف لا تبتعد عن طريقة تفكير العربي في النظر إلى الحياة. فاللغة منظار والحياة منظور. وبمنظار اللغة يمكن أن نستشرف المنظور الجديد للعالم بعد أزمة عالمية غير مسبوقة. فكما يقول أهل القيادة والخبرة والدراية، إن العالم بعد أزمة كورونا، لن يكون كما كان قبلها.

فكرة مشروع محمد بن راشد آل مكتوم للتعليم الذكي كانت سبباً – من ضمن أسباب عدة - في أن يتوقف العالم كله، ولا يتوقف التعليم والتعلم في دولة الإمارات. لقد أحسنت القيادة في الإمارات صناعة ما قبل الوضع، فأصبح بإمكانها أن تكتب بذكاء ما بعد الوضع

"أما بعد"، هذه عبارة وقف عندها اللغويون العرب، فدرسوها وأشبعوها درساً إلى درجة أنهم اختلفوا في نسبة الفضل الريادي في استخدام تعبير أما بعد إلى سبعة أشخاص، آدم، وداود، ويعقوب عليهم السلام، من الأنبياء. بالإضافة إلى قس بن ساعدة، وكعب بن لؤي، ويعرب بن قحطان، وسحبان بن وائل. بل وصنفوا أكثر من خمسة عشر مجلداً في مسألة أما بعد منها، إنجاز الوعد بمسائل أما بعد، وهذا كتاب احتاج إلى شرح في مصنف آخر اسمه إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بعد. وهناك أيضا ًكتاب حلية ذوي المجد، وكتاب الجوهر الفرد، وكلها في أما بعد.

أما حين وصلوا إلى تعبير أما قبل، فقد قال أحد الدراسين عنها: "هذا تلاعب لغوي بالألفاظ للفتِ نظر الناس. فلم نسمع بأما قبل إلا قليلاً".

لست أدري سبب التحيز لتعبير أما بعد على حساب أما قبل. هل لأن ما يأتي به القدماء محل تقدير، وما تنتجه الحداثة لا يستحق الدراسة والتطوير!! هذا تبرير يدعو للتشاؤم، لكن هناك تبرير يجلب التفاؤل وهو أن العرب يؤثرون الحديث عن أما بعد فهو القادم والمستقبل، ويعرضون صفحاً عما قبله وعما مضى وانتهى.

وربطاً للحديث بين الأوضاع التي يعيشها العالم ومصطلحي أما بعد وأما قبل، فإني أتساءل: هل أتقن العرب قراءة المستقبل؟ هذا تساؤل يترتب عليه استقراء ما أنجزه العرب في مرحلة ما قبل الوضع الواقع حالياً؟

قد يكون جديراً بالذكر أن أتعرض لموقف حدث معي في 2003 إذ دخلت مدرسة من مدارس أبوظبي، فرأيت فيها مختبراً للكمبيوتر مزوداً بأحدث الأجهزة، يدرب فيه الطلاب على مهارات متقدمة في علم الحاسب الآلي مدمجة بالمواد الدراسية التي يتلقونها في المدرسة.

كان ذلك المختبر في حينه فكرة تجريبية لمشروع محمد بن راشد آل مكتوم للتعليم الذكي.

تلك الفكرة كانت سبباً، من ضمن أسباب عدة، في أن يتوقف العالم كله، ولا يتوقف التعليم والتعلم في دولة الإمارات. لقد أحسنت القيادة في الإمارات صناعة ما قبل الوضع، فأصبح بإمكانها أن تكتب بذكاء ما بعد الوضع.

خصصوا يوماً من أيامكم للاطلاع على القراءات المتعددة لما بعد هذه الأزمة، فلعلها تفتح أبواباً، وتمهد طرقاً.