الجمعة 9 أكتوبر 2020 / 12:20

رسائل أردوغان الأخيرة حول سوريا... هل تُنذر بأزمة مع روسيا؟

رأى الكاتب التركي يوسف كاراتاس أن ادارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انجرفت إلى"مواجهة" مع حليفتها روسيا، حول الشأن السوري، في يُسرع الصراع في ناغورنو قره باخ، بالمُواجهة.

إدارة أردوغان انجرفت نحو نقطة ستتواجه فيها أكثر مع روسيا، التي تعاونت معها منذ عام 2016. كما أن الصراع في ناغورنو قره باخ، يُسرّع عملية المُواجهة بين البلدين

وتحدّث الكاتب، في مقال تحليلي في صحيفة "أفرينسيل" التركية، عن رسالتين واضحتين بعثهما أردوغان في حفل الافتتاح الافتراضي لسد الريحانية في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، الأولى عن "تطهير مناطق الإرهاب التي لا تزال موجودة في سوريا"، والثانية أن تركيا "لن نقبل أبداً بأي خطوة تؤدي إلى مأساة إنسانية جديدة في إدلب"، كما أظهر عزمه على استمرار الوجود العسكري التركي افي إدلب.

 لمن بعث اردوغان بهذه الرسائل؟
شرح الكاتب أنه بالنظر إلى الخلاف في المحادثات بين الوفدين التركي والروسي حول إدلب، إذ أراد الجانب التركي أن تبقى السيطرة عليها لمجموعات "الجيش السوري الحر" وتحديداً على تل رفعت ومنبج، فإن الرسالة "وصلت مباشرة إلى روسيا".

في أغسطس (آب)، علقت الدوريات التركية الروسية المشتركة على الطريق السريع "ام 4" في إدلب، بموجب الاتفاق المبرم بموسكو في 5 مارس (آذار). وفي هذا الإطار، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "ازدادت هجمات الإرهابيين على الجنود والمناطق المحيطة. لذلك عُلقت الدورية المشتركة".

والهجمات على الدورية المشتركة في إدلب، نفذتها "هيئة تحرير الشام"، وتنظيم "حراس الدين"، الذي أعلن ولاءه المباشر لتنظيم القاعدة، بعد أن كان يرتبط بعلاقات متوترة مع "هيئة تحرير الشام".

ونفّذت روسيا أخيراً عمليات جوية ضد تنظيم "حراس الدين"، في ريف جنوب غرب إدلب. وتُعتبر تصريحات أردوغان حول إدلب "رد فعل" على هذه العمليات.

ومن الضروري ربط رسالة أردوغان بما قاله الوفد الروسي في الاجتماعات التي عُقدت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما ذكر الجانب الروسي في هذا النقاش، تركيا بالتزاماتها ضد أنشطة "هيئة تحرير الشام" في إدلب و"حرّاس الدين".

وفي المقابل، رفض الجانب التركي الطلب الروسي بإخلاء بعض نقاط المراقبة في إدلب التي كانت ضمن مناطق سيطرة الجيش السوري.

ويكشف هذا الجدل، أنه ورغم أن اتفاقات سوتشي وموسكو حول إدلب "لا تزال سارية في الأطر الرسمية، إلا أنها لا تسري في الميدان". لذلك، يبدو أن هناك توتراً وأزمة جديدة لا مفر منها في إدلب.

مناطق إرهاب؟

ما هي الأماكن التي يصفها أردوغان في رسالته بـ "مناطق إرهاب"، ويقول: "إذا لم تُطهر، فسنطهرّها بأنفسنا؟"

مرة أخرى، وبالنظر إلى المفاوضات بين الوفدين في سبتمبر (أيلول)، يتحدث أردوغان عن تل رفعت ومنبج. ووفقاً للاتفاقية بين أردوغان وبوتين في سوتشي، بعد عملية "نبع السلام" التي شنها الجيش التركي في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ستنسحب "قوات سوريا الديمقراطية" قسد، من الحدود في تل رفعت، ومنبج، غرب الفرات. وسينشر جنود روس في المنطقة.

في المقابل، طالب الجانب التركي في الاجتماعات الأخيرة بإبقاء السيطرة على تل رفعت ومنبج للجماعات التي يدعمها "الجيش السوري الحر"، على أساس أن "العناصر الإرهابية" قسد، لم تنسحب منها، لكن هذا الطلب رُفض من الجانب الروسي.

ويبدو أن إدارة بوتين، التي دعت أخيراً الوفد الكردي برئاسة إلهام أحمد، الرئيس المشارك لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" إلى موسكو، ووقعت اتفاقية مع السياسي السوري قدري جميل المعروف بقربه من روسيا، بعيدة عن أي تحرّك عسكري ضد الأكراد في ظل الظروف الحالية.

وبالنظر إلى هذه التطوّرات الميدانية، يُمكن القول إن إدارة أردوغان انجرفت إلى نقطة ستتواجه فيها أكثر مع روسيا، التي تعاونت معها منذ 2016. كما أن الصراع في ناغورنو قره باخ، يُسرع المُواجهة بين البلدين.

وفي قراءة لهذه التطورات، وبالتزامن مع تهديد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا بسبب التوتر في شرق البحر المتوسط، وتحرّك الولايات المتحدة لتطوير التعاون بين الأنظمة العربية، وإسرائيل في الشرق الأوسط، يُمكن الجزم بأن حكومة أردوغان، دخلت مرحلة تتقلّص فيها مساحة تحرّكها في المنطقة.

وخلص كاراتاس إلى أن تخلي تركيا عن هذه السياسة الخاطئة التي تركتها في مواجهة مع التهديدات والتوترات الجديدة "لا يُمكن اعتباره مستقلاً عن النضال ضد نظام الرجل الواحد الذي يرى في هذه السياسة، سبب وجوده".