(أرشيف)
(أرشيف)
الجمعة 5 يونيو 2020 / 12:44

في قطر.. قمع وخنق للحريات "بالقانون"

24 - أحمد إسكندر

يواصل نظام الحمدين في قطر ممارساته القمعية التي باتت مكشوفة للمجتمع الدولي، ولإضافة الشرعية على هذه الممارسات عمد إلى سن القوانين الجائرة.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد عمد مؤخراً إلى إثارة الجدل والقلق دولياً بعد تعديلات وصفتها منظمة العفو الدولية بـ "القمعية" تتعلق بحرية التعبير وحقوق الإنسان، على الرغم من أن المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واضحة لا لبس فيها وتنص على أن لكل شخص "الحق في حرية الرأي والتعبير دون تدخل"، إلا أن الدوحة تسير عكس هذا الاتجاه قلباً وقالباً محاولة خداع العالم أنها تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه.

تراجع مقلق وقمع للحريات
ولمزيد من القمع وكبت الحريات، جاء البند الجديد على المادة 136 مكررة من قانون العقوبات القطري، الذي ينص على أن "يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تزيد عن 100 ألف ريال قطري، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تناول بإحدى الطرق العلانية من الداخل أو الخارج الشأن العام للدولة أو أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة".

وعلى الفور وجهت منظمة العفو الدولية انتقادات لاذعة إلى الدوحة وقالت: إن القانون الجديد "تراجع مقلق" عن الالتزامات التي قطعتها قطر على نفسها في 2018 عندما صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وصدقت عليه في المجمل 173 دولة.

واعتبرت العفو الدولية أن التعديلات "ّذات صياغة فضفاضة" وتقيد بشكل كبير حرية التعبير في قطر، ووصفتها بـ"صفعة مريرة أخرى" لحرية التعبير، و"انتهاك صارخ" للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأضاف البند الذي نشر في الجريدة الرسمية لقطر "تضاعف العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب".
وظهر النص الكامل للقانون (الذي استعرضته منظمة العفو الدولية) بعد تأكيده بالجريدة الرسمية رغم أن الأمير تميم أصدره قبل أسبوعين من ذلك التأكيد تقريباً.

دعوات لإلغاء التعديلات

هذه التشريعات التي فرضها النظام القطري وضعت حقوق الشعب القطري في أسفل درجات سلم الاهتمامات بدليل أنها تقييد من حرية المواطن القطري وتبعث له مشاعر القلق والخوف إذا ما أراد الدفاع عن حقه.

منظمة العفو الدولية سرعان ما طالبت على لسان مديرة البحوث للشرق الأوسط لين معلوف، السلطات القطرية بإلغاء التعديلات، قائلة: "من المثير للقلق البالغ أن الأمير القطري يصدر تشريعات يمكن استخدامها لإسكات صوت المنتقدين السلميين، ويجب على سلطات قطر إلغاء هذه القوانين، بما يتماشى مع التزاماتها القانونية الدولية، وليس إضافة المزيد منها".

وأضافت معلوف: "قطر لديها بالفعل مجموعة من القوانين القمعية لكن هذا التشريع الجديد يوجه ضربة مريرة أخرى لحرية التعبير في البلاد ويعد انتهاكاً صارخاً لقانون حقوق الإنسان الدولي".

حقوق العمالة
وثمة بواعث قلق أوسع نطاقاً بشأن سجل حقوق الإنسان في قطر، وخاصة معاملتها للعمال الأجانب، خاصة بعد أن أعلنت مؤخراً قانون جديد يلغي شرط الحصول على "مأذونية الخروج" لعاملات وعمّال المنازل الأجنبيات.

وجاء الإعلان بشكل تعسفي من وزارة الداخلية مؤكدة بأنها ستواصل مع ذلك تطبيق العقوبات المالية وعقوبات الهجرة على عاملات وعمّال المنازل اللائي تركن العمل دون إذن صاحب العمل على الرغم من عدم وجود من أي مادة في القانون تجيز مثل هذه العقوبات.

وعلى سبيل الذكر لا الحصر لدى قطر أصلاً قوانين تقيد حرية التعبير بشكل تعسفي، مثل قانون المطبوعات والنشر الصادر عام 1979، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر عام 2014، وفقاً لما أدانته تقارير مفصلة صادرة عن منظمة العفو الدولية.

انقلابات
قطر دولة شهدت منذ نشأتها الأولى صراعاً سرياً على من يحكم مفاصلها سواء عسكرياً أو اقتصادياً وحتى علاقتها مع المحيط العربي والعالمي وشهدت خلال فترات مختلفة انقلابات داخل الأسرة الحاكمة نفسها منها ما كان بقوة السلاح ومنها ما تم حبكه تحت جنح الظلام.

تداولت حسابات عدة على موقع تويتر ووسائل إعلام، قبل نحو شهر، أنباء عن وقوع محاولة انقلاب في قطر، ونشر حساب باسم "حكومة قطر الانتقالية" مقاطع فيديو غير واضحة يسمع فيها إطلاق نار وتظهر فيها ومضات من اللهب باستخدام وسم #انقلاب_ في_ قطر، في وقت سارع مسؤولون في الدوحة إلى نفي هذه المعلومات.

وقبل عدة أشهر من ذلك انتقد "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" سياسات وتشريعات قطر التي تقيد حرية الرأي، والتعبير والتجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات، بما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الدوحة والدستور القطري الذي يضمنها، نظرياً.

وندد المرصد الأورومتوسطي بالشروط الصعبة التي تفرضها الحكومة القطرية والقيود على إنشاء منظمات المجتمع المدني، ما أدى إلى تقييد عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة في البلاد وسبب حالة من الاحتقاق في الرأي العام.

وبحسب ما ذكر المرصد تحظر المادة 35 من قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة لعام 2004 مشاركة منظمات المجتمع المدني في الأنشطة السياسية، وتنص على شرط حصول منظمات المجتمع المدني على ترخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية، التي بدورها قد ترفض تسجيل أي منظمة تعتبرها تهديداً للمصلحة العامة، ما يجعل عدد منظمات المجتمع المدني المسجلة في قطر محدوداً للغاية ولا يمثل توجهات الشعب القطري.

على الصعيد العالمي تحرم قطر أيضاً الموظفين والعمال خاصة الأجانب منهم من تشكيل هيئات تضمن الدفاع عن حقوقهم، في ظل رفض الدوحة توقيع اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87 لعام 1948 الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي، واتفاقية حق التنظيم والتفاوض الجماعي رقم 98 من 1949، المنظمة لحقوق العمال المهنية خوفا من تشكيل الرأي العام العالمي ضدها.

على ما يبدو أن قطر لم تتعلم الدرس بعد وها هي على أعتاب دخول السنة الرابعة من مقاطعة المحيط الخليجي وأغلب الدول العربية لها بسبب سياساتها الاستفزازية القائمة على دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول بهدف زعزعة استقرارها وأمنها وربما هو الكأس الذي تشرب منه الدوحة اليوم.