الخميس 24 يونيو 2021 / 13:10

المسيحيون في إيران.. اضطهاد متزايد في ظل الحكم الطائفي

24 - بلال أبو كباش

تتوالى أنباء انتهاكات حقوق الإنسان من إيران، وتعيش العديد من الأقليات والطوائف المختلفة تحت سياط التهديد والوعيد، من قبل الحرس الثوري، وغيره من أذرع النظام الإيراني، الذي يسعى لتشديد قبضته على البلاد، وإسكات أصوات الأقليات المطالبة بالحصول على حقوقها الكاملة في ممارسة شعائرها الدينية بحرية تامة.

أمس الأربعاء، أكدت العديد من المصادر، أن السلطات الإيرانية أخضعت ثلاثة مسيحيين للمحاكمة، بعد تمرير تعديل جديد لقانون العقوبات من خلال الهيئة التشريعية الإيرانية، وفقاً لمنظمة التضامن المسيحي العالمية (CSW).

وأشارت المصادر، أن محاكمة المتهمين الثلاثة ذوي الأصول الإسلامية، عقدت في كرج شمال إيران يوم الإثنين الماضي، بعد اعتناقهم للمسيحية، مشيرة إلى أن المحكمة الإيرانية وجهت إليهم تهمة "ممارسة أنشطة طائفية".

المتهمون الثلاثة: أمين كاكي، وميلاد جودارزي، وعلي رضا نور محمدي أخضعوا للمحاكمة إجبارياً دون حضور محام دفاع للمرافعة عن المتهمين، وبررت السلطات القضائية الإيرانية، رفض حضورهم بحجة أن أسمائهم لم تدرج في القائمة مسبقاً.

تقارير أخرى، أشارت إلى أن ادعاءات السلطات الإيرانية غير صحيحة، وأن المحامين قد أدرجت أسمائهم واستوفوا جميع المتطلبات اللازمة للدفاع عن المتهمين الثلاثة قبل 10 أيام من عقد المحاكمة يوم الإثنين الماضي. وبخلاف ذلك قامت السلطات الإيرانية بإبلاغ المتهمين بأنهم سيمثلون أنفسهم أمام القضاء.

وقالت المصادر، أن القضاء الإيراني أسند للمسيحيين الثلاثة، تهمة "الانخراط في دعاية ضد النظام الإسلامي"، مؤكدة الإفراج عنهم بكفالة لاحقاً، وبشرط الحضور لمركز الشركة أسبوعياً للاستجواب والمراقبة.

وأشارت المصادر، إلى أن السلطات الإيرانية تضغط باستمرار على المتهمين الثلاثة بمغادرة البلاد، في حين تستمر جهات أخرى على رأسها الحرس الثوري بتهديد المسيحيين والمنتمين للأقليات الأخرى، بحجة أنهم يسيؤون للنظام الإسلامي في إيران. وقالت المصادر، أن القضاء الإيراني أخضع 17 مسيحياً آخرين للمحاكمة، وأسند لهم تهماً مشابهة.

وأوضحت منظمة التضامن المسيحي العالمي في بيان لها، أن "المسيحيين الثلاثة متهمون بموجب تعديل جديد لقانون العقوبات الإيراني يعرف بالمادة (500 مكرر)، المتعلقة بالأنشطة الطائفية". ووافق على التعديل مجلس النواب الإيراني ووقعه الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني في فبراير (شباط) الماضي.

وأضافت المنظمة، أن "القانون ينص على أن أي تعليم ديني منحرف أو دعاية تتعارض مع الشريعة الاسلامية سيعاقب القائمون عليها بشدة".

وبحسب تقارير سابقة، فإن المسيحيين في إيران يعيشون تحت ضغط مستمر، مؤكدة أن السلطات تواصل مضايقتهم وإخضاعهم للمحاكمة والتفتيش من حين لآخر، للاشتباه في "عملهم ضد أمن الدولة".

وقالت المصادر، أن تعديل قانون العقوبات الإيراني الجديد يستهدف تحديداً المجموعات التي تصنفها السلطات على أنها "طوائف ضالة". وغالباً ما يستخدم النظام الإيراني هذا المصطلح لوصف الجماعات والحركات التي انحرفت أو انفصلت عن الشيعة "الإثنا عشرية"، المدرسة الرسمية للفكر والقضاء في إيران.

ولكن، يبدو مؤخراً، أن السلطات الإيرانية "وسعت استخدام هذا المصطلح ليشمل الحركات الإنجيلية والإصلاحية، والمتحولون من الإسلام إلى المسيحية".

ويفرض التعديل الجديد مجموعة من العقوبات، ومنها السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، والحرمان من حقوق التصويت لمدة تصل إلى 15 عاماً، إضافة للغرامات الباهضة.
من جهته، يقول مؤسس ورئيس منظمة التضامن المسيحي العالمي ميرفين توماس: "يعيق التعديل الجديد بشدة قدرة إيران على الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية التي تحمي حرية المعتقد الديني". وأشار توماس، أنه من المرجح أن يجعل هذا التعديل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للأقليات الدينية في إيران.

ودعا توماس السلطات الإيرانية إلى إلغاء هذا القانون وغيره من القوانين المماثلة المناهضة لحقوق الإنسان وحرية الشعب الإيراني في ممارسة شعائره الدينية، وإنهاء حملة مضايقة المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى من خلال النظام القضائي.

وتعتقل السلطات الإيرانية المتحولين إلى المسيحية منذ سنوات، فيما تصدر منظمات حقوقية بيانات إدانة وقلق جراء تشدد السلطات الإيرانية مع أصحاب الديانات الأخرى.

يذكر أن إذاعة "NPR" الأمريكية، كانت قد نشرت تقريراً في ديمسبر (كانون الأول) 2018 عن لاجئين إيرانيين فروا إلى تركيا بعد أن دخلوا المسيحية.

ويعيش في إيران نحو 160 ألف مسيحي، معظمهم من الأرمن، فيما يوجد نحو 600 كنيسة في مختلف أنحاء الجمهورية.

وتعاني الأقليات الدينية في إيران من التهميش والتمييز في المعاملة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ويأتي التهميش في صور مختلفة، مثل حرمان الزرادشتيين أو اليهود أو المسيحيين أو المسلمين من المذاهب الأخرى غير المذهب الشيعي من الترشح لرئاسة الجمهورية.

وينص قانون تنظيم المؤسسة العسكرية والصادر في 1987 على أن الإسلام شرط أساسي للتجنيد، فيما نصت المادة 29 على إعفاء الجنود والضباط العاملين من الديانات الأخرى من مناصبهم عقب صدور القانون.

ولم يسمح النظام الإيراني بدخول أي نواب عن الأقليات الدينية إلى المجالس المحلية إلا ابتداء من 2013، إذ سمح لسبعة نواب زرداشتيين فقط بالدخول إلى المجالس المحلية.