الإثنين 1 مارس 2021 / 12:43

حِيل أردوغان لا تقنع لا بايدن ولا بلينكن

رأى رئيس تحرير صحيفة "كاليفورنيا كوريير" هاروت ساسونيان أن تركيا مُجبرة على الاختيار بين الشرق والغرب، مع اقتراب انهيار سياسة الحبل المشدود التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع الطرفين.

مما لا شك فيه أن تركيا لن تكون قادرة على حل النزاع على الصواريخ الروسية عبر اللوبي المستأجر

وكتب ساسونيان، في صحيفة "اسباريز" الأرمنية، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ انتخابه في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، لم يُخفِ كراهيته، إن لم يكن عداءه الصريح، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

التناقض التركي
يتبع أردوغان استراتيجية الإمبراطورية العثمانية في التلاعب بالقوى الأوروبية المتنافسة، من خلال تبديل الأدوار وتغيير الشركاء، فأعلن على سبيل المثال، أنه المدافع عن كل المسلمين خاصة الفلسطينيين، بينما كان منخرطاً في شراكة عسكرية مع إسرائيل حتى وقت قريب.

وفي مثال آخر، فإن تركيا العضو تركيا في حلف شمال الأطلسي، تشتري بمليارات الدولارات، صواريخ روسية متطورة بما لا يتوافق مع شروط الناتو والولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، يتقرّب أردوغان من روسيا، لكنه يتورط في صراع عسكري معها في سوريا وليبيا.

توتر منذ عهد اوباما
يعود توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا إلى رئاسة أوباما، التي شغل خلالها بايدن منصب نائب الرئيس. وانزعج أردوغان من أوباما بعد صداقة أولية، ومع ذلك، طور الزعيم التركي علاقة مميزة مع الولايات المتحدة بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيساً.

ولا يزال من غير الواضح سبب هذه المودة الشخصية الدافئة بين الرجلين، وسواء كانت مصالح ترامب المالية في تركيا أم ولعه الغريب بالطغاة حول العالم، فذلك أمر لا نعرفه أبداً.

الطلقة الأولى
ومع ذلك، أطلق بايدن الرصاصة الأولى، في مقابلة في ديسمبر (كانون الأول) 2019 مع صحيفة "نيويورك تايمز"، وصف فيها أردوغان بـ "مستبد"، وذكر أن على  الولايات المتحدة أن تدعم زعماء المعارضة التركية "لتكون قادرة على مواجهة أردوغان وهزيمته. ليس عن طريق الانقلاب ، ولكن عبر العملية الانتخابية".

أما الموقف المحرج التالي، فكان عندما هنأ أردوغان بايدن بعد أيام من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبعد مرور أربعة أشهر، لم يتصل بايدن بأردوغان رغم اتصاله بالعديد من قادة العالم الآخرين. ويبدو أن أردوغان يشعر بإهانة شديدة من هذا الازدراء الدبلوماسي.

سياسة متشدّدة
وبدا أول مؤشر على سياسة إدارة بايدن المتشددة تجاه تركيا واضحاً في 19 يناير (كانون الثاني) 2021، ففي جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لتعيين أنتوني بلينكين وزيراً للخارجية، وصف بلينكن يومها تركيا بـ "ما يسمى بالشريك الاستراتيجي" وأثار احتمال فرض المزيد من العقوبات على تركيا.

وأعاد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان تأكيد انتقادات بلينكين لتركيا، ووصف أنقرة بـ "حليف من نواح كثيرة ... لا تتصرّف مثل حليف، وهذا تحد كبير للغاية عندنا".

وفي 5 فبراير (شباط) 2021، أكد البنتاغون أن إدارة بايدن لا تنوي رفع العقوبات عن تركيا لشرائها الصواريخ الروسية.

اتهامات 
وزاد الطين بلة، عندما كرر وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في أوائل شباط (فبراير)، الادعاء  بأن الولايات المتحدة كانت وراء الانقلاب التركي الفاشل في 2016. وأصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس توبيخاً حاداً، واصفاً مزاعم الوزير التركي بـ "كاذبة تماما. وتتعارض مع مكانة تركيا الحليف في الناتو والشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة".

في 10 فبراير (شباط) 2021، دعت وزارة الخارجية الأمريكية تركيا إلى الإفراج الفوري عن رجل الأعمال والناشط الحقوقي التركي عثمان كافالا المحتجز منذ أكثر من 3 أعوام دون إدانة، بعد اتهامه زوراً بمحاولة الإطاحة بالحكومة التركية في الانقلاب الفاشل.

وحثت وزارة الخارجية الأمريكية تركيا على الامتثال لحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أواخر 2019 القاضي بإطلاق سراح كافالا.

التحايل على العقوبات
لا تزال تركيا تحاول إيجاد طريقة للتحايل على العقوبات الأمريكية. في 1 فبراير(شباط) 2021، تعاقدت رت أنقرة مع شركة "ارنولد اند بورتر"، شركة الضغط الأمريكية الكبرى في واشنطن، لحل النزاع مع الحكومة الأمريكية حول الصواريخ الروسية.

ووقع العقد مع شركة "SSTEK Defense Industry Technologies"، في أنقرة، المملوكة لرئاسة الصناعات الدفاعية التركية ، وهي هيئة الصناعات الدفاعية الرئيسية في أنقرة.

ووافقت " SSTEK" على دفع 750 ألف دولار لـ "أرنولد وبورتر" لمدة ستة أشهر مقابل حصول تركيا على "المشورة الاستراتيجية والتواصل" مع السلطات الأمريكية.

اس 400
مما لا شك فيه أن تركيا لن تكون قادرة على حل النزاع على الصواريخ الروسية  عبر اللوبي المستأجر. ومن المثير للاهتمام، أن العقد مع  SSTEK، ذكر أن"أرنولد وبورتر" لا تقدم أي وعود أو ضمانات" حول النتيجة. "إذا لم تصل المسألة إلى نتيجة ناجحة، لأي سبب من الأسباب، تظل "SSTEK" مسؤولة عن جميع الرسوم والمدفوعات التي تتقاضاها الشركة بموجب شروط هذه الاتفاقية".

ويُشار إلى أنه في الوقت الذي يقترب فيه الاقتصاد التركي من الانهيار، وبينما يعاني الشعب التركي من ضائقة مالية شديدة، يهدر أردوغان 750 ألف دولار من أموال دافعي الضرائب الأتراك، على جماعات ضغط غير مجدية.

وختم ساسنيان قائلاً: "يبقى أن نرى إذا كانت مهارات تركيا في المشي على الحبل المشدود ستنجح في الحفاظ على الصواريخ الروسية، والإفلات من العقوبات الأمريكية. إذا أُجبرت تركيا على التخلص من الصواريخ، فسيتعين عليها مواجهة عواقب كبيرة لتدهور علاقاتها مع روسيا. سيكون على تركيا بعد ذلك أن تختار إما الشرق وإما الغرب. ولن تكون قادرة على خداع الجانبين بعد الآن. يتمتع بايدن وبلينكين بخبرة كبيرة بحيث لا يمكنهما الوقوع في حيل أردوغان".