الأربعاء 20 فبراير 2013 / 16:07

فحص سري قبل الزواج

سمعتم بالفحص الطبي قبل الزواج بالطبع!، كثر من خضعوا لهذا الاختبار السريري منكم، أليس كذلك؟ بيد أني أنصح بفحص من نوع آخر، نوع سِري.

كأفراد وجماعات نأمل في حياة سعيدة، صحية، مليئة براحة البال والتوافق والانسجام، خاصة حين يتعلق الأمر بالأسرة، ولذلك تجدنا نأخذ كل الاحتياطات المقدور عليها، كأفراد وجماعات نأمل بتلك اليد اليمنى، الضمان لاستمرارية ارتباطنا على الوتيرة المطلوبة، بمقدار السعادة المرجوة، الأمل اكثر إلحاحاً حين يتعلق الأمر بالزواج.

لكن الواقع يختلف كثيراً عن تلك الآمال، ذلك أننا برغم التوافق الصحي، والملاءمة الجسدية بين الطرفين قبل الزواج، تنهار تلك البنى التي اعتبرناها صلبة كالصوان، والزيجات كما تعلمون في نزيف مستمر، وهذه أزمة تتفاقم وتتكرر يوماً بعد يوم، وكدون كيشوت محاولاتنا في محاربة أسبابها تذهب هباءً تذروها رياح الطواحين الحياتية، اللغز، فلا الأسباب كما اعتقدنا، ولا الأنفس كما تعتقد في ذاتها.

انهيار فآخر، عقد ومشكلات تتكرر كل يوم، ونبقى "دون كيشوتات" نحاول اتخاذ الاحتياطات "العقلانية" و"الأساس" لإنقاذ الزيجات أو إنجاحها "ضمنياً".

أجد، وأنا بدوري ربما لست سوى دون كيشوت مبتدئ، بعض تلك الاحتياطات أنقذت بيوتاً من الانهيار، قبل ان تكون فعلياً، ذلك في حالة عدم انطباق الشروط على أحد أو كلا الطرفين، وهي تلك الفحوص الضرورية قبل الزواج.

قد يرميني البعض باعتناق الوسائل الجافة الرسمية، أو التعدي على خط القدر الأحمر، أو يقول قائل ماذا عن "التوافق الروحي والفكري"، سأرد هنا فأقول، صبراً، للحديث بقية.

اقتراحي البسيط، أن نقوم بتطوير تلك الفحوص، أو لنقل نضيف إليها، فحصاً من نوع آخر، فحص يجب أن يكون تحت غطاء السرية التامة، إنه فحص روحي، تقييم نفسي، يجرى على الشريكين المستقبليين، محاولة هي لمعرفة، أو الاقتراب من معرفة، مدى ملاءمة العواطف والمشاعر، وتحديد نوع الشخصية وميولها، كذلك نزاعتها الداخلية، وهواجسها، ولا بأس هنا من حساب المشكلات النفسية وإن كانت بسيطة بنظرنا، والتي حتماً لا نخلو منها كلنا، سواء كنا "دون كيشوتات" أم لا.

لتحري الدقة، لا أجد ضيراً في التقييم المبدئي للأهداف والرغبات المشتركة، وأين هي من واقعها، ويفضل وضع قانون الاحتمالات الرياضي بعين الاعتبار، صحيح أن النفس كالخيول البرية الجامحة، لا تعرف متى تهدأ ومتى تثور، متى تغير لونها أو تنطفئ أو تشتعل، لكن يجب أن نعرف، بل وندرك أهمية أن تبحث قدر المستطاع في هذه النفس أن نفحصها سرياً، بعيداً عن العيون وفوضى الحياة اليومية، قبل كل شيء، وقبل الزواج بالذات.