الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في آيا صوفيا (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في آيا صوفيا (أرشيف)
الجمعة 10 يوليو 2020 / 16:02

تحويل آيا صوفيا إلى مسجد لن ينقذ أردوغان في الانتخابات

يرى محللون سياسيون أن إعادة تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، لن يغير التوقعات السياسية بمستقبل الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيلكنت في أنقرة، بيرك إيسن، لموقع "أحوال" التركي، إن "القضية قسمت المجتمع. ورغم أنه أشار إلى أن تحويل المعلم التاريخي إلى مسجد انتصار للرئيس التركي وللإسلاميين، إلّا أنه لا يتوقع أن ينجح أردوغان في توسيع قاعدته الإنتخابية بناءً على هذا القرار".

خسائر متوالية
وحسب التقرير، شبه  الباحث الأمر بجهود الرئيس طويلة الأمد لبناء مسجد في ميدان تقسيم، المشروع الذي شارف على الاكتمال. ومع ذلك، فإنه فشل في زيادة نسبة الدعم للرئيس وحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي خسر بلديات العديد من المدن التركية الكبرى، بما فيها إسطنبول وأنقرة، لصالح حزب الشعب الجمهوري المعارض في 2019. وقد يتكرر نفس السيناريو مع تحويل آيا صوفيا المحتمل.

وقال إيسن، إن "الوضع الاقتصادي العام لن يتغير"، في إشارة إلى الاقتصاد التركي المضطرب واستنكار كبار المسؤولين في اليونان، وروسيا، والولايات المتحدة، لقرار تحويل آيا صوفيا. ويتوقع أن يواجه الرئيس التركي رد فعل قوي على الساحة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أن يكون للتغيير أي تأثير على الناخبين الشبان في تركيا، الذين ينفرون من حزب العدالة والتنمية، حسب دراسة لمركز غيزي للبحوث في يونيو (حزيران) الماضي.

قضايا مهمة
وتابع إيسن "بالنسبة للناخبين الشباب، ليست آيا صوفيا قضية مهمة حقاً. ما هو أكثر أهمية من الافتقار إلى فرص عمل جيدة، ونقص الفرص التعليمية، والانكماش الاقتصادي"، مضيفاً أن هذه الفئة قد تخلق تأثيراً كبيراً في الانتخابات المقبلة المقررة في 2023، رغم أنها تمثل حوالي 12% من الناخبين فقط.

وأشار إلى أن الفارق في نتائج الإنتخابات الماضية كان ضئيلاً ما يجعل نسبة هؤلاء الشباب قادرة على تغيير الموازين.

ولفت تقرير "أحوال" إلى أن دراسة مركز غيزي للبحوث، كشفت أن حوالي 13 مليون شاب تركي لا يتبنون قيم حزب العدالة والتنمية المحافظة. ويبقى أكثر من ربعهم عاطلين عن العمل، إذ بلغت نسبة البطالة بين الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، حوالي 25% في الأشهر الماضية. ومع ذلك، تحدّث العديد من الشبان الساخطين عن مقاطعة التصويت لأي حزب أو مغادرة البلاد لرسم مستقبلهم في أوروبا أو الولايات المتحدة.

أصوات الشباب
وقال إيسن: "بدأ أردوغان يفقد أصوات الجيل الشاب بشكل خطير"، لكن مصير هذه الأصوات الضائعة مجهول، ويمكن أن يختار هؤلاء الاحتفاظ بها أو تقديمها إلى أحزاب المعارضة.

وقد تقلّصت خياراتهم في مغادرة البلاد بسبب القيود المفروضة على السفر بسبب الوباء. كما أنهم لا يميلون تلقائياً لصالح حزب الشعب الجمهوري، الذي لم يفعل سوى القليل لغرس الثقة في نفوس الناخبين في السنوات الأخيرة.

وقال إيسن إن على أحزاب المعارضة ألا تعتبر الحصول على أصوات هؤلاء الناخبين أمراً مؤكداً، وأن عليها بذل المزيد للحصول على دعمهم.

سياسات مستبدة
ويعتبر الانزلاق إلى الاستبداد والابتعاد عن سيادة القانون منذ الانقلاب الفاشل في 2016، سبباً آخر لابتعاد الناخبين الأتراك عن حزب العدالة والتنمية، إذ أعلنت الحكومة حالة الطوارئ وطردت أكثر من 150 ألف موظف حكومي من الشرطة، والقضاء، والجيش، والتعليم.

وسُجن عشرات الآلاف من الأتراك لصلاتهم المزعومة بمخططي الانقلاب، وسجن عشرات الصحافيين، والنشطاء، والسياسيين البارزين، مثل عثمان كافالا، وصلاح الدين ديميرطاش، بتهم ملفّقة.

وبالإضافة إلى ذلك، دعمت وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والتمويل الخاص والعام، حزب العدالة والتنمية.

ففي فبراير (شباط) الماضي، أشار سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى تركيا، مارك بيريني، في حديث لموقع "أحوال" إلى أن تركيا تتجه نحو الاستبداد.

ولكن إيسن يختلف مع هذا الموقف، ولكنه اعترف بأن الرئيس التركي احتكر سلطة الدولة إلى حد كبير.

عزلة
وقال إن الحزب الحاكم أصبح معزولاً، بعد أن أصبح منحصراً في أردوغان ودائرة صغيرة من حوله.

لكن البيئة السياسية لا تعد سليمة في جنوب شرق تركيا، أين شنت الدولة حملة صارمة على حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، وطردت أكثر من 125 منتخباً على قائماته، وسجنت العشرات من قادته، بما في ذلك ديميرطاش، واحتجزت الآلاف من أعضائه بتهمة  التورط في الإرهاب.

وإذا اتخذ أردوغان موقفاً عدوانياً مشابهاً ضد حزب الشعب الجمهوري، وهو أمر يتوقعه البعض، فستتحول تركيا رسمياً إلى أوتوقراطية، وفقاً لإيسن

فرصة المعارضة
ويرى الباحث، أن الأرجح أن يظل الزعيم الاستبدادي منافساً في الساحة الانتخابية، لأن ذلك يمنحه بعض الشرعية الشعبية، وبعض الدعم في الساحة الدولية، وربما يسمح له بالسيطرة على الوضع بسهولة أكبر.

انهيار اقتصادي
وفي مقال حديث، قال إيسن والمؤلف المشارك شبنام غيميشجي من كلية ميدلبري، إن صدمة اقتصادية كبيرة ستحد من الصدقات التي يوزعها حزب العدالة والتنمية عبر شبكات دعمه الرئيسية، على النخب والفقراء، ما يمكن أن يؤدي إلى تفكك الاعتماد المتبادل بينهم والقائم منذ عقود.

قال إيسن: "مع الانكماش الاقتصادي وتقلص القاعدة الاقتصادية، تغيرت حظوظ الحزب الانتخابية كثيراً".

وكما هو الحال مع الناخبين الشبان، يرى إيسن أن أمام المعارضة طريقاً طويلاً لإقناع المترددين والمستائين من حزب العدالة والتنمية بالإنضمام إليها. ومع ذلك، أقر بأن الظروف مواتية لزيادة دعم المعارضة من الآن وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

انتخابات مبكرة
توقع العديد من المحللين أن يدفع الأمر أردوغان إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة. ولا يرى إيسن احتمال ذلك في 2020. وبدلاً من ذلك، أشار إلى سيناريو محتمل بعد عام ونصف، أي قبل أن تتمكن الأحزاب المنشقة بقيادة شخصيات من حزب العدالة والتنمية السابقة من تحقيق مكاسب، وبعد أن يحصل الاقتصاد التركي على بعض الوقت للتعافي، حتى يعتمده الحزب عامل جذب للناخبين.

وقال إن الدعوة إلى الانتخابات بحلول خريف 2021 أو ربيع 2022 ستمنح أردوغان  اللحظة المثالية، والمناسبة الأكثر للقدرة على التنافس ضد المعارضة.

وأكّد أن المنافسة ستبقى شرسة، لكن تلك الفترة ستكون الأمثل للرئيس التركي وحزبه الحاكم.