جنود إسرائيليون في حقل زيتون قطع مستوطنون أشجاره (أرشيف)
جنود إسرائيليون في حقل زيتون قطع مستوطنون أشجاره (أرشيف)
الجمعة 26 فبراير 2021 / 16:14

النكبة مستمرة...من قطع أشجار الزيتون إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية

24 - بلال أبو كباش

يعيش جزء كبير من الفلسطينيين تحت وقع نكبة 1948، ولا تزال تلك المشاهد الأليمة تتكرر بصورة يومية في الأراضي الفلسطيني مع استمرار التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي التي أدت لتقليص مساحات البلدات والقرى والمدن في الضفة الغربية.

لا يكاد الزحف الاستيطاني يتوقف، في ظل توسع مستمر في العديد من المستوطنات اليهودية المقامة على أراض بلدات فلسطينية في الضفة، وتكاد مستوطنات آرييل، ورففاه، وكريات نتافيم، وبركان، وبروخين، وعاليه زهاف، وليشيم، ويكير، وفدوئيل، وبيت أرييه، أن تلتصق بمدينة سلفيت في الأغوار الشمالية، وببلدات كفل حارس، وبروكين، وكفر الديك، ودير بلوط، ودير استية.

وتقول الصحافية الإسرائيلية ايلانا هامرمان في صحيفة "هآرتس" الخميس: "تخصص السلطات الإسرائيلية مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المصادرة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، حتى باتت تلامس بساتين قرى عربية، وتكاد تلاصق منازل الفلسطينيين في العديد من المناطق، إضافة إلى مخلفات الصرف الصحي والفضلات التي لا تتخلص منها المستوطنات  بالطرق المناسبة، وتتركها لتفيض على شوارع وأراضي الفلسطينيين".

وتؤكد هامرمان، أن عدداً كبيراً من المستوطنين في الضفة الغربية وضعوا أيديهم على ممتلكات القرى الفلسطينية، وصادروا الينابيع، وخزانات المياه فيها، وحولت جزءاً منها في كثير من الأحيان إلى أحواض سباحة، في حين تستمر هجمات المستوطنين على المزارعين وقاطفي الزيتون الفلسطينيين، الذين خسروا جزءاً كبيراً من محاصيلهم بعد أن قطعت أعداد كبيرة من الأشجار في بساتينهم.

وتؤكد الصحافية الإسرائيلية، أن الأمر لا يقتصر على المستوطنين فقط، فالجنود الإسرائيليون يفعلون الشيء ذاته، وبطرق أكثر بشاعة، إذ اقتلعت مثلاً العديد من الجرافات العسكرية بمواكبة جنود مسلحين  الآلاف من أشجار الزيتون في قرية دير بلوط، وكفر حارس، وأومر الجنود بإخلاء العديد من المساكن.

وتقول هامرمان، إن هذه التعديات المستمرة بمثابة تكرار للنكبة الأولى، لكن بطرق أخرى، ودون الحاجة لترحيل السكان في شاحنات أو تسييرهم في قوافل طويلة طلباً للجوء في أماكن أخرى مجاورة.

وتصدر السلطات الإسرائيلية، من الجيش، إلى الإدارة المدنية مذكرات مصادرة أراضٍ بالعبرية والعربية، وتنص الوثائق التي كتب بعضها بخط اليد للاستعجال "وفقاً للأمر الخاص بممتلكات الحكومة (يهودا والسامرة) رقم 59 5727 - 1967، ووفقاً للمادة 2 من الأمر المتعلق بموضوع التعيينات والمسؤوليات وفقاً لقانون حماية الأراضي وممتلكات الحكومة، يهودا والسامرة رقم 1006، 5742 - 1982، نصرح بموجب هذه القوانين بأن فلان، الفلسطيني، يحتفظ بشكل غير قانوني بتلك الأرض".

وتعتبر الأراضي المزروعة والمجاورة للمستوطنات الإسرائيلية محط تهديد متكرر، فالسلطات الإسرائيلية تواصل دوماً إبلاغ أصحابها الفلسطينيين بضرورة إخلائها، وقطع أشجارها، والتخلص منها، وأخيراً طالب الجيش الإسرائيلي عدداً من سكان قرية كفر حارس بقطع أشجار الزيتون على مساحة 6.5 دونمات وإتلافها، مشيرة إلى أن رفض تنفيذ القرار في غضون 45 يوماً، يكبد ملاكها تكاليف إخلائها بواسطة الجيش الإسرائيلي.

وتؤكد هامرمان، أن هذه السياسات تحيي ذكرى النكبة، في سلفيت وقراها، وفي جنوب جبال الخليل، ووادي الأردن، وبيت لحم، وطولكرم، وجنين وغيرها.

وتعمل إسرائيل على توسعة وتنمية مستوطنات سوسيا، وميفووت يريهو، وإفرات، وبيتار عيليت، وآرييل، وكرني شومرون، وحنانيت، وشاكيد فقط. في حين يعيش العرب الذين أقيمت تلك المستوطنات على أراضيهم المصادرة أوضاعاً مزرية، واضطر قسم كبير منهم للعمل في المستوطنات، أو بنائها.

وتؤكد إيلانا، أن هؤلاء كانوا مزارعين، تحولوا إلى عمال بناء، أوإلى العمل في مصانع، وحدائق، وطرق، على أراضيهم أو أراض عامة كان يفترض أن تخدم احتياجاتهم، وحولتها إسرائيل إلى أراضي دولة يسكنها اليهود وحدهم".

ومع ذلك يعاني العمال الفلسطينيين للحصول على تصريح عمل في المستوطنات على أراضيهم، ويضطرون لدفع مبالغ كبيرة للسماسرة للفوز بتصريح عمل، ومجبرون على العمل ساعات طويلة، فيغادرون فجراً، ويعودون لبيوتهم مع حلول المساء.

تمزيق المجتمعات 
وتصنف إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات "أراضي دولة"، أو "مناطق نفوذ"، أو "أراضي بلدية" لمستوطنات يهودية، أو "مناطق إطلاق نار عسكرية"، أو "محميات طبيعية"، وكلها تسميات للتغطية على سياسة فصل وتمزيق المجتمعات الفلسطينية.

وتقضي تلك التسميات بمنع الفلسطينيين المجاورين من الزراعة أو البناء فيها، وفي أحيان كثيرة لا يمكنهم السير فيها بأقدامهم.

وتقول هامرمان: "على مدى عقود، وصلنا في إسرائيل إلى وضع أصبح فيه تطرف اليمين وبلطجته شرعياً بالكامل في الكنيست، وحتى في النظام المدرسي. فمثلاً لا يمكن دعوة مدير منظمة بتسيلم لحقوق الإنسان للتحدث إلى التلاميذ الإسرائيليين عن تلك الأمور"، وتضيف "عدد قليل في المجتمع الإسرائيلي يعارض حقاً الجرائم التي يرتكبها الجيش الذي يخدم فيه أبناء وبنات معظم أفراده".

وتطالب الصحافية الإسرائيلية أيضاً، العقلاء الإسرائيليين بالانتباه لحجم الكارثة والالتحام بمجموعة تدعو، المواطنين والفنانين ونشطاء حقوق الإنسان في الدول الغربية، إلى التحرك في بلدانهم لتغيير الخطاب والسياسة مع إسرائيل، وذلك "من أجلنا، نحن اليهود والفلسطينيين، الواقفين معاً على حافة الهاوية خاصة مع وصول الأمر إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي".