الأربعاء 16 يونيو 2021 / 14:07

لوموند: عودة تركيا إلى الناتو تفترض تحوّلات جذرية

تعليقًا على قمة "الناتو" الأخيرة ولقاء الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي رجب طيب اردوغان، اعتبر السفير السابق للاتحاد الأوروبي في تركيا مارك بيريني أن على أنقرة تغيير سلوكها بشكل جذري، وإلا فإن عودتها إلى عضوية الحلف، ستكون أكثر خطورة.

لواقع أكثر تعقيداً. وسيقسم سلاح الجو التركي إلى قسمين

وكتب بيريني، في صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن العالم تغيّر بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأصبحت تركيا قوة اقتصادية وعسكرية، لذلك لم يعد بإمكانها الاكتفاء بالارتباط بالحلف الأطلسي، مشيراً إلى أن هدف أنقرة، معاملته بندية من قبل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، مع الاستفادة المثلى من اجتماع أردوغان بايدن على هامش قمة الناتو.

واقع معقّد

من وجهة نظر الناتو، فإن الواقع أكثر تعقيداً. وسيقسم سلاح الجو التركي إلى قسمين، ترتبط قواتها التقليدية، خاصة قاذفاتها المقاتلة من طراز "F-16" عملياً بالناتو، لكن دفاعاتها المضادة للصواريخ S-400s، منفصلة عن آليات الناتو، وستظل أنقرة تعتمد على موسكو في صيانتها، الأمر الذي سيبب مشكلة بوصول روسيا إلى بيانات قوات الحلف.

والأهم من ذلك، ومن خلال بيع الصواريخ لتركيا، تعمل روسيا على تعزيز موقفها الدفاعي بشكل مضاعف على حدودها الجنوبية، من ناحية ضد صواريخ باتريوت الأمريكية، ومن ناحية أخرى من بمنع بيع المقاتلات الأمريكية من طراز "F-35" إلى تركيا.

وبعبارة أخرى، عبر تنويع مشترياتها العسكرية، مكنت أنقرة روسيا من اكتساب ميزة كبرى على الهندسة الدفاعية للحلف في أوروبا.

مكاسب روسية
حققت خيارات اردوغان للنأي بنفسه عن الناتو، مكاسب استراتيجية لروسيا لم يسبق لها مثيل في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتتي، بالإضافة إلى تعزيز موسكو مواقع قواتها المسلحة في سوريا، وليبيا، والبحر الأبيض المتوسط، وأفريقيا.

من جهته، فإن الزعيم التركي دوافع سياسية محلية قوية للاستمرار في هذا المسار المعادي للغرب، حتى لو انحصر ذلك في الإبقاء على تحالفه الإسلامي القومي.

سيتطلب الأمر تغييراً دراماتيكياً لعودة لا لبس فيها لتركيا إلى عضوية الناتو، وبالتالي قبول روسيا تجميد مبيعات أنظمة الدفاعات الصاروخية لتركيا.

الخلافات السياسية
وتساءل بيريني "كيف سيترجم مفهوم تركيا، الشريك الأساسي في حلف شمال الأطلسي؟. هل ستحصل على دور أكبر في أفغانستان، بعد الانسحاب الأمريكي، أو بتعزيز الحضور التركي في عمليات الناتو البحرية في البحر الأسود، أو بانسحاب المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم إلى ليبيا وتنفيذ أنقرة لقرارات مؤتمر برلين في يناير (كانون الثاني) 2020، أو بالتقارب مع الشركاء الغربيين، لوقف الحرب في سوريا؟".

وإلى هذه الصعوبات، تُضاف الخلافات السياسية بين أنقرة والقوى الغربية التي تقوض الثقة في الرئيس التركي، ومنها، التفكيك المستمر لسيادة القانون، بما في ذلك الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، حيث أكد أردوغان أن التعددية الحزبية ليست السبيل للمضي قدماً في تركيا، وانسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة، والاعتداءات الشخصية على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول الأوروبية.

موقف تركي مشترك مع موسكو
واعتبر السفير السابق أن الاتفاق بين الرئيسين الروسي والتركي على مبيعات الأسلحة التركية إلى بولندا وأوكرانيا، أو الخلافات على شبه جزيرة القرم، دفع أردوغان إلى اتخاذ موقف عسكري وسياسي، يتماشى إلى حد كبير مع موقف روسيا.

وأجبرت أنقرة "الناتو" على تخفيف تصريحاته ضد اختطاف بيلاروسيا لطائرة شركة ريان إير.

وخلص بيريني إلى إن إعادة الرئيس التركي إلى الأطلسي ستكون خطوة أكثر خطورة. فالأزمة الاقتصادية العميقة في بلاده تُهدّد هيمنته السياسية التي استمرت عشرة أعوام، وبالتالي، فإن وضعه الانتخابي الضعيف قد يؤدي إلى تجاوزات جديدة داخلياً، بزيادة قمع المعارضين وتعديل قانون الانتخابات، وخارجياً بفرض حل الدولتين في قبرص.