تظاهرات في روسيا تأييداً لنفالني (أرشيف)
تظاهرات في روسيا تأييداً لنفالني (أرشيف)
الإثنين 25 يناير 2021 / 14:38

باحث أمريكي: الاحتجاجات ضد بوتين ستزيد التوتر بين موسكو وواشنطن

يقول الباحث واستاذ ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأمريكية الدكتور مايكل سي. كيمدج، في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال إنتريست" الأمريكية، إنه عندما صار ترامب رئيساً، تعهد بتغيير سياسة الولايات المتحدة مع روسيا، وفعل ذلك، برفض وصف الولايات المتحدة بمتفوقة أخلاقياً على روسيا، وكان يتحدث عن بوتين بإعجاب.

وأضاف كيميج أنه كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، تجنب ترامب تعزيز الديمقراطية في روسيا، وفعل بشكل أكثر فاعلية بوضع حسن النية الديمقراطية للولايات المتحدة موضع التساؤل في الداخل.

ومن خلال تحمسه لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستخفافه بالكتلة الأوروبية، ألمح ترامب إلى أن الاتجاه الشؤون الدولية في المستقبل ليس لحكم القانون، وليس لمبدأ الأخذ والعطاء بالنسبة للمجتمعات المنفتحة، بل هو نسخة من القومية الاستبدادية. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، منبوذة في عينيه، وكان بوتين هو الرائد الجريء.

وحسب كيميج، المهتم بالعلاقات الروسية الأمريكية، فإن الولايات المتحدة لا تعد النقطة المرجعية الرئيسية للسياسة الروسية. ولم يحقق المروجون للديمقراطية في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ديمقراطية روسية. كما لم يحقق المروجون للاستبداد في إدارة ترامب، استبداداً روسياً سلساً.

ويقول إن هذه الحقيقة يجب أن تشجع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، على التحلي ببعض التواضع، أو أن تشجع على الاعتراف بأن مصير السياسة الداخلية لروسيا يكمن في أيدي الروس أنفسهم.

ويجب أن تركز سياسة إدارة بايدن على تداعيات السياسة الخارجية الناجمة عن النزال القائم بين بوتين والمعارض الروسي المسجون أليكسي نافالني، ومن بينها النتيجة المحتملة، وهي تدهور العلاقات الأمريكية الروسية.

وقبض على نافالني في مطار موسكو بعد عودته الاسبوع الماضي من ألمانيا إلى روسيا، وحكم عليه في إجراء قضائي عاجل بالسجن ثلاثين يوماً.

وتردد السلطات مزاعم بأن نافالني انتهك متطلبات الإبلاغ عن تحركاته في قضية جنائية سابقة، بينما كان يعالج في ألمانيا بعد تسميمه بغاز أعصاب، فيما صرح نافالني بأن إجراءات القضاء ذات دوافع سياسية.

ولا يزال نافالني يواجه طريقاً وعراً. فهو شخصية تحظى بقدر من التقدير في روسيا، بوصفه رجلاً صادقاً وصحافياً استقصائياً محنكاً.

وتوضح القضايا التي تمكن من الكشف عنها، والمناسبة تماماً للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، "فساد وسوء" بوتين والمقربين منه، وهو أمر معروف للروس دون نافالني، ولكنها أمور لا يدعهم ينسونها.

ويرى كيميج أنه مع ذلك لا يترأس نافالني حركة حقيقية، ويود عدد من الروس، أقل من عدد الذين يشاهدون مقاطعه للفيديو رؤيته في السلطة.

وكذلك قد يرغب عدد أقل من الناخبين في أن يطيح نافالني أو أي شخص آخر بحكومة بوتين باللجوء للعنف. ويشكل نافالني، بشدة بالغة، تهديداً لذات بوتين.

ويقول كيميج إن الأمر كله، بداية من تسميم نافالني في أغسطس (آب) 2020 بغاز للأعصاب من مجموعة "نوفيتشوك"، لا يعكس القدرات السياسية لنافالني بقدر ما يعكس قبضة بوتين الحديدية، ومدى فزعه من الاحتجاجات المستمرة في بيلاروسيا، والتي بدأت في صيف 2020.

وأضاف كيميج أن بوتين واجه خصماً ضعيفاً وغير معروف تماماً خارج روسيا، ومنحه إمكانية أن يكون "شهيداً"، مشيرا إلى أن بوتين، لاعب الشطرنج الذي يُضرب به المثل، لم يكن يفكر في أكثر من خطوة واحدة "أثناء اللعب"، كما فعلت وكالاته الاستخباراتية الأسطورية نفس الشيء.

وقد يخلص بوتين إلى أن نافالني يمثل في الأساس، مشكلة داخلية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن بوتين لن يعيد ضبط سياسته الخارجية بسبب نافالني.

وإذا كانت المشاكل الناتجة عن القبض على نافالني وما عرضه من لقطات ستجبر بوتين على تغيير موقفه، فإن ذلك لن يكون في اتجاه تحقيق المزيد من المصالحة مع الغرب.

فهو سيشدد موقفه من أوكرانيا، وبيلاروسيا، وذلك من ناحية لمنع الروس من اعتبار تلك الدول أمثلة على النجاح الغربي، ومن ناحية أخرى، لمنع تصور لأي ضعف روسي في واشنطن، وبرلين، ولأسباب مختلفة، في بكين.

ومن جانبها، لا تقدم أوكرانيا العديد من الخيارات المغرية لبوتين. وعلى النقيض من ذلك، قد تكون بيلاروسيا المكان الذي يواجه فيه الغرب وروسيا بعضهما البعض في العام أو العامين المقبلين.

ويقول كيميج إن لإدارة بايدن كل الحق في تأكيد القيم الديمقراطية دولياً، كما أنه يمكنها أن تعرب عن تفضيلها لإجراء انتخابات حرة في روسيا، وأن تطالب بمحاكمة عادلة لنافالني، وأن ترى أن على الروس القدرة على التظاهر والاحتجاج دون تدخل الشرطة.

وجدير بالذكر أن السلطات الروسية أطلقت حملة لفرض إجراءات صارمة ضد مؤيدي نافالني. وحذر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، من المشاركة في مظاهرات غير مرخصة، علماً أن المظاهرات تعتبر محظورة في روسيا منذ أشهر بسبب جائحة كورونا.

وناقش رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي فرض مزيد من العقوبات على روسيا بعد احتجاز نافالني.

كما أجرى رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، مكالمة هاتفية أخيراً مع بوتين لتأكيد مطالب الاتحاد الأوروبي بالإفراج عن نافالني.