الإثنين 21 يونيو 2021 / 14:15

هل قدم بايدن لأردوغان تنازلاً مجانياً في لقائهما الأخير؟

حذر الباحث البارز في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين من احتمال أن يكون الرئيس الأمريكي جو بايدن قد عقد اتفاقاً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة مجموعة السبع. وإذا كانت المؤشرات صحيحة فالاتفاق لن يصب في مصلحة واشنطن.

يقدم بايدن وسوليفان تنازلات من أجل وقف اعتداءات أردوغان، لكن هذه التنازلات ستحفزه على ارتكاب المزيد منها


 كتب روبين في موقع 1945 أن العلاقات الأمريكية-التركية سيئة منذ فترة طويلة. لكن في وقت يرى الديبلوماسيون وبعض المحللين أن اللوم يقع على واشنطن، يبقى الواقع أن أردوغان هو الذي اختار هذا المسار لأسباب تكتيكية وسياسية داخلية.

مقايضة
يحاول البيت الأبيض والمسؤولون الأتراك توصيف اللقاء بين أردوغان وبايدن بالإيجابي. كان أردوغان مسروراً لأن قضية الإبادة الأرمينية لم تحضر في اللقاء وفقاً لما قاله في مؤتمر صحافي. وأمل الرئيس التركي أن تحدث انطلاقة جديدة مع رفع للعقوبات عن تركيا بسبب شرائها منظومة أس-400 الروسية. لكن لا يبدو أن أي خرق حدث في هذا الإطار. عوضاً عن ذلك، تَركز الحديث على دور تركيا في أفغانستان خصوصاً بعد الانسحاب الأمريكي منها. في مكالمة صحافية لاحقة، ذكر مستشار الأمن القومي جايك سوليفان أن الرئيسين ناقشا مقايضة: "أشار الرئيس أردوغان إلى أنه سيحتاج... إلى بعض أشكال الدعم لفعل ذلك" و"أن الرئيس بايدن التزم بأن ذلك الدعم سيكون آتياً". يضيف روبين أن ما قاله سوليفان يؤدي إلى سؤالين: ماذا ولماذا؟

نمط احتفالات بايدن
يستشهد روبين بالكاتب السياسي في موقع فيديراليست بن دومينيك الذي لاحظ كيف تحتفظ إدارة بايدن بنمط من الاحتفال باتفاقات مع دول أجنبية من دون أن تذكر ما هي المنافع. ويرى روبين أن هذا صحيح بالنسبة إلى الاتفاق الأخير حول أفغانستان. لقد سعت تركيا طويلاً للحصول على الاعتراف بالفضل لدورها في مهمة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. لكن ذلك ليس سوى جانب واحد من الدور التركي. عند المشي أو القيادة حول كابول مثلاً، أي بعيداً جداً من المجمعات الديبلوماسية والعسكرية الأمريكية، يمكن رؤية لافتات تركية تروج للعلاقات التركية-الأفغانية على قاعدة التضامن الإسلامي.

علاقات مع إرهابيين
يستند هذا الترويج إلى موضوع آيديولوجي. فلأردوغان روابط طويلة المدى مع قلب الدين حكمتيار المصنف على لائحة الإرهاب الدولي التي أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية. لكن هنالك أيضاً الكثير مما يرتبط بعلاقات العمل التركية الواسعة النطاق في أفغانستان والتي تأمل أنقرة زيادتها بشكل كبير. إن رغبة بايدن بتقديم خدمات أو تنازلات لتركيا من أجل دفعها إلى تأمين مطار كابول الدولي لا تتمتع بمعنى كبير. فلتركيا حافز اقتصادي لفعل ذلك في جميع الأحوال.

يراه ساذجاً
تعيد هذه النقاط روبين إلى طبيعة تركيا في عهد أردوغان. بينما يستمر بعض الديبلوماسيين والسياسيين بالإصرار على أن تركيا الأردوغانية هي حليف لتركيا، تبقى الحقيقة في أن أنقرة لم تعد تحمل قيماً مشتركة مع الولايات المتحدة. عوضاً عن ذلك، أصبحت تركيا دولة مقايضات تسعى إلى شراكة غير مبنية على حماية الديموقراطية أو مكافحة الإرهاب، بل فقط على تحقيق مكاسب مادية قصيرة الأجل أو تنازلات ديبلوماسية.

لهذا السبب، لم يعد بالإمكان الوثوق بتركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي أو كوسيلة تحوط ضد روسيا. في أوقات الأزمات، ستسعى إلى إشراك البيت الأبيض والكرملين في حرب مزايدات للحصول على الدعم لكنها لن تلتزم قط بتعهداتها السابقة. في أفغانستان، يسعى أردوغان إلى انتزاع تنازلات من بايدن لأنه يرى بايدن ساذجاً وراغباً بإتمام اتفاق.

ماذا في المقابل؟
بالنسبة إلى روبين، يصبح السؤال حالياً عما يعرضه بايدن وسوليفان. إذا كانت منظومة "أس-400" غير مطروحة على طاولة التفاوض، فما الذي يمكن أن يقدمه بايدن لأردوغان؟ جيران تركيا متوترون. ففريق بايدن ضاعف خيانة ترامب للسوريين الأكراد. ويقلق الأرمن والقبارصة من أن يطلب فريق بايدن منهم المزيد من التنازلات في وجه الاعتداءات التركية. وأنقرة متورطة حالياً في توغل عسكري مستمر في شمال العراق. ويتساءل روبين عما إذا كان بايدن سيقدم تنازلات هناك.

استرضاء دولة إمبريالية
لا تكمن المشكلة فقط في أن بايدن وسوليفان يعاملان العالم وكأنهما مستعمران يقايضان الأراضي والامتيازات لصالح دولة أصبحت في عهد أردوغان من أبرز القوى الإمبريالية في القرن الواحد والعشرين. علاوة على ذلك، يقدم بايدن وسوليفان تنازلات من أجل وقف اعتداءات أردوغان، لكن هذه التنازلات ستحفزه على ارتكاب المزيد منها. في كلتا الحالتين، وبينما لا يزال بايدن وسوليفان يلفان جوهر اتفاقهما بالسرية، يبدو أن أردوغان تمكن من مناورة بايدن.