الناشط السياسي لقمان سليم.(أرشيف)
الناشط السياسي لقمان سليم.(أرشيف)
الخميس 4 فبراير 2021 / 13:49

لقمان سليم.. الصوت المدوّي ضدّ سطوة حزب الله وسلاحه

استفاق اللبنانيون على خبر مقتل الناشط لقمان سليم، الذي اختفى ليل أمس وعثر عليه صباحاً جثة في سيارته في منطقة النبطية بجنوب لبنان، في جريمة مروعة تعيد إلى الأذهان مسلسل الاغتيالات لناشطين وسياسيين تجرأوا على رفع الصوت ضد هيمنة "حزب الله" وسلاحه، وتوجه رسالة ترهيب إلى الناشطين المعارضين، الأمر الذي ينذر بمرحلة أكثر سواداً في لبنان الغارق أصلاً في أزمة سياسية واقتصادية خانقة.

تعرّض سليم مرات عدة لتهديدات أعنفها خلال ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) ‏‏2019 حين أقدمت مجموعة تنتمي إلى "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة ‏أمل)على إثارة الشغب في خيمة كان يلقي فيها محاضرة عن الحياد

لم يكن لقمان سليم مجرد ناشط سياسي. هو مثقف وقائد رأي وكاتب ومحلل وأحد أبرز العاملين على مسألة ذاكرة الحرب اللبنانية والمخفيين قسراً في لبنان وسوريا. ومع كل ذلك، كان صوتاً مدوياً ضد المشروع الإيراني لـ"حزب الله" وسلاحه غير الشرعي.

وانطلاقاً من مواقفه تلك، واجه مراراً تهم العمالة الجاهزة من مناصري "حزب الله"، إلا أنه أبقى مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الشعبي للحزب. وهناك أسس جمعية "أمم" ومارس نشاطات ثقافية واجتماعية وفكرية.

ولد لقمان في حارة حريك بالقرب من بيروت في 1962، وانتقل إلى فرنسا في ‏‏1982 لدراسة الفلسفة في جامعة السوربون، وعاد إلى بيروت في 1988. وعام ‏‏1990 أسس دار النشر الجديدة، التي تهتم بنشر الأدب العربي والدراسات.‏

"إن خفت شيئاً قع فيه"
وعام 2004 شارك في تأسيس مركز "أمم للتوثيق والأبحاث" وهي منظمة غير ‏ربحية مقرها في حارة حريك جنوب بيروت. تقوم المنظمة بإنشاء أرشيف مفتوح ‏للمواد المتعلقة بالتاريخ الاجتماعي والسياسي في لبنان، وتنظم وتسهل المعروضات ‏في "حظيرته" الشهيرة للفنانين لمعالجة صراحة ندوب الحرب الأهلية اللبنانية ‏‏(1975-1990)، والتي تعتبر من المحرمات ولا تدرس على مستوى المدارس ‏الابتدائية أو الثانوية. ‏

ومن أشهر ما كان يردده نقلاً عن الإمام علي بن أبي طالب ‏قوله: "إن خفت شيئاً قع فيه". ‏

تهديدات
وتعرّض سليم مرات عدة لتهديدات أعنفها خلال ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) ‏‏2019 حين أقدمت مجموعة تنتمي إلى "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة ‏أمل)على إثارة الشغب في خيمة كان يلقي فيها محاضرة عن الحياد، متهمين إياه ‏بالتطبيع. يومها لجأ شبان إلى هدم الخيمة، ثم تظاهروا أمام منزله في حارة حريك متهمين ‏سليم بالعمالة.‏

كانت خيمة "الملتقى" قد تعرضت لهجومين، الأول ليلة 11 ديسمبر (كانون الاول) العام 2019 أثناء لقاء سياسي بحضور لقمان سليم ومنظم اللقاء الدكتور مكرم رباح ومجموعة من الناشطين، من قبل ناشطين يساريين ومقربين من أحزاب السلطة، والثاني في ليلة 12 ديسمبر من قبل نفس المجموعات التي رمت القنابل الحارقة على الخيمة وحاولوا اقتحامحها.

ويومها، أشار سليم في بيان إلى تعرّضه ومنزل العائلة في حارة حريك للتهديد والترهيب، للمرّة الثانية خلال 48 ساعة، واضعاً نفسه والدار وأهلها في حماية الجيش والقوى الأمنيّة اللبنانية.

وقال: "للمرَّة الثانية، خلال 48 ساعة، يسعى الخَفافيشُ، بَيْنَ الظُّلْمَةِ والظُّلْمَة، لتهديدي وإرْهابي مُتَعَرِّضين لحُرْمَةِ دارة العائلة في حارة حريك ــ علمًا أن هذه الدارة تأوي أيضًا مكاتب مؤسَّسَتي "أمم للتوثيق والأبحاث" و"دار الجديد".

وأضاف: "كانت المرة الأولى ليلة 11/12 الجاري من خلال تنظيم تَجَمُّع داخِلَ حديقة الدّارة هَتَفَ بِعِباراتِ التَّخوين والشَّتيمَة، وكانت المرة الثانية هذه الليلة، (12/13)، عندما قام الخَفافيشُ أنْفُسُهُم بإلصاق شعاراتِ التَّخوين والتهديدِ على سورِ الدارة ومَداخِلِها."

وأضاف: "قصيرةٌ مِنْ طويلة، واستدراكًا على أي مُحاولَةِ تَعَرُّضٍ لَفْظِيَّةٍ أو يَدَوِيَّةٍ لاحِقةٍ، لي، أو لزوجتي، أو لمنزلي، أو لدارة العائلة، أو لأي من أفراد العائلة، أو من القاطنين في الدّارة، فإنَّي، ببياني هذا، أُحَمِّلُ قوى الأمر الواقع، ممثلة بشخص السيد حسن نصرالله وبشخص الأستاذ نبيه بري، المسؤولية التامة عمّا جرى، وعمّا قد يجري، وأضَعُ نفسي، ومنزلي، ودارة العائلة، وقاطنيها، في حماية القوى الأمنية اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني".

‏وختم: "اللَّهُمَّ قد بَلَّغت".