الإثنين 26 أكتوبر 2020 / 13:06

هل تدفع تركيا نحو مواجهة أمريكية-روسية؟

في قراءة لمخاطر الوساطة الأمريكية في الصراع الأذري- الأرميني على إقليم ناغورنو قره باغ، رأى خبير الشؤون الإستراتيجية العسكرية تيد كاربنتر أن الدول التي تمتلك مصالح في هذا النزاع قد تُسيء تفسير دور واشنطن على أنه محاولة لتقويض أهدافها ومصالحها في هذا الإقليم، ومن شأن هذا أن يزيد الأمور سوءاً.

آخر ما تتمنّاه إدارة الرئيس دونالد ترامب هو أن تتحوّل جهودها لإيجاد الحلّ، إلى قضية مُثيرة للجدل تُعيق التسوية وتزيد من التوترات الإقليمية الخطيرة

ورجّح الكاتب، في تحليل في موقع " ريسبونسيبل ستيت كرافت" الأمريكي، أن يؤدي التدخّل المُتزايد لواشنطن في قضية قره باغ إلى إثارة غيظ موسكو التي كانت نشطة ديبلوماسياً منذ الأيام الأولى للقتال، وتفاوضت على وقف إطلاق نار وإن لم يصمد. على الرغم من هذه الإخفاقات، قد يُفسِّر الكرملين أي مُبادرة ديبلوماسية أمريكية على أنها محاولة للإطاحة بالنفوذ الروسي في الجوار، وخصوصاً أن حالة من الثقة الباردة تتحكّم بالعلاقات بين البلدين.

مواجهة مسلّحة

واعتبر أن على واشنطن أن تقلق أيضاً من ردّة فعل أنقرة التي تلعب دوراً خطيراً في الصراع. حيث بات كل من أنقرة وموسكو أمام مُواجهة محتملة نظراً لأن البلدين يدعمان الطرفين النقيضين في النزاع. وبالتالي، فإن مجرد احتمال وقوع مُواجهة مُسلّحة بين أحد أعضاء "الناتو" وروسيا هو مثير للقلق، خصوصاً وأن المادة 5 من معاهدة حلف "شمال الأطلسي"، تعتبر الهجوم على أي عضو في الحلف هجوماً على الجميع. وهكذا، فإن أي اشتباك عسكري بين تركيا وروسيا، سيتطلّب من الولايات المتحدة إدانة الطرف المسؤول عنه، وإذا بدا أن موسكو هي من بادرت إلى الإشتباك، فسيكون على واشنطن الالتزام بالدفاع عن تركيا.

فتور إيراني
وأشار كاربنتر إلى أن الصراع في ناغورنو قره باغ، اجتذب قوة إقليمية أخرى في المنطقة، وهي إيران. والحديث عن التضامن الإسلامي أمر في غير محله، إذ أن حكومة "رجال الدين" تميل نحو أرمينيا. ويبدو أن المخاوف الإيرانية من طموحات تركيا الإقليمية تفوق أي اعتبارات للتضامن على أساس الدين.

ستُشكّك طهران في أي محاولة أمريكية للتعامل مع الاضطرابات المستمرة، أو أي قضية أخرى في الجوار. في أحسن الأحوال، ستُكون ردّة فعل إيران تجاه مبادرة واشنطن الديبلوماسية "فاترة". وفي أسوأ الأحوال، سيُحاول القادة الإيرانيون تقويضها.

وسيط مفيد
وهكذا، فإن الولايات المتحدة، وفقاً لكاربنتر، تحتاج إلى اتخاذ خيارين مهمين: يجب أن تُؤكد لموسكو أن لا مصلحة لها في محاولة تجاوز مكانة روسيا الرائدة في القوقاز. وربما الأهم من ذلك، إيصال رسالة صريحة إلى أردوغان مفادها أن لا نية لواشنطن بالتورّط في مواجهة مع روسيا أو إيران بسبب نزاع مزمن بين دولة "وكيلة" لتركيا ودولة "خصم" لها. كما ستكون مُناسبة جيّدة للتأكيد أن دور أنقرة "التخريبي" في جنوب القوقاز يجعل من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- اعتبار تركيا حليفاً يتمتّع بمكانة جيدة في "الناتو".

وبحسب كاربنتر، يجب أن تُواصل واشنطن جهودها لتكون وسيطاً مفيداً بين أرمينيا وأذربيجان، بما يتوافق مع الدور القيادي البنّاء للولايات المتحدة في النظام الدولي. ومع ذلك، يجب أن يكون قادة الولايات المتحدة على دراية كاملة بأن الجهات الفاعلة الاخرى ذات الصلة في المنطقة ستُسيء فهم مثل هذه المبادرة.

وختم كاربنتر قائلاً إن آخر ما تتمنّاه إدارة الرئيس دونالد ترامب هو أن تتحوّل جهودها لإيجاد الحلّ، إلى قضية مُثيرة للجدل تُعيق التسوية وتزيد من التوترات الإقليمية الخطيرة. يجب أن يكون الإبداع الديبلوماسي المُقترن بالحذر هو المبدأ التوجيهي لواشنطن.