الإثنين 30 نوفمبر 2020 / 12:19

إيران تستخدم الرعايا الأجانب وشعبها...أوراق مقايضة

رأى الكاتب السياسي في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية كون كوغلين في إطلاق إيران سراح أكاديمية أسترالية بريطانية دليلاً إضافياً على استخدام طهران الرعايا الأجانب أداةً سياسية لتحقيق غاياتها، تماماً كما تفعل مع شعبها.

ويمكن ألا يعرف المراقبون قط تفاصيل الإفراج عن الباحثة في الشرق الأوسط كايلي مورغيلبرت. لكن جميع المؤشرات تظهر أنه كان جزءاً من تبادل سجناء شمل ثلاثة إيرانيين في تايلاند بناء على تهم مرتبطة بالإرهاب.

في هذا الوقت، ترفض حكومات غربية عدة بما فيها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة التفاوض مع طهران على مواطنين تحتجزهم استناداً إلى تهم تجسس ملفقة، رغم أن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون رفض التعليق على ظروف إطلاق سراح الأكاديمية، أمكن فهم أن الدكتورة مورغيلبرت بودلت بثلاثة إرهابيين إيرانيين،بحسب ما أدلى به التلفزيون الرسمي الإيراني.

استقبال الأبطال
هنالك اعتقاد بأن أحد المُفرج عنهم هو سعيد مرادي الذي سُجن بتهمة الشروع في تنفيذ مخطط لتفجير ديبلوماسيين إسرائيليين ببانكوك في 2012. واعتقل الآخران بعد انفجار قنبلة منزلية الصنع في البيت الذي كانا يسكنانه.

عاد الإيرانيون الثلاثة إلى بلدهم واستقبلتهم إيران استقبال الأبطال بينما أظهرهم الإعلام مرتدين الأعلام الإيرانية، واستقبلهم مسؤولون بينهم نائب وزير الخارجية عباس عراقجي.

وأضاف كوغلين أن إيران ستستنتج أنه بإخضاع الأكاديمية لمحنة استمرت 800 يوم في السجن، استطاعت أن تنجح في تحقيق هدفها السياسي بتحرير سجنائها.

سمة مألوفة للنظام
لقد أصبح أسر الرعايا الأجانب سمة مألوفة في السياسة الإيرانية منذ 1979، عندما احتجزت طهران 52 مدنياً وديبلوماسياً أمريكياً لمدة 444 يوماً. ومن بين ما هدف إليه النظام وقتها، الضغط على الإدارة الأمريكية لتسليم الشاه وعائلته إلى إيران بعد هربهم إلى المنفى.

ولجأت إيران أيضاً إلى خطف رهائن في الحرب اللبنانية، باحتجاز عدد من الرعايا الأجانب بمن فيهم البريطانيان جون ماكارثي وتيري وايت لإنهاء تدخل الغرب في تلك الحرب.

وتواصل إيران استخدام السياسة نفسها اليوم، إذ لا يزال أجانب كُثر محتجزين لدى السلطات الإيرانية لتستخدمهم أوراق مقايضة. ويشكل احتجاز البريطانية نازانين زغاري راتكليف منذ 2016 مثلاً على ذلك. وفي إحدى الفترات، تقاسمت زاغاري راتكليف الزنزانة نفسها مع مورغيلبرت.

هدف آخر
اتهمت إيران البريطانية بالتجسس، لكن هدفها الأساسي كان الضغط على الحكومة البريطانية للإفراج عن أموال وضعت لندن يدها عليها منذ 1979. وتقول السلطات الإيرانية إن بريطانيا تدين لإيران بحوالي 534 مليون دولار، عن صفقة في عهد الشاه لشراء 1000 دبابة وعربة مصفحة، وألغيت الصفقة بعد الإطاحة بالشاه، وشكلت الصفقة مصدر نزاع قانوني طويل بين طهران ولندن منذ ذلك التاريخ.

وفي وقت سابق من السنة الحالية، ظهر الدليل على الرابط بين احتجاز زاغاري راتكليف والعقد المتنازع عليه، حين هدد المسؤولون الإيرانيون بتوجيه اتهامات جديدة ضدها بعدما أجلت محكمة بريطانية النظر في هذه القضية. ومنذ ذلك الوقت، بقيت زاغاري راتكليف في الإقامة الجبرية مع ذويها في انتظار موعد جديد للاستماع إلى إفادتها.

محنة أخرى
ذكر كوغلين أن طهران تحتجز الرعايا الأجانب لترهيب أعدائها، وفي هذا السياق تأتي محنة السويدي الإيراني أحمد رضا جلالي الذي حُكم عليه بالإعدام بناءً على تهم بالتجسس، والتي ارتبطت باغتيال عدد من العلماء الإيرانيين البارزين الذين عملوا في تطوير البرنامج النووي الإيراني.

أوقف جلالي الذي عمل في معهد كارولينسكا الطبي في ستوكهولم عند زيارته إيرانفي أبريل (نيسان) 2016، وحُكم عليه بالإعدام في 2017 بعدما قالت المحاكم إنه مذنب بتمرير معلومات عن عالمين إيرانيين في المجال النووي إلى الموساد الإسرائيلي.

قلق
تسود مخاوف اليوم من اقتراب موعد إعدام جلالي، بعد نقله إلى الحبس الانفرادي في سجن إفين. لكن منحه الجنسية السويدية أثناء سجنه يهدد بخلق توتر ديبلوماسي مع ستوكهولم، إذا أُعدم. ويعتقد كوغلين أن آفاق إطلاق سراحه بعد تدخل السويد في اللحظات الأخيرة لا تبدو واعدة بالاستناد إلى نتائج الالتماسات الغربية السابقة.

ففي سبتمبر (أيلول)، أعدمت إيران المصارع نويد أفكاري سنجاري رغم دعوات دولية للعفو عنه، بما فيها مناشدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وشدد كوغلين على ضرورة أن تفهم إيران أنها إذا واصلت استخدام الرعايا الأجانب أوراق مساومة فإنه لن تكون لها فرصة كبيرة لتؤسس علاقة بناءة مع العالم الغربي.