الأمير بندر بن سلطان.(أف ب)
الأمير بندر بن سلطان.(أف ب)
الجمعة 9 أكتوبر 2020 / 19:04

بندر بن سلطان يتحدّث بشفافية

من المواضيع التي كانت حديث الناس في الأيام الماضية، ذلك اللقاء الناري الذي بثته قناة العربية في ثلاث حلقات للأمير بندر بن سلطان وهو يتحدث عن الهجمة الإعلامية الشرسة التي تنظمها القيادات الفلسطينية على دول الخليج. مما لا شك فيه أن الأمير بندر رجل يملك تاريخاً استثنائياً للغاية، فقد كان سفير المملكة في واشنطن لمدة طويلة وصديقاً شخصياً لعدد من الرؤساء الأمريكيين، ثم رئيساً لجهاز الاستخبارات السعودية، ثم الأمين العام لمجلس الأمن الوطني، في فترة ماضية. كل ما قاله الأمير بندر عن خذلان القيادة الفلسطينية للقضية العادلة هو أمر يعرفه كل إنسان متابع، لكن هذا الحديث التلفزيوني قد زاد نسبة اليقين بأن هذا ما حدث فعلاً.

لاحظ عدد من المحللين السياسيين، إن الأمير بندر قد تخلى كلية في تلك الحلقات عن الدبلوماسية المعهودة التي تغلب على من يتبوأ مثل هذه المكانة الرفيعة، وتحدث بمنتهى الشفافية للشعب السعودي وشعوب الخليج أولاً ثم للعرب ثم للعالم، عما تعنيه قضية فلسطين للقيادة في المملكة وعن الجهود التي بذلتها القيادة السعودية منذ زمن المؤسس الملك عبد العزيز وعن أفراد وضباط الجيش السعودي الذين استشهدوا على أرض فلسطين، إلى الوقت الراهن، وأن مواقف القيادات في دول الخليج كانت مشرفة، لا يستثنى منها إلا موقف "نظام الحمدين" الذي شبهه الأمير بندر بالقراد. والقراد لمن لا يعرفه، هو حشرة صغيرة قذرة تعض جسد الجمل ولا تؤذيه، لأنه في نهاية المطاف يبقى الجمل جملاً ويبقى القراد قراداً حقيراً هامشياً لا قيمة له.
كانت أول جملة في اللقاء، هي رفض الأمير بندر للهجمة الشرسة التي قامت به القيادات الفلسطينية على دولة الإمارات ومملكة البحرين اللتين رأتا أن مصلحتيهما تكمن في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وعدم قبوله ب "الكلام الواطي" واللغة الهجينة التي هوجمت بها دولنا.

من النقاط القوية التي أثارها اللقاء، هي أن القيادات الفلسطينية، "فتح" و"حماس" وتوابعهما، عاجزة عن الثقة ببعضها، والتراشق بالتخوين بينهم أشد بكثير مما نالنا في الخليج، وبما أن الثقة معدومة، فلا مساحة للعمل الفلسطيني يستطيع أن يتحرك فيها. لقد تمكن غاندي في طرد الإنكليز من الهند وكذا فعل الأبطال في الجزائر والمغرب وليبيا وبلاد الشام مع المحتل، لأن المناضلين كانوا يثقون ببعضهم ويعملون لتحرير بلادهم ويضحون بحياتهم لهذا العرض، بينما من الواضح أن القيادات الفلسطينية لا تريد لقضية فلسطين أن تنتهي لأنهم كأفراد مستفيدون من بقائها جرحاً غائراً يجمعون من أجله التبرعات من كل العرب ومن دول الخليج بالذات.

لن تحل قضية فلسطين إلا بنشوء قيادات فلسطينية جديدة وطنية، تختلف عن طريقة ياسر عرفات "سارق الطائرات" وعن طريقة محمود الزهار الذي صرّح بأنه لا يرى فلسطين إلا كعود الأسنان الذي يستخدم للتنظيف بعد الأكل، وتختلف أيضاً عن طريقة "كبير المفاوضين" الذي اتضح أن لديه حساباً في بنك إسرائيلي، أمر لا يمكن أن يقوم به أي مناضل شريف.

بطبيعة الحال، كانت هناك هجمة شرسة من قناة الجزيرة والإعلام "القرادي" على بندر بن سلطان، بحيث قالوا إن هذا اللقاء مقدمة للتطبيع السعودي مع إسرائيل. هذا ما جادت به عقول الغوغائيين وفاتهم أن التطبيع أو عدم التطبيع هو قرار سيادي للدولة، وإذا أرادت القيادة السعودية أن تطبع فستطبع دون استئذان أحد ولا تقديم الاعتذارات لأحد.