الخميس 14 يناير 2021 / 13:14

اقتراح قانون إيراني لتدمير إسرائيل... تهديد جدي أم فارغ؟

تقدمت مجموعة من النواب في مجلس الشورى الإيراني باقتراح قانون من 16 بنداً يجبر الحكومة على الانتقام لقاسم سليماني لتهيئة الأرضية لـ "إزالة إسرائيل من الوجود" بحلول 2041.

في حال تم تبني الاقتراح كقانون وأصبح سياسة حكومية رسمية فيمكن توقع حلقة جديدة من الاحتكاك التي قد تتحول فعلاً إلى مواجهة عسكرية

ذكر الكاتب السياسي في موقع "آسيا تايمز" كورش زياباري أن بعض الإعلام الإيراني وصف الاقتراح بنزعة مغامِرة أو مقامرة خطيرة.

ويتضمن الأخير مجموعة من الأحكام التي إذا طبقت فإنها ستؤدي إلى تصعيد التوتر في شرق أوسط يغلي أساساً.

أبرز البنود
ينص الاقتراح على تحويل 1% من عائدات الصادرات الإيرانية إلى العراق، إلى قوة القدس في الحرس الثوري بينما ستحظر واردات السلع والخدمات من الولايات المتحدة.

وسيحظر أي "تعاون فعال" بين الإيرانيين والحكومة الأمريكية، وإذا كانوا غير مقيمين في إيران فسيصنفون إرهابيين وسيخضعون لتحرك إيراني عقابي على الصعيد الدولي.

ويلزم الاقتراح الحكومة بإصدار عملة دولية بالمشاركة مع دول منتمية لما يسمى بمحور المقاومة، كما يحرم أي تفاوض بين طهران، وواشنطن على القدرات الدفاعية الإيرانية، ونشاطات إيران الإقليمية ويسقط أهلية منتهكيه لتولي المناصب الحكومية.

وسيدعو الاقتراح الحكومة إلى إعطاء الأولوية التجارية لشركاء إيران، وهم الصين، وروسيا، والعراق وسوريا، وفنزويلا.

خطوة يائسة

يشير سعيد غولكار، أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية والخدمة العامة في جامعة تينيسي، إلى أن مجلس الشورى ليس كياناً أساسياً في صناعة القرار الخارجي الإيراني.

وقال للموقع نفسه، إن "الاقتراح مجرد خطوة يائسة من مجموعة نواب متشددين يريدون إثبات ولائهم للنظام والحرس الثوري. لا أعتقد أنه يُسمح لهم بتمريره".

وأضاف "إنهم لا يتمتعون بالاستقلالية لإقرار هذه القوانين. البرلمان الإيراني مجرد مؤسسة لاستيعاب النخب والتصديق على قرارات آية الله علي خامنئي. لا آخذهم على محمل الجد. سيصادقون على ما أُمِروا" به.

ناقوس الخطر
شهدت انتخابات فبراير (شباط) 2020، أدنى إقبال منذ 1979، دقت تلك الانتخابات ناقوس الخطر في السلطات عن خيبة أمل شريحة سكانية كبيرة من مسار النظام.

وبحسب زياباري، لا تريد غالبية الإيرانيين، خاصةً الشباب والمتعلمين والمنتمين للطبقة الوسطى، توترات طويلة المدى مع المجتمع الدولي والعيش باستمرار في ظل حرب وشيكة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وتنظر الغالبية أيضاً بشكل سلبي إلى إنفاق الحكومة الأموال الطائلة على برنامج نووي غير شعبي لم ينتج الكهرباء ولا علاجاً للسرطان، بل سلسلة من العقوبات والسنوات الاقتصادية الصعبة.

لقد صوت الإيرانيون لروحاني مرتين لإخراج إيران من عزلتها وتحسين معيشتهم لكنه فشل. واليوم، أصبحت التربة خصبة لانتصار متشدد أو عنصر من الحرس الثوري في الانتخابات المقبلة، التي ستشهد نسبة إقبال منخفضة كما هو متوقع. وإذا تحقق هذا السيناريو فستتعقد علاقات إيران مع الغرب أكثر.

للاستهلاك الداخلي
قال الأستاذ المشارك لمادة التاريخ في الجامعة الأمريكية بدرام بارتوي إن اقتراح القانون قد يزيد التوترات لكنه موجه أساساً للاستهلاك الداخلي أكثر من تحوله إلى خطة جدية لتهديد وجود إسرائيل، حتى لو أصبح قانوناً.

ومع تزايد التقارير عن اقتراح القانون، تساءل إيرانيون عن سبب تبديد البرلمان موارده على تعزيز عدوانية البلاد ضد العالم الخارجي عوض تحويلها لمداواة الاقتصاد.

إستفادة
رد بيمان جعفري، وهو مساعد باحث في مركز إيران والدراسات الخليجية في جامعة برينستون، أن العديد من البرلمانيين، خاصةً المتشددين "يستفيدون من مواجهة مستمرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بالتحديد لأنها تخلق إلهاء عن المشاكل الداخلية مثل الفساد، سوء الإدارة الاقتصادية والسياسات التسلطية".

وقال للموقع نفسه، إن هؤلاء يظنون هذه المشاكل ناجمة فعلاً عن القوى الخارجية "لكن هذا صحيح جزئياً. دمرت العقوبات الاقتصاد الإيراني ملحِقة الأذى بالمواطنين العاديين، لكن المشاكل الهيكلية في إيران متجذرة في خياراتهم الخاصة أيضاً".

ووافقه على ذلك بارتوي بقوله: "حقيقة الأمر، أنه دون قمع جدي للفساد وتسوية متفاوض عليها حول جميع القضايا العالقة مع الولايات المتحدة وحلفائها، لا تستطيع النخب الإيرانية حل مشاكل البلاد الاقتصادية بطريقة جوهرية".

المحافظون يلجأون للتهدئة
وذكر زياباري مؤشرات على أن النواب المحافظين يحاولون تهدئة المخاوف العامة من سعي إيران إلى مواجهة عسكرية مباشرة محتملة مع إسرائيل.

وقال رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى مجتبى زونور: "لا حديث في المجلس عن إجبار الحكومة على إزالة النظام الصهيوني في 20 سنة".

وأوضح أن المقترح "لم يحمل تصميماً على إنفاق الموارد الحكومية والموازنة العامة على إضعاف النظام الصهيوني، لكن إذا كان القطاع الخاص مهتماً بدعم جبهة المقاومة، فعلى الإدارة تسهيل مثل هذه الجهود". واتهم الأحزاب "المعادية" للبرلمان بإثارة "ضجة إعلامية" حول الموضوع.

وفي 2015، قال زونور: "نملك إذناً من الله لإزالة إسرائيل من الوجود".

مجال للتفاؤل؟
سيبقى احتمال إقرار القانون والمصادقة عليه من مجلس صيانة الدستور، قيد المتابعة. والاقتراح مبادرة "ثورية" بارعة لها واجهة معادية للأمريكيين والإسرائيليين لإرضاء المتشددين في النظام والمتدينين التقليديين الذين انتخبوا 290 مشرعاً لاستبدال برلمان كان معتدلاً بشكل نسبي تحت قيادة المحافظ البراغماتي علي لاريجاني.

وفي نظر هؤلاء المتطرفين، سيكون الاقتراح شكلاً من أشكال الانتقام لمقتل سليماني، وكبير علماء إيران النوويين محسن فخري زاده.

وإذا سقط الاقتراح فقد يكون هنالك مجال للتفاؤل بأن لا تزيد علاقات إيران مع العالم الأوسع سوءاً. لكن إذا مر الاقتراح وأصبح سياسة حكومية رسمية، فيمكن توقع حلقة جديدة من الاحتكاك التي قد تتحول فعلاً إلى مواجهة عسكرية، وفقاً لزياباري.