رفع أعلام فلسطينية في إحدى التجمعات (أرشيف)
رفع أعلام فلسطينية في إحدى التجمعات (أرشيف)
الإثنين 26 أكتوبر 2020 / 11:10

السلام وفلسطين.. منتدى الاتحاد

عبدالله بن بجاد العتيبي - الاتحاد

العادة السنوية المميزة لجريدة الاتحاد بعقد منتدى سنويٍ يلتقي فيه كتابها، ويتناولون أهم الأحداث بأوراق عملٍ تعرض وجهات النظر المختلفة، قد تمت هذه السنة في ظروف استثنائية يعيشها العالم في مواجهة فيروس كورونا، الذي قلب العالم رأساً على عقب.

بكل موضوعية، لم يكن هناك موضوعٍ أهم من موضوع السلام الذي تناوله المنتدى من زوايا متعددة ومن مختلف المشارب وبأسماء مهمة، وتناول اللحظة التاريخية الحقيقية التي فتحتها دولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل، وأنهت بها جموداً مضراً استمر لعقودٍ متطاولة من الزمن بلا أي فائدة لا للفلسطينيين ولا للدول العربية.

حرص كاتب هذه السطور على أن يكون هادئاً وموضوعياً ومنفتحاً على كافة الآراء ومن دون مزايدةٍ من أي طرفٍ على الآخر، لأن الموضوع شديد الحساسية وشديد التعقيد واستقبال القيادات الفلسطينية لخبر السلام الإماراتي- الإسرائيلي، كان استقبالاً معيباً جداً ما سخّن من تناول الموضوع لدى الشباب الخليجي، وأخرج كثيراً من المسكوت عنه في العلاقات الخليجية- الفلسطينية إلى العلن.

حسماً للجدل ومحاولة لتحديد موضع الخلاف كتبت في مطلع ورقتي ما نصه: "القضية الفلسطينية كانت ولا زالت قضية العرب والمسلمين الأولى، وستبقى دائماً حاضرة في السياسة كما في الفكر والثقافة وغيرهما، وإسرائيل أعاقت الكثير من الحلول، وهي ترفض حق اللاجئين في العودة لوطنهم..، واتخذت سياساتٍ مضادةٍ للفلسطينيين لعقود من الزمن" هذا كله صحيح، وكان السؤال المهم هو ما الحل؟

حل الحرب لم يعد مطروحاً من أي أحدٍ، عاقلاً كان أم غير عاقلٍ، واعتماد الجمود واللاحل حلاً أمرٌ لم يعد منطقياً ولا واقعياً، وخيار إلغاء «أوسلو» وخروج السلطة من فلسطين لا أحد يتحدث عنه، فلم يبق إلا حلّ السلام لأنه محل الإجماع الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي الوحيد، وما دام السلام هو الحل الذي سبق له الفلسطينيون منذ أكثر من ربع قرنٍ، فالخلاف بالتالي على التفاصيل وليس على المبدأ.

تحديد حجم الخلاف مهمٌ، لأنه يمنع من المزايدات الجوفاء التي ستفتح المجال لمزايدات مقابلة لها، ولن ينتهي الموضوع، وقد علّق أحد الزملاء بأن فكرة "تفويت الفرص"، التي وسمت بوضوح كل مسيرة القيادات الفلسطينية هي "فكرة صهيونية"، هكذا جزافاً، مع أننا نعرف جيداً كل تفاصيل الفرص التي فوتتها تلك القيادات رغباً ورهباً بالأسماء والتواريخ والأماكن وهي ليست سراً، والظن بأن نبز أي فكرة بالتصهين سيعيقها ظنٌ قديمٌ بالٍ لم يعد له أي تأثيرٍ فعلي في الأجيال الشابة في دول الخليج والعالم العربي.

زميلٌ آخر سرد مفرداتٍ مطولة من المبادرة العربية التي قدمتها السعودية وأصبحت مبادرة عربية عام 2002 أي قبل ثمانية عشر عاماً، وهو للأسف مواصلة في تكرار المواقف السياسية حتى تنتهي قيمتها وتصبح باليةً ويتجاوزها الواقع والتاريخ، فيأتي التغيير استجابة للواقع لا بناء له ولا استشرافاً موفقاً للمستقبل، وهذا طريق مسدودٌ، وتجريب المجرب ليس من العقل ولا الواقع في شيء.

قام البعض بتعديد المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية الداعمة للحق الفلسطيني، هذا جيدٌ ولكن على الأرض فكل هذه المواقف لا تعني شيئاً، وهي لم تفد الفلسطينيين ولو بشربة ماء أو قطعة خبزٍ، والتعلق بها تعلقٌ بالوهم.

التاريخ لا ينتظر أحداً، ولا يتوقف عن التقدم، ومن يتخلف عن مسيره يخرج منه، والخروج من التاريخ هو أكبر الهزائم لأي قضية وإن كانت عادلةً.

أخيراً، فنكبة فلسطين لا يجب أن تكون نكبةً للدول العربية كلها، ودعم فلسطين مستمرٌ ودائمٌ، والسلام انطلق ولن يتوقف.