الثلاثاء 18 مايو 2021 / 13:00

نيويورك تايمز: نتانياهو وحماس شريكان منذ 12 عاماً

24-زياد الأشقر

قال توماس فريدمان، إن هناك طرقاً كثيرة لفهم ما يجري اليوم بين حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لكنه يفضل عند مقاربة المسألة أن يعتبر أن للطرفين 6 يناير (كانون الثاني) خاص.

طوال 12 عاماً، كان لدى "حماس" مهمة واحدة: إبقاء نتانياهو في السلطة حتى تتمكن مع داعميها في إيران من إخبار مؤيديهم الساذجين في أوروبا وفي حرم الجامعات الليبرالية وفي وسائل الإعلام وفي الحزب الديمقراطي أن المشكلة ليست "حماس"

في ذلك اليوم، تحرك رعاع أطلقهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لاقتحام مبنى الكابيتول في محاولة أخيرة لقلب نتائج الإنتخابات، ومنع وصول شخص قادر على بلسمة الجراح، إلى الرئاسة.

وهكذا فإن بيبي وحماس استغلا أو غذيا الرعاع لمنع تأليف حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، كانت ستضم للمرة الأولى يهوداً إسرائيليين وعرباً مسلمين إسرائيليين. 

موجات العداء

وعلى غرار ترامب، فإن بيبي وحماس يحتفظان بالسلطة بإثارة موجات العداء "ضد الآخر". وفي الواقع، شكل كلاً منهما شريكاً قيماً للآخر، في تكتيك بدأ منذ انتخاب نتانياهو رئيساً للوزراء للمرة الأولى في 1996، بعد موجة تفجيرات انتحارية شنتها حماس.

ويلفت فريدمان إلى أنه لا تواصلاً بين حماس، وبيبي، وهما ليسا في حاجة إلى ذلك، إذ أن كل طرف يتفهم حاجات الطرف الآخر ليبقى في السلطة عن وعي أو عن غير وعي، ويتصرف بطرق تضمن الوفاء بهذا الإلتزام.

ورأى فريدمان أن اليوم يشهد جولة إعادة لعرض قديم، لأن الطرفين كان يحدّقان في اختراق مدهش كان يتشكل بين اليهود الإسرائيليين والعرب المسلمين الإسرائيليين، وعلى غرار رعاع ترامب قبل 6 يناير (كانون الثانب) فإنهما أرادا تدمير احتمال تغيير سياسي من شأنه أن يدمرهما سياسياً.

إئتلاف وحدة وطنية
بعد الإنتخابات الإسرائيلية الرابعة وإخفاق نتانياهو في تأليف حكومة، كان ائتلاف وحدة وطنية غير مسبوق في طريقه للتشكل في إسرائيل، بقيادة العلماني الوسطي يائير لابيد واليميني المتدين نفتالي بينيت.

كان الرجلان على وشك تأليف حكومة تضم إسرائيليين يهوداً، وللمرة الأولى عرباً إسرائيليين من حزب إسلامي.

وعن محادثات الإئتلاف الإسرائيلية، كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني في 9 مايو (أيار) قبل اندلاع الجولة الأخيرة من القتال بين حماس وإسرائيل، أن "حزب بينيت يتوقع تشكيل حكومة هذا الأسبوع بعد الاجتماع مع زعيم إسلامي".

ويمضي الخبر ليقول إن "بينيت اجتمع مع رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس الأحد، ما جعل أعضاء في حزبه يعتقدون أن الحكومة يمكن أن تتشكل هذا الأسبوع، الأمر الذي ينهي مأزقاً سياسياً في إسرائيل عقب أربع انتخابات في عامين".

والقائمة العربية الموحدة المعروفة أيضاً بـ"رام" يرأسها منصور عباس وهو عربي إسرائيلي من حزب "الحركة الإسلامية" المتحدرة من الإسلام السياسي نفسه الذي تتحدر منه حماس، باستثناء أنه لا يؤمن بالعنف مثلها، ويعترف بإسرائيل، ويركز على أن يوفر للعرب الإسرائيليين المزيد من المصادر، والمزيد من الشرطة، والمزيد من الوظائف في بلداتهم وضواحيهم في إسرائيل، على غرار ما تفعل الأحزاب اليهودية المتدينة.

صانع الملوك
وابتعد عباس عن ائتلاف الأحزاب العربية الإسرائيلية، القائمة المشتركة، التي تركز أكثر على الوطنية الفلسطينية، وفاز بأربعة مقاعد لتعزيز أجندته.

ولأن لا إئتلاف نتانياهو ولا إئتلاف المعارضة بقيادة لابيد وبينيت، يملكان ما يكفي من الأصوات لتأليف حكومة، بات عباس "صانع الملوك" في السياسات الإسرائيلية.

وسعى نتانياهو إلى استمالته أولاً، لكن حزباً عنصرياً صغيراً معادياً للعرب في ائتلافه رفض الجلوس مع العرب الإسرائيليين.

استفزاز الفلسطينيين
إلى ذلك، لفت فريدمان إلى أن أتباع نتانياهو من اليمين المتطرف والشرطة ذهبوا، بعيداً في استفزاز الفلسطينيين في القدس، في فترة حساسة مع نهاية شهر رمضان، بعد قرار السلطة الفلسطينية إرجاء الانتخابات.

وزاد غضب الفلسطينيين ليس بسبب العنف في المدينة فحسب، وإنما أيضاً بسبب الانقسام بين العرب واليهود الإسرائيليين في بلدات إسرائيلية، وهو أمر خطير جداً على استقرار إسرائيل.

السنوار وعزل السلطة
وفي المقابل، صدق زعيم حماس في غزة يحيى السنوار أنه بإطلاقه صواريخ على القدس وسط المواجهات بين العرب واليهود، يمكنه الاستيلاء على القضية الفلسطينية كلها، وعزل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والأردن، والدول العربية.

ولكن فريدمان يؤكد أن هذا التفكير"خطأ كبير"، لأن قصف القدس بالصواريخ، تجاوز لخط أحمر إسرائيلي دفع الجيش الإسرائيلي إلى توجيه ضربة خطيرة لشبكات أنفاق حماس في جميع أنحاء غزة وورش ذخائرها، وعموماً تعميق البؤس هناك تحت حكم حماس.

وبذلك، كان الجيش الإسرائيلي يوجه أيضاً رسالة إلى حزب الله في لبنان، مفادها "لا تعتقد أنه يمكنك التغلب علينا بالجنون. انتبهوا، لن يردعنا الرأي العام العالمي في غزة ولا لبنان، إذا هددتمونا بالصواريخ".

مهمة حماس
ورأى فريدمان أنه طوال 12 عاماً، كانت لحماس مهمة وحيدة، هي إبقاء نتانياهو في السلطة حتى تتمكن مع داعميها في إيران، لتقول لمؤيديها السُذج في أوروبا وفي حرم الجامعات الليبرالية وفي وسائل الإعلام، وفي الحزب الديمقراطي، إن المشكلة ليست حماس، المنظمة الإسلامية الفاشية التي تفتقر إلى ذرة من الديمقراطية والمكرسة لتدمير الدولة اليهودية وفرض نظام إسلامي شبيه بطهران في فلسطين، ولكنها تكمن في حكومة نتانياهو المؤيدة للمستوطنين في إسرائيل.

وخلص الكاتب إلى أن بيبي وحماس يحتاجان ويفهمان بعضهما البعض. وفي لحظة مشرقة، بدا كأن إئتلافاً إسرائيلياً سيكسر هذه الحلقة المفرغة. ومن المؤكد أن هذا الائتلاف لم يكن ليحقق السلام في ليلة وضحاها، لكن كان يمكنه بداية حوار مختلف، حوار حقيقي، بين كل الأطراف.