زعيم حزب الأمة السوداني الراحل الصادق المهدي (أرشيف)
زعيم حزب الأمة السوداني الراحل الصادق المهدي (أرشيف)
الجمعة 27 نوفمبر 2020 / 12:26

تساؤلات قلقة في السودان.. من يخلف الصادق المهدي؟

24. إعداد: شادية سرحان

بعد وصول جثمان رئيس وزراء السودان الأسبق، وزعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، إلى مطار الخرطوم صباح اليوم الجمعة ليوارى الثرى في بلاده التي عمها الحزن، برزت التساؤلات حول مصير حزب الأمة الذي تأسس قبل 75 عاماً وترأسه المهدي 56 عاماً، ومن سيملأ الفراغ القيادي الذي تركه.

أحدث رحيل رئيس الوزراء السوداني الأسبق، الصادق المهدي، صدمة في الأوساط السياسية والشعبية السودانية، فالراحل أحد "ركائز" الديمقراطية والفكر والعلم والسياسة السودانية، وكان ينتظر منه أن يلعب دوراً محورياً في التحول الديمقراطي، وإنجاح الانتقال.

وكثير من قادة الحزب أكدوا أن شخصية الصادق المهدي كانت محورية في بناء مواقفه، وفي ترسيخ دعائم الدور الذي يلعبه أفراد أسرته الأقربون. ورغم قناعاته وأفكاره الديمقراطية كان المهدي حريصاً على تعزيز دور بيته وأسرته في إدارة الحزب وكيان الأنصار، وظلت تلك العلاقة الملتبسة بين عائلة المهدي وحزبه، مثار تساؤلات وأحياناً انتقادات داخل الحزب ومن قبل بعض قيادييه.

وبحسب التقارير، شهد الحزب بعض الانقسامات السابقة، فبعد توقيع اتفاق "نداء السودان" بدولة جيبوتي بين الحكومة السودانية (إبان نظام البشير) وحزب الأمة، عاد المهدي إلى الخرطوم وأسس مكتباً قيادياً جديداً من 17 عضواً، كان 9 منهم من أعضاء بيته الأقربين.

5 أسماء..
وتعددت التكهنات حول الشخصية التي يمكن أن تملأ الفراغ الكبير الذي خلقه رحيل الصادق المهدي، فبالإضافة إلى أسماء بعض أبناء المهدي مثل مريم، وهي طبيبة وناشطة سياسية، سجلت حضوراً قوياً خلال الفترة الأخيرة، برزت أسماء أخرى مثل فضل الله برمة ناصر، وزير الدفاع الأسبق والمقرب جداً من المهدي، والواثق البرير القيادي البارز في الحزب وزوج ابنة المهدي.

وبحسب التقارير، تطل أسرة المهدي بخيارات متعددة، الاسم الأول المرشح لخلافة السيد الصادق المهدي هو اللواء المتقاعد عبد الرحمن، ابنه، إلا أن البعض يأخذ عليه شراكته السابقة لنظام البشير حتى آخر اللحظات قبيل سقوطه.

والمرشح الثاني هو الدكتورة مريم الصادق المهدي الحائزة أيضاً بطاقة "نائب رئيس الحزب"، وهي الممثل السياسي للحزب في غالب النشاطات الحزبية داخل وخارج السودان، وتبدو الأقرب لأبيها في حركته وسكونه السياسي.

ورغم أن مريم تتفوق على المرشحين الآخرين في الخبرة والاحتكاك السياسي، فإنها تواجه معضلة حقيقية في كون القواعد الشعبية التقليدية تقدر المرأة ولا تقدر قيادتها للرجل، مما يضعف فرص مريم في الحصول على مقعد الرئاسة ولو مؤقتاً.
  
وهذه المعادلة تمنح الجنرال عبد الرحمن الصادق المهدي فرصاً أوسع تتوافق مع طموحاته في خلافة والده، لكونه مقبولاً لقواعد الحزب وبعض قياداته في المستويات الوسيطة، على الرغم من الجدل الذي أثير حول مشاركته في نظام البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.

والمرشح الثالث المهندس صديق الصادق المهدي، رجل هادئ الطبع، حذر في تعامله وعلاقاته السياسية وحتى الاجتماعية.

ولا يبدو في الأفق السياسي خارج أسرة المهدي، سوى اسم واحد المرشح الرابع وهو اللواء المتقاعد فضل الله برمة ناصر، نائب رئيس حزب الأمة القومي ووزير دفاع سابق، وهو رجل عُرف عنه هدوءه وأدبه الجم، ورغم خبرته الطويلة في العمل العسكري ثم السياسي، لكنه لا يحظى بقوة دفع كافية من مؤسسات الحزب أو حتى قواعده لاعتلاء منصب الرجل الأول في الحزب ليملأ المقعد الشاغر الذي تركه رحيل المهدي.

في كل الأحوال، تتركز المعضلة الأساسية والمأزق الحقيقي الذي يواجه الحزب في الانقسام القديم المتجدد حول دول "بيت المهدي" وأسرته في قيادة مستقبل الحزب.

وهذا الانقسام قد يوفر فرصة نادرة لمرشح خامس، وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط"، يأتي من خارج السياق الراهن لحزب الأمة، وهو السيد مبارك الفاضل المهدي، أحد أكثر الساسة السودانيين إثارة للجدل في مواقفه المتقلبة.

ومبارك المهدي هو ابن عم الراحل انشق عنه في 2001 وناصبه عداءً مريراً، لكنه اقترب من مساومة تاريخية تنهي الخصومة وتعود به إلى الحزب قبل أشهر قليلة، وأصبح في مطبخ صناعة التحالف الجديد لحزب الأمة بعد خروجه من قوى الحرية والتغيير. مبارك المهدي، قد يكون ترياقاً مناسباً للخلاف المنتظر حول دور الأسرة في الحزب، فهو سياسي عابر للحواجز النفسية المرتبطة بالعائلة بالنسبة للذين يتحسسون منها، ومقبول للقواعد الشعبية التقليدية التي تمثل الرصيد الجماهيري الموروث.

الوصية
ومن جهة أخرى، ووفقاً لما ذكره الكاتب والمحلل الصحافي صلاح حبيب لموقع "سكاي نيوز"، فإن الأكثر ترجيحاً
هو أن يكون المهدي قد ترك وصية يحدد فيها بدقة من سيخلفة، وذلك على غرار ما جرت العادة في حزب الأمة منذ تأسيسه في 1945.

وأثارت مسألة الوصية جدلاً كبيراً بين أسرة المهدي عندما توفي والد الصادق وزعيم الأنصار السابق صديق عبد الرحمن المهدي في أكتوبر 1961، حيث برزت روايات مختلفة حول وصيته، لكن الأمر حسم في نهاية الأمر بعد خلافات داخلية لصالح الصادق المهدي.

تحديات 
وبعيداً عن السيناريوهات المختلفة حول من سيخلف الصادق المهدي، سيكون أمام الزعيم الجديد للحزب السوداني، تحديات من أبرزها توحيد الحزب الذي انقسم لـ5 أجنحة خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن أبرز التحديات أيضاً معالجة مسألة ضعف المؤسسية التي اعتبرها المنشقون عن الحزب، في حين يقول آخرون إن بعض المجموعات المنشقة قادتها كوادر اختارت العمل مع نظام المخلوع البشير من أجل المناصب والسلطة.

ومن التحديات الأخرى أيضاً، تغيير النمط القديم القائم على الولاءات الأسرية وفتح نوافذ أوسع لمشاركة الشباب والمستنيرين بما يتماشى مع المتغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية.