الأربعاء 28 أكتوبر 2020 / 14:51

قطر وتركيا.. حلف المعزولين

برهن الصحافي البارز ومراقب الشؤون التركية ديفيد ليپيسكا كيف تزداد عزلة قطر وتركيا بشكل متصاعد على الرغم من توطيد تحالفهما.

بصرف النظر عمن يفوز بالرئاسة الأمريكية، تبدو واشنطن جاهزة في 2021 لمواصلة تشددها تجاه تركيا بسبب موافقها من تنظيم الإخوان المسلمين وإسرائيل

 حاول نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان كورتولموش التخفيف من وطأة المقاطعة السعودية شبه الرسمية المفروضة على الورادات والاستثمارات التركية فقال: "نحن نضحك وحسب على بعض مقاطعات الدول ونمضي قدماً". لكن ليپيسكا، وفي صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، علق على كلام كورتولموش كاتباً: "لا بد وأن الضحك في أنقرة يزداد توتراً هذه الأيام، بما أن المقاطعة تشمل (دولاً) أبعد بكثير من المملكة، وبدأت تؤلم (تركيا) في أسوأ وقت ممكن".

بين ما يقوله المسؤولون والمواطنون

قال رئيس اتحاد المقاولين الأتراك الأسبوع الماضي إنهم خسروا 3 مليارات دولار في الشرق الأوسط. ويتطلع بائعا الأزياء مانغو وزارا إلى نقل الإنتاج خارج ليبيا لأن المواطنين السعوديين والخليجيين يرفضون شراء ملابس مصنوعة في تركيا. أما في الأسواق السعودية فيبرز المزيد من السلع المصرية والمغربية واليونانية بالتوازي مع اختفاء السلع التركية.

في وقت سابق من الشهر الحالي، صادق مسؤولون في الرباط على تعديل قانون التجارة الحرة بين المغرب وتركيا والذي رفع الرسوم حتى 90% على 1200 سلعة تركية. في هذه الأثناء، أطلق الأرمن في أرمينيا والشتات حملتهم الخاصة لمقاطعة البضائع التركية رداً على دعمها أذربيجان في جنوب القوقاز.

الليرة التركية تنهار بشكل روتيني
لا تؤدي أي من هذه الخطوات خدمة للاقتصاد التركي المتعثر. انخفض عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا بنحو 75% في الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية. يقول الاقتصادي ومالك أحد الفنادق على الشاطئ الإيجي إمري ديليفلي إنّ عائدات منتجعه بلغت 30% فقط من عائدات السنة الماضية.

أعلنت تركيا منذ أقل من أسبوعين عن حزمة إنقاذ بقيمة 10 مليارات ليرة تركية للقطاع السياحي، لكن ديليفلي يتحدث عن أن نسبة الفوائد على القروض والتي بلغت 14.5% مرتفعة جداً كي تقدم الحزمة الكثير من المساعدة. وبلغت الليرة التركية أسوأ مستوى لها منذ أكثر من عشرين عاماً، فأصبحت تتدنى إلى مستويات قياسية بشكل اعتيادي. ومع ارتفاع إصابات كورونا مجدداً، يصبح منطقياً توقع الاقتصاديين انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 3.4% هذه السنة.

ليس أمام قطر إلا رد الجميل
زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني منذ أسبوعين بعدما أعلن مسؤول قطري تعزيزاً وشيكاً للتعاون الثنائي. في وقت سابق من هذا الشهر، نقل صحافي تركي موالٍ للسلطة التركية قول الأمير القطري إنه ينظر إلى أردوغان كأب يدين له بولاء لا نهاية له. وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن "كلتا الدولتين تعمل كقلب واحد وقبضة واحدة في التعاون والتنسيق الوثيق في المسائل الإقليمية".

يشرح ليپيسكا أن هذا التعاون يعود إلى سنة 2017 حين قاطعت غالبية دول الخليج ومصر إمارة قطر. تدخلت تركيا سريعاً لتوفير الإمدادات والدعم العسكري. منذ ذلك الحين، ترد الدوحة الجميل. عندما واجهت تركيا تباطؤاً اقتصادياً حاداً سنة 2018، سرعت قطر مقايضة نقدية بقيمة 3 مليار دولار وأطلقت استثماراً بقيمة 15 مليار دولار. والقاعدة العسكرية التركية في قطر هي واحدة من المسائل الضاغطة في المنطقة.

نفوذهما الإقليمي يتقلص
في شمال شرق سوريا، شن الثوار المدعومون من تركيا سلسلة هجمات ضد مواقع كردية الأسبوع الفائت. وفي ليبيا حيث تدعم تركيا وقطر حكومة الوفاق في طرابلس، شكك أردوغان في صدقية وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه مؤخراً مما يعني أنه من المتوقع استمرار الحرب الأهلية هناك لبعض الوقت. وسعى حلفاء السودان في الخليج إلى مواجهة أي نفوذ تركي في البلاد، وقرار الخرطوم الأخير تطبيع العلاقات مع إسرائيل يبرهن نجاح هذه الجهود.

واشنطن مستعدة للتشدد في 2021

أضاف الصحافي أن صادرات الأسلحة التركية تلقت ضربة هذه السنة منخفضة بأكثر من 26% حتى أغسطس (آب) نتيجة الحظر الذي فرضته الدول الأوروبية. وتخيّم الشكوك على موقع تركيا كشارٍ لمقاتلات أف-35 وكدولة أساسية في سلسلة تصنيعها بسبب شرائها صواريخ أس-400 الروسية. وبصرف النظر عمن يفوز بالرئاسة الأمريكية، تبدو واشنطن جاهزة في 2021 لمواصلة تشددها تجاه تركيا بسبب موافقها من تنظيم الإخوان المسلمين وإسرائيل، علاوة على شرائها أسلحة روسية وتحركاتها العدوانية في شرق المتوسط.

دول المقاطعة: يضحك جيداً من يضحك آخراً
مع اقتراب 2020 من أسابيعها الأخيرة، يبدو التحالف التركي-القطري متوجهاً إلى مزيد من التوطيد. لكن ذلك يعني بحسب ليبيسكا مزيداً من العزلة لكلتا الدولتين وعلى الأرجح إعطاء خصومهما الضحكة الأخيرة.