الإمارات (أرشيف)
الإمارات (أرشيف)
السبت 15 أغسطس 2020 / 15:58

ترحيب واسع بالمعاهدة بين الإمارات وإسرائيل

24 - شيماء بهلول

أشادت العديد من الدول العربية والغربية بالمعاهدة التاريخية للسلام بين الإمارات وإسرائيل، حيث اعتبرت أول بارقة في أفق السلام بالشرق الأوسط منذ أكثر من 6 سنوات، ما أعطى دفعة استراتيجية تعزز مكانة الإمارات في المنطقة والعالم.

وأكدت أوساط سياسية بأن المعاهدة "إنجاز دبلوماسي" كبير يضاف لدولة الإمارات، حيث ستحقق انفراجة هامة على صعيد القضية الفلسطينية، فضلاً عن فتح الأبواب أمام المزيد من الاتفاقيات المماثلة.

اختراق كبير
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول أمس الخميس، عن معاهدة تاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل على توقيع اتفاق سلام بينهما.




كما اتفق الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، متوقعاً إقامة مراسم توقيع الاتفاق في البيت الأبيض خلال أسابيع قليلة.

وستجتمع وفود من دولة الإمارات وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية، تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة، والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة، وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة.

وسيعمل الاتفاق على تجنيب فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط اضطرابات في حال إقدام إسرائيل على خطة ضم الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن السماح للمسلمين بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.

إعادة عملية السلام
ذكرت تقارير أن صفقة خارطة طريق السلام مع إسرائيل، تعيد الأمل في إعادة الحياة إلى "خيار الدولتين" الذي يعني قيام دولة فلسطينية مستقلّة قابلة للحياة.

وقالت صحيفة البيان إن "هذا الإنجاز التاريخي يسجل لصالح القضية الفلسطينية التي تبقى القضية المركزية الأولى للعرب، بدليل أن الهدف الأول للاتفاق هو الحفاظ على حقوق الفلسطينيين، وإنقاذ حل الدولتين، والدفع نحو تحقيقه بما يضمن الاستقرار الدائم في المنطقة".


وأضافت أن "عملية السلام كادت تدفن في طريق مسدود بسبب خطة الضم وما سبقها من جمود للمفاوضات، لكن برؤية جريئة وشجاعة استثنائية لدولة الأخوة الإنسانية واللامستحيل، تم إعادة إحيائها وبات هناك ضوء في نهاية النفق لمن يريد أن يراه".

ووصف مصدر دبلوماسي عربي تراجع إسرائيل عن ضمّ قسم من الضفّة الغربية، بأنّه لا يعيد الحياة إلى خيار الدولتين على أرض فلسطين فحسب، بل يعطي دفعة أمل قويّة للأردن بصفة كونه المتضرّر الأول من أي ضم إسرائيلي لمعظم الضفة الغربية، بما في ذلك منطقة غور الأردن.

إشادة عربية
ولقي اتفاق الإمارات وإسرائيل على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة برعاية الولايات المتحدة، ترحيباً عربياً واسعاً لجهة دفعه فرص السلام والاستقرار في المنطقة، باعتبار أنه نصراً دبلوماسياً لمساعدة الفلسطينيين.

وثمّن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاتفاق، واعتبره خطوة من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط، وقال بصفة أن بلاده كانت أول دولة عربية توقع اتفاقاً للسلام مع إسرائيل عام 1978: "أثمن جهود القائمين على هذا الاتفاق، من أجل تحقيق الازدهار والاستقرار لمنطقتنا".



وأعربت البحرين عن بالغ تهانيها لدولة الإمارات، قائلة إن "هذه الخطوة التاريخية ستسهم في تعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة"، كما أشادت بالجهود الدبلوماسية المخلصة التي بذلتها الإمارات، مضيفة أنها تتطلع إلى مواصلة الجهود للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأكدت سلطنة عمان تأييدها لقرار دولة الإمارات، وأعربت عن أملها في أن يسهم القرار في تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط.

أمل جديد للسلام
وبدوره، رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق، واصفاً إياه بأنه قرار شجاع من جانب دولة الإمارات، وأعرب عن أمله في أن يساهم بإرساء السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأي مبادرة يمكن أن تعزز السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وأعرب عن أمله في أن يساهم الاتفاق في التوصّل إلى حلّ للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس مبدأ حلّ الدولتين، ويتيح فرصة للزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين للانخراط مجدّداً في مفاوضات جادّة تحقّق بما يتّفق مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية.

ورأى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن الاتفاق يعد مساهمة مهمة لحفظ السلام في المنطقة، وقال "نأمل بأن يكون هذا الاتفاق نقطة انطلاق لمزيد من التطورات الايجابية في المنطقة، وأن يعطي زخماً جديداً لعملية السلام في الشرق الأوسط".



وأشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، معتبراً أن الاتفاق محل ترحيب على الطريق نحو شرق أوسط أكثر سلاماً، فيما وصفت الخارجية النمساوية القرار بأنه خطوة تاريخية نحو شرق أوسط أكثر سلماً وازدهاراً.

وأوضح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن الاتفاق خطوة كبيرة تاريخية للأمام على الطريق الصحيح، مشيراً إلى أنها فرصة تاريخية أمام الشرق الأوسط ليكون مستقراً وآمناً.

وأضاف "إنه نجاح كبير للدولتين الأكثر تقدماً على صعيد التكنولوجيا في العالم"، معبراً عن أمل بلاده في أن تكون هذه الخطوة الجريئة الأولى في سلسلة تنهي 72 عاماً من العداء في المنطقة.

ومن جهتها، رحبت وسائل الإعلام الغربية بالاتفاق التاريخي بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة، واعتبرته أملاً جديداً للسلام واتفاقاً تاريخياً حقيقياً، مسلطة الضوء على الامتيازات التي يحققها الاتفاق للأطراف كافة، لاسيما وقف الخطط الإسرائيلية الرامية إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية.

ووصفت تقارير الاتفاق بأنه أمل جديد وتطور عملاق، لافتة إلى أنه سيؤدي إلى تركيز الجهود على تحقيق حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.



موقف غير مفاجئ
وطغت مواقف الترحيب الدولي والإشادة من قبل غالبية دول العالم بالاتفاق الإسرائيلي الإماراتي برعاية الولايات المتحدة، على المزايدات التركية والإيرانية عبر البروباغندا المضللة لاكتساب مكانة زائفة.

واعتبر مراقبون أن الموقف التركي تميز بالطرافة، إذ هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بقطع العلاقات مع الإمارات، وهاجمت وسائل الإعلام الرسمية والحكومة التركية القرار الإماراتي، في الوقت الذي تقيم فيه أنقرة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وترتبط معها بعلاقات صناعية وتجارية واسعة، وتقوم إسرائيل بتقديم خبراتها العسكرية والتصنيعية الحربية إلى تركيا.

وكررت إيران كلامها المعتاد عن إسرائيل، مستغلة فرصة إعلان الاتفاق، لمهاجمة الإمارات في موقف لم يفاجئ دول المنطقة، فيما دعى الموقف القطري المتاجر بمصالح الفلسطينيين وقضتيهم، إلى التحريض ضد الاتفاق التاريخي.

وأجمع المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان والسفيرة الإسرائيلية بالوكالة في لندن شارون بارلي، على أن الرفض التركي الإيراني للاتفاق يكشف رغبة الدولتين في استمرار الصراع في المنطقة.

وقال جندلمان إن "عناد تركيا وإيران يكشف عدم رغبتهما في إنهاء الصراع في المنطقة، وتوقع إقدام دول عربية وإسلامية أخرى على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

وقال أستاذ العلاقات الدولية البحريني عبدالله المدني "يكفي الإشارة إلى فضيحة (كونترا غيت) بين إسرائيل والنظام الإيراني في الثمانينيات، واحتضان طهران لحركة حماس المدعومة إسرائيلياً من أجل شق الصف الفلسطيني، والاتفاقيات السرية العسكرية والأمنية بين تل أبيب ونظام أردوغان ذي التوجهات الإخوانية الحاكم في أنقرة".

وأوضح الكاتب السعودي مشاري الذايدي، أن الاتفاق لم يهمل الحق الفلسطيني العادل، في قيام دولته والحفاظ على المقدسات الإسلامية لعموم المسلمين، وأيضاً وفّر الفرصة الواقعية بعيداً عن دكاكين الكلام الإخوانية والإيرانية والقومجية واليسارية، وفّر فرصة لقيام حلّ الدولتين بشكل حقيقي.

كما أشار الكاتب المصري عادل السنهوري إلى أن أردوغان يحاول خداع الشعوب، ويمارس هواية قلب الحقائق وخلط الأوراق بإعلان غضبه من دولة الإمارات بسبب اتفاقها المشروط مع إسرائيل، في الوقت الذي تربطه بإسرائيل علاقات تكاد تصل إلى درجة المصاهرة والنسب.

وقال "هذا الغاضب الآن من الإمارات، هو العاشق الأكبر لإسرائيل وحبيب نتانياهو وصديق كل قادتها، وعلاقته بها سمن على عسل والأرقام لا تكذب، لكنها تفضح المتباكي على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني بدموع التماسيح".

ويرى محللون في الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، دفعة إستراتيجية تعزز مكانة الإمارات في المنطقة والعالم، ويمكن أن تضعها في مرتبة متقدمة لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات الحاسمة مع واشنطن.

وتوقّعت مصادر عربية أن يفتح اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي الأبواب أمام المزيد من الاتفاقيات المماثلة، خصوصاً أنّ العلاقات القطرية الإسرائيلية أكثر من طبيعية منذ سنوات طويلة، فيما استقبلت سلطنة عُمان قبل وفاة السلطان قابوس بن سعيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل رسمي.



إنجاز تاريخي
وقال الكاتب الإماراتي خالد بن ضحي الكعبي لصحيفة البيان إن "الاتفاق يعد نصراً تاريخياً ونجاحاً يُضاف إلى خانة النجاحات الإماراتية في دعم قضية فلسطين وشعبها، لاسيما أن العديد من القوى السياسية في الداخل الفلسطيني وأطراف إقليمية ودولية كثيرة اعتبرته دليلاً على نجاح الإمارات في إعادة اختراق القضية الفلسطينية، وعودتها إلى طاولة المفاوضات بعد أن دخلت غياهب المجهول".

وذكرت الصحيفة أن الاتفاق يفتح طاقة أمل كبيرة للمنطقة، التي شهدت على مدى قرن من الزمان ويلات الحروب والاضطرابات وعلى رأسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما انعكس على معظم شعوبها التي عانت بما يفوق طاقتها مشكلات الفقر والهجرة ونقص الفرص والتعليم والصحة وفقدان الأمن.

وأشارت إلى أن القرار يجسد الدور الفعال لدبلوماسية الإمارات النشطة، التي كانت قضية فلسطين ولا تزال على رأس أولوياتها، انطلاقاً من إيمانها بأن حلّ هذه القضية هو مفتاح النهوض بالمنطقة، وفق مبادرة السلام العربية، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.



وقال رئيس مجلس أمناء جامعة محمد الخامس في أبوظبي الدكتور حمدان المزروعي، إن "هذا القرار يحمل في طياته عظمة القيادة الاستثنائية التي يتحلى بها الشيخ محمد بن زايد، وما يحمله من تجسيد للقيم الإنسانية ودفاعه عن نهج التسامح والتعايش".

وأوضح أن الاتفاق يعكس بكل جلاء قيم دولة الإمارات التي هي دولة الأفعال والمشاريع الناطقة، والشيم الأصيلة، والقيم النافعة، فلا تحمل الشعارات الزائفة، ولا تدعو للعواطف الهائجة، ولا تقبل أن يزايد عليها أحد ممن جعل القضايا المصيرية مطايا للمزايدات والمتاجرة والمكاسب الآنية.

وأما صحيفة الوطن البحرينية، فقالت إن "الإنجاز الدبلوماسي الذي حققته أبوظبي بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جاء ليؤكد البعد الثاقب الذي تقوم عليه دبلوماسية الإمارات بما يحفظ الحقوق العربية وحقوق الأشقاء الفلسطينيين".

ولفتت إلى أنه لا مجال للمزايدات أو الإساءات في الدبلوماسية الإماراتية، فمواقف الإمارات الشقيقة ثابتة تجاه القضية الفلسطينية لم ولن تتغير، لأن الموقف الإماراتي واضح ويقوم على مبادئ أصيلة تحفظ مصالح الجميع، ودعم أبوظبي معروف ويستحق كل دعم وتقدير.