عودة الحياة تدريجاً في إيطاليا.(وكالات)
عودة الحياة تدريجاً في إيطاليا.(وكالات)
الإثنين 25 مايو 2020 / 17:47

الاستعداد لعودة الحياة

لا شك أن التفاؤل وقوة الروح والقابلية للعافية لا للمرض، عناصر في غاية الأهمية لكن دورها لا يأتي ومنطقتها لا تبدأ، إلا بعد أن يقول العلم الحديث كلمته وينطق الأطباء قبل الكل

أعلن عدد من الحكومات حول العالم عن خطط وبرامج لعودة الحياة وفتح البلاد وبداية النهاية للحظر، حيث سُمح في عدد من بقاع العالم بدخول الشواطئ ودور العبادة والمتاحف بشكل متكرر بشرط التزام الناس بإرشادات وزارات الصحة حول فيروس كورونا، من إبقاء مسافة تفصل الفرد عن الآخر وارتداء الأقنعة والقفازات والالتزام بالنظافة العامة. عدة بلدان سمحت لوسائل النقل العام بنقل حمولة كاملة من الركاب خلال ساعات الذروة وفتحت المطاعم والنوادي وأحواض السباحة والفنادق. وهناك حكومات أخرى في طريقها للسير في نفس الاتجاه، وفي تصوري أنه لن تبقى دولة واحدة مغلقة إلى نهاية السنة الميلادية. هناك بلدان كثيرة لا تستطيع، من الناحية الاقتصادية أن تُغلق أسواقها ولذلك لم تطبق الحظر الكامل، وهناك دول أغلقت نفسها لكن لا تستطيع أن تبقى مغلقة أكثر مما مضى، وفي النهاية، الجميع سيخرج ولن يختار أحد أن يبقى في الحظر إلى أن يوجد اللقاح ويصبح متداولاً.

هل معنى هذا أن رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون كان على حق في موقفه الأول عندما رفض إغلاق بريطانيا ودعا لتحمل تبعات إبقاء البلد مفتوحة مهما كانت التضحيات؟ الأرجح أنه لم يكن على صواب، لأن العالم كان بحاجة لفترة الحظر لكي ندرك أن الأمر ليس مجرد مؤامرة، بل نحن نواجه مشكلة حقيقية كان من الضروري أن نأخذ فترتنا في البيوت لكي نستوعب خطرها بشكل صحيح، ولكي نتصور خطورة الفيروس كما هي بالفعل، لا كما يصورها الخوف وأفلام الرعب، ولا كما يدعي أنصار نظرية المؤامرة الذين أنكروا كل شيء كعادتهم بدون برهنة.

كان من الضروري أن ندرك قيمة الحياة وكم هي قابلة للكسر، وأنه لا يمكن أن نمضي منخرطين في كل تلك العادات السيئة وإهمال الصحة. فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة جعلنا كلنا نختبئ في البيوت لمدة شهور، لأن حياة الإنسان تتصف بهذه الرقة القاتلة، رغم أنها غالية جداً. هذا ما تحار فيه العقول، أن تجتمع النفاسة مع القابلية للكسر.

هناك رأي آخر للذين لم يغلقوا دولتهم من الأساس، السويد، ولجماعة كبيرة من أصحاب نظرية الطب البديل ومن يحيلون الأمراض بشكل كامل للظروف النفسية والقابلية للمرض. بطبيعة الحال السويد لديها أسباب مختلفة لها علاقة بقدراتها الطبية وتفوق خدماتها في مقابل عدد السكان. والطب الحديث قد اعترف في هذه الأزمة بأهمية دور القابلية للمرض والأثر النفسي، لكن كل هذا لا يعني صحة منطق الخرافيين الجدد الذين ينكرون وجود الأمراض ويشككون في دور اللقاح والأدوية. لو استمع العالم لقول هؤلاء لكنا لا زلنا ندفن الجثث.

لا شك أن التفاؤل وقوة الروح والقابلية للعافية لا للمرض، عناصر في غاية الأهمية لكن دورها لا يأتي ومنطقتها لا تبدأ، إلا بعد أن يقول العلم الحديث كلمته وينطق الأطباء قبل الكل بما يجب وما لا يجب أن يفعل. عندها فقط يمكن أن يكون مقبولاً كل تلك الأحاديث عمن تجاوزوا المائة بدون أمراض بسبب صعودهم الجبال وشربهم للعسل.