الداعية فتح الله غولن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أشيف)
الداعية فتح الله غولن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أشيف)
الأربعاء 23 سبتمبر 2020 / 14:07

أركان سلطة أردوغان... شبكات سرية ومافيا وقوميون متطرفون

تساءلت أحوال تركية، عن سبب ظهور العديد من الشخصيات من خلفيات أيديولوجية مختلفة في نفس البرامج التلفزيونية، للدفاع عن سياسات النظام، وعقيدة "الوطن الأزرق" بدرجة متماثلة من الشغف.

وأشارت في تقرير إلى أن "الرئيس رجب طيب أردوغان أعاد تشكيل النظام الدستوري الديمقراطي إلى نظام رئاسي تنفيذي لا يستطيع تحمل أي مسؤوليات، في عملية تسارعت بعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو (تموز) 2016. ورغم أن هذا النظام الجديد كان بلا شك انحرافاً واضحاً من نواحٍ عديدة، واجه المستحوذ العلماني والديمقراطي السابق للبلاد مقاومة قليلة جداً ضد الجهات الفاعلة القوية في المؤسسة".

وتابعت "يمكن القول إن أحد العناصر الرئيسية لإنجاز أردوغان في تحطيم أي مصادر للمقاومة المحتملة وتعزيز حكمه، يكمن في نجاحه في استمالة شبكات سرية مختلفة. تعرف المشاركة أحياناً على أنها رشوة المعارضة، وهو شكل من أشكال التعاون، حيث يمنح شاغل الوظيفة مكانة داخلية أو مزايا سياسية إلى خارج النظام مقابل ولائه. ومن خلال اختيار شبكة أو وكيل، يقضي القائد على المنافسين، ويشكل صورته العامة من خلال قادة اجتماعيين يتمتعون بالمصداقية ويحافظ على السيطرة دون استخدام أساليب قمعية. يتم إقناع الممثل المختار بعدم ممارسة سلطته لعرقلة النظام واستخدام الموارد التي تتوافق مع متطلبات الحاكم بدلاً من ذلك".

شبكات سرية
وأضافت "يمكننا تعريف الشبكات السرية على أنها منظمات سرية، وجمعيات سرية، وشبكات غير مشروعة أو مظلمة، وتجمعات سرية. هذه الشبكات تعمل في أماكن مخفية، وأفرادها غير معروفين لبقية المجتمع ولديهم أهداف غير واضحة. يحافظ أعضاؤها على سرية انتماءاتهم ويخفون الأنشطة التنظيمية. وفي بعض الحالات، يعملون في ظل هذا الغموض لدرجة أنه لا يمكن حتى ملاحظة إذا كانوا موجودين بالفعل أم لا".

وفي حالة تركيا، تقول الصحيفة: "ربما كشف حادث سوسورلوك في 1996 لأول مرة عن مثل هذه الشبكات داخل المؤسسات الأمنية التي كانت تشارك في عمليات سرية غير قانونية وغير رسمية. قُتل عبد الله جاتلي، قاتل ومهرب مخدرات مطلوبًا لدى الإنتربول، وحسين كوجاداغ، نائب رئيس شرطة إسطنبول السابق، في حادث سيارة في سوسرلوك. وأصيب عضو البرلمان سيدات بوكاك زعيم قبيلة كردية متحالفة مع الدولة ضد المتمردين الأكراد".

وعُثر في السيارة على وثائق مزورة وكميات وفيرة من المخدرات والأسلحة والمال. وفي أعقاب الحادث، كشفت صلات بين الدولة والمافيا، بالإضافة إلى أعمال غير مشروعة من قبل المخابرات التركية ووكالة مكافحة الإرهاب "جيتيم"، ووحدة القوات الخاصة "أوزيل حاريكات".

دعم النظام
واليوم، ورغم أنه من غير الواضح أي مجموعة أو زعيم منهم هو الذي يتحكم فعلياً، يبدو أن تركيا عبارة عن مجموعة كبيرة من الشبكات السرية تتكون من مسؤولين عسكريين نشطين ومتقاعدين، وبيروقراطيين، ورجال أعمال، وأكاديميين، ودعاة دينيين، وصحافيين، ورجال مافيا.

وهناك مجموعة واسعة من الشخصيات التي تدعم مبادرات أردوغان بحماسة: مثل اليميني المتطرف وزعيم المافيا علاء الدين جاكيجي، ورئيس الطريقة النقشبندية أحمد محمود أونلو، وزعيم حزب الوطن القومي اليساري المتطرف، دوغو بيرينشيك.

ولكن ما يثير الدهشة، هو أن الجيش، الذي من المفترض أنه كان كمالياً، يُظهر بعض علامات التأييد الصامت لهذه الحالة. ربما لهذا السبب يقول البعض إن أردوغان انتصر في النهاية على الدولة العميقة لتركيا، بينما يؤكد آخرون أنه ببساطة أنشأ دولة جديدة تحت سيطرته، حسب الصحيفة.

الدولة العميقة
وقد تكون الحقيقة أكثر فوضوية من أي من الخيارين، وهناك شك حقيقي وعميق في من يحكم البلاد بالفعل. إذ اعترف أردوغان نفسه بالدولة العميقة منذ أيامه الأولى في السلطة.

وفي نقاش في 2007، عقب مقتل الصحافي الأرمني، هرانت دينك، قال أردوغان إن الدولة العميقة "كانت موجودة دائماً، ولم تبدأ بجمهورية تركيا". وأضاف أن مثل هذا "التنظيم الشبيه بالعصابات في المؤسسات" يجب "القضاء عليه إن أمكن، إن لم يكن، تقليله إلى أدنى حد".

وقال أردوغان في عدة مناسبات إن سجنه أربعة أشهر في 1999 والذي أدى إلى منعه من السياسة، فضلاً عن الاعتراض الصريح على محاولة عبد الله غول للوصول للرئاسة في 2007، كان نابعاً من "آليات الوصاية" التي كان لها تأثير في تركيا. تم فتح باب التحقيق في حادثة "أرغينكون"، الذي واجه فيه كبار المسؤولين العسكريين وحلفائهم المدنيين عقوبة السجن واتهامات بالتآمر للإطاحة بالحكومة المنتخبة، في 2007 ووصفته حكومة أردوغان بالمعركة الكبرى ضد الدولة العميقة.

فضيحة فساد
وفي الأثناء كان أردوغان وحزبه العدالة والتنمية على علاقة طيبة مع الداعية الإسلامي فتح الله غولن، الذي عاش في الولايات المتحدة لأسباب صحية.

 وكثيراً ما أشاد المسؤولون الحكوميون بغولن، وطالبه أردوغان نفسه بالعودة إلى تركيا. ومع ذلك، عندما انهار هذا التحالف في ديسمبر (كانون الأول) 2013 بسبب فضيحة فساد ووجهت لوائح اتهام إلى أفراد من عائلة أردوغان ووزراء في حكومته، اتخذ الرئيس منحى براغماتياً وتعاون مع خصومه السابقين، الأورآسيويين والقوميين المتطرفين، الذين أدين معظمهم في قضية إرغينكون.

وفي النهاية، رفضت المحاكم العليا في تركيا القضايا ضد أرغينيكون بسبب أدلة غير قاطعة، وأصبح المتهمون الذين أطلق سراحهم من أنصار أردوغان.

وبالتالي، بدل أن تكون هذه التحقيقات خطوة رئيسية لترسيخ الديمقراطية في تركيا، أصبحت نقطة انطلاق لتوطيد النظام الاستبدادي.

ومع ذلك، يعتقد بيرينشيك، أن هذه الخطوة جعلت أردوغان عرضة للخطر. وقال السياسي القومي العام الماضي، إن أردوغان لم يحكم تركيا منذ 2014، لكنها هي التي كانت تحكمه.

وقال في مقابلة مع صحيفة "إندبندنت": "أعني بتركيا الجيش، والشرطة، ورجال الأعمال، والعمال، وحزب الوطن".

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: "ستستمر سلسلة المقالات هذه بإلقاء نظرة فاحصة على الديناميكيات على أرض الواقع، وكيف اختار أردوغان الشبكات السرية الحالية، ووضعها في كوادر الدولة والأجهزة الأمنية، وآثارها المستقبلية على تركيا".