الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الثلاثاء 4 أغسطس 2020 / 12:21

موقع تركي: أينما وضع أردوغان يده حل الفشل والخراب

أطلقت تركيا مشروع جنوب شرق الأناضول "جاب" منذ حوالي 40 عاماً، ليكون من أكبر مشاريع تطوير أحواض الأنهار في العالم، وأكبر مشروع تطوير في تركيا، ويشمل 13 مشروعاً للري والطاقة الكهرومائية، وبناء 22 سداً، و19 محطة للطاقة الكهرومائية على نهري دجلة والفرات.

وحسب مقال للكاتبة والصحافية نورجان بايسال في موقع "أحوال تركية" بعنوان "أينما وضع أردوغان يده يحل الفشل والخراب" فإن "السلطات التركية، أكدت أن المشروع سيؤدي إلى خلق 4 ملايين وظيفة جديدة في منطقة يبلغ معدل البطالة فيها ضعف المعدل القومي. لكنها فشلت في تحقيق الازدهار والعمالة الموعودة، ناهيك عن مقاطعة أورفة الجنوبية، مركز المشروع". وتُظهر تحديات المشروع كيف يمكن لنظرية التحديث التقليدية أن تفشل في منطقة تعاني منذ قرون من المظالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وفي الأعوام الـ 15 عاماً الماضية "أصبح العمل الموسمي أحد مصادر المعيشة الرئيسية في جميع المحافظات تقريباً في منطقة تغطية مشروع "جاب"، بما في ذلك في أديامان، وبطمان، وديار بكر، وغازي عنتاب، وكلس، وماردين، وسعرد، وأورفة، وشرناق، حيث فشل المشروع في تحقيق التنمية الكافية وتوفير فرص العمل. وغالباً ما تلفت هذه المحافظات، خاصة أورفة، انتباه وسائل الإعلام بسبب وفاة العمال الموسمي، إذ يهاجر الآلاف من سكان المنطقة إلى مدن أخرى للعثور على وظائف مؤقتة في المزارع".

وتتساءل الكاتبة لماذا تحول المشروع إلى مثل هذا الفشل الذريع؟

تقول باسيل إن المشروع كان "في البداية مشروعاً تقوده الدولة إلى حد كبير ويهتم بشكل أساسي بالبنية التحتية والتنمية الاقتصادية. ومن خلال خطة أكثر شمولاً وضعت في 1989، تحول مشروع "جاب" إلى مشروع تنمية متكامل يشرف أيضاً على التنمية الاجتماعية، بما في ذلك التعليم، والصحة، والاستثمارات في البنية التحتية الريفية والحضرية، ومراكز الشباب. وكان من المقرر الانتهاء منه في 2010".

وأضافت "تألف الفريق المسؤول عن إدارة المشروع قبل 2002 من أكثر مسؤولي التطوير المؤهلين في تركيا، تحت قيادة أولكاي أونفر، أحد أكثر البيروقراطيين كفاءةً في تركيا، وكان بمثابة مدرسة دربت مسؤولي التنمية المستقبليين في تركيا. وبمجرد وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة في 2002، أُقيل جميع الأعضاء المهرة في الفريق التقني التابع للمشروع، بمن فيهم أونفر".

و"في 2008، أعلن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خطة عمل جديدة بعد تحديد 4 محاور للتنمية الاستراتيجية، تحقيق التنمية الاقتصادية، وضمان التنمية الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، وتحسين القدرات المؤسسية".

وأعلن أردوغان في 27 مايو (أيار) 2008، في مؤتمر صحافي، أن "الهدف الرئيسي لخطة العمل، تحقيق الازدهار والسلام والسعادة للمنطقة". لكن مشروع "جاب" لم يحقق الازدهار والسلام ولا السعادة للمنطقة، لاسيما بعد وأد المرحل الرابعة من خطة العمل، وهي تحسين القدرة المؤسسية، بعد إقالة المسؤولين الأكفاء في تركيا.

وتمضي الكاتبة، وتقول: "لم يكن التطور الاقتصادي المخطط له في المشروع ممكناً، ولم تستطع الحكومة تقديم حوافز تجعل الاستثمار في المنطقة المضطربة جذاباً أو يعوض عن المخاطر المحتملة. لم يتحقق هدف تقريب الاقتصاد المتعثر في المنطقة من متوسط الدولة في مجالات مثل التعليم، والصحة، والعمالة، والخدمات الاجتماعية والثقافة، في جزء من خطة التنمية الاجتماعية، لأن الاستثمار الضروري لم يكن في هذه المنطقة. ربما تقدم المزيد من المساعدة للفقراء في المنطقة خلال هذه الفترة، ولكن لم تعتمد استراتيجيات للقضاء على الفقر بشكل فعال".

وأضافت "هنا نسرد الإنجازات في البنية التحتية، إذ انتهت فقط 13 من أصل 19 محطة للطاقة الكهرومائية في إطار المشروع، و19 من السدود الـ 22 المخطط لها، وفقًا لأرقام 2018. وكان الهدف من المشروع هو توفير أنظمة لري 1.8 مليون هكتار، ولكن فتح حوالي 559 ألف هكتار للري. وبشكل عام، تحقق 74% في مشاريع الطاقة خلال 40 عامًا، و53% من مشاريع الري. وعلاوة على ذلك، فإن مكونات الطاقة في المشروع تعطي الأولوية عموماً لتوفير الطاقة للبلد بأكمله، وليس للمنطقة".

وشددت الكاتبة على أن "الري هو المكوِّن الرئيسي المراد تحقيق منافعه في المنطقة. ولكن لسوء الحظ، لم تسير مشاريع الري جنباً إلى جنب مع غيرها من البنية التحتية والاستثمارات الاجتماعية، وكثير من الأموال المتداولة في المشروع دخلت جيوب أصحاب وملاك الأراضي بدل  الفقراء".

وتعتبر الكاتبة، أن "الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني المستمر في المنطقة هو العامل الأكبر في الفشل في الوصول إلى الأهداف الأساسية للمشروع، بعد 40 عاماً. وطالما تستمر الحرب، سيأتي عدد قليل من المستثمرين أو يخلقون فرص عمل، ولن يتحقق الازدهار والسلام والسعادة التي ذكرها أردوغان، وسيظل سكان المنطقة من العمال الموسميين يموتون على الطرق، وسيظلون يسكبون العرق في مواقع البناء في الغرب، وسيستمر أطفالهم في جمع القمامة في أكبر المدن التركية مثل اسطنبول وإزمير. الآن، وبعد 40 عاماً، نحتاج إلى النظر إلى الوراء ومعرفة إخفاقاتنا لتحقيق أقصى استفادة من المشروع".